إطلاق سراح البرغوثي بين التأييد والمعارضة
الأربعاء، 16 تشرين الثاني، 2011
عندما طلب الرئيس الفلسطيني محمود عباس من إسرائيل مؤخراً، الإفراج عن مزيد من السجناء الفلسطينيين قبل أي مفاوضات محتملة، فإنه بذلك يضع شرطاً كان يدرك على الأرجح أن إسرائيل سوف ترفضه. أحد السجناء على لائحته، وهو أحمد سعدات، متهم بإعطاء أوامر لأفراد تنظيمه بقتل وزير إسرائيلي متشدد. والأهم من ذلك، هو سجين آخر إذا تم إطلاق سراحه، سرعان ما ستطغى شعبيته على الأرجح، على شعبية الرئيس الفلسطيني محمود عباس. وذلك لم يغب عن القادة الإسرائيليين.
في الواقع، أن مسألة الإفراج عن مروان البرغوثي، الذي يعتبر الزعيم الفلسطيني الوحيد الذي يتمتع بالثقة الكاملة لدى حركة فتح والشعب الفلسطيني، احتلت مكاناً بارزاً في المشاورات رفيعة المستوى في إسرائيل، كوسيلة للرد على محاولة عباس طلب الاعتراف بالدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة، وكوسيلة لاستنهاض جيل من القادة الفلسطينيين الجدد.
ودعا معسكر السلام الإسرائيلي في كثير من الأحيان، إلى إطلاق سراح البرغوثي، لكن المؤسسة الأمنية عارضت ذلك بشدة. فقد اتُهم الناشط السياسي البالغ من العمر 52 عاماً، من جانب إسرائيل بتوجيه العديد من الهجمات والتفجيرات الانتحارية ضد الإسرائيليين، وحكم عليه في عام 2004 بالسجن المؤبد خمس مرات.
ولكن في السنوات الأولى من حياته كزعيم للطلبة الفلسطينيين، ومن ثم عضوا في المجلس التشريعي الفلسطيني، فتح البرغوثي أيضاً قنوات اتصال، ليس مع اليسار الإسرائيلي فحسب، ولكن أيضا مع يمين الوسط الإسرائيلي، لأنه كان يعتقد أنه لا يمكن التوصل إلى اتفاق مع "دعاة السلام" فقط. يجيد البرغوثي التحدث باللغة العبرية، ويؤمن بفكرة الدولتين، وفي الوقت الذي أعلن لنظرائه عن الطابع الإسلامي للدولة الفلسطينية المقترحة، فإنه فخور بكونه مسلماً معتدلا.
وقبل كل شيء، لم يكن للبرغوثي صلة بالفساد. وحينما كان طالباً في جامعة بيرزيت في رام الله، سخّر جهوده الأساسية في مخيمات اللاجئين، من خلال العمل الاجتماعي وتوفير المساعدات للمرضى والفقراء وتنظيف الشوارع.
وفي عام 1987 تم نفيه من قبل رئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل اسحق رابين، الذي كان وقتئذ وزيرا للدفاع، وذلك بسبب دوره في الإعداد لأول انتفاضة، الأقل عنفاً. وفي عام 1995 كان من بين مؤسسي تنظيم "فتح" المسلح، الذي لعب دوراً أساسيا في الانتفاضة الثانية، الأكثر دموية من الأولى. إذن، لماذا يدرس الإسرائيليون، بما في ذلك بعض ممن هم في جهاز الاستخبارات، بجدية الإفراج عن البرغوثي؟
لسبب واحد، هو أنه و"تنظيمه المسلح"، يمثلان الجيل المقبل من القادة العلمانيين الفلسطينيين. أحد أكبر الأخطاء التي وقعت فيها المؤسسة الإسرائيلية والمبعوثون الأميركيون على مدى العامين الماضيين، هو الفشل مرة أخرى في فتح قنوات خلفية مع "تنظيم فتح"، وهو المجموعة التي تجاهلتها السلطة الفلسطينية.
كذلك، يشكل البرغوثي فريقاً قوياً في القيادة مع رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض. وشأنه شأن البرغوثي، يعتبر فياض فوق أي تعاملات مشبوهة. المشكلة أن فياض يعتبره الفلسطينيون مهنياً، في منصب الرئيس التنفيذي للسلطة الفلسطينية، لكنه ليس زعيماً لها. ويعتقد العديد من الخبراء أن المفاوضين الإسرائيليين والغربيين، ينبغي عليهم تشجيع التعاون بين فياض والبرغوثي، وتأييد تنظيم البرغوثي، لأن من شأن ذلك أن يجلب تأييدا جوهرياً لفياض وإصلاحاته، من جانب الفلسطينيين.
المصدر: صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية