احتجاجات الشارع الفلسطيني: تململ من تخفيضات فياض
الأربعاء، 12 أيلول، 2012
يبدو أن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة الفلسطينية بخفض الأسعار والقيمة المضافة للحد من الأزمة التي تجتاح الأراضي الفلسطينية منذ أسابيع احتجاجاً على الغلاء، لم تكن كافية بالنسبة للمتظاهرين، الذين طالبوا بالمزيد من الخطوات لدعم صمود الفلسطينيين وتحسين ظروفهم المعيشية.
وخرجت عدة تظاهرات في الأراضي الفلسطينية بعد قرارات الحكومة الفلسطينية وإن كانت اتخذت طابعاً أقل عنفاً من اليوم السابق، ودعت الحكومة إلى مراجعة سياساتها الاقتصادية، والبحث عن المزيد من الحلول لإنهاء الأزمة، وإن كانت اللهجة الداعية إلى رحيل رئيس الحكومة سلام فياض قد خفت حدتها.
وشهدت الأراضي الفلسطينية موجة من الاحتجاجات بدأت الأسبوع الماضي، وتركزت مطالبها في شقين، أحدهما سياسي يدعو لرحيل فياض وحكومته، وآخر اقتصادي يطالب بتحسين ظروف الحياة ومحاربة غلاء الأسعار.
ورداً على هذه المطالب وبعد اتسام بعض التظاهرات بالعنف، وإثر سلسلة من الاجتماعات التي عقدتها الحكومة الفلسطينية مع قطاعات مختلفة، اتخذت الحكومة مجموعة إجراءات لحل الأزمة من بينها إعادة أسعار الوقود إلى ما كانت عليه وخفض قيمة الضريبة المضافة بنسبة 0,5 في المئة.
وقال فياض خلال مؤتمر صحافي في رام الله إن مجلس الوزراء الفلسطيني قرر خفض الضرائب التي كانت ارتفعت مؤخراً، وأعاد سعر المحروقات التي ارتفعت بنسب تتراوح بين اثنين وثمانية في المئة إلى وضعها السابق، وهي الديزل والسولار وغاز الطهو باستثناء البنزين.
ويدفع الفلسطينيون ضريبة مضافة على المشتريات بقيمة 15 في المئة بعد تخفيضها بنسبة نصف في المئة، فيما كان ارتفع سعر لتر الديزل ليصل إلى حوالي 1,8 دولارات، وأنبـوبة الغـاز من فئة 12 كيلـوغراماً حـيث وصـل سـعرها قبل التخفيض إلى 21 دولاراً.
وأعلن فياض أيضاً أن الحكومة الفلسطينية قررت تكثيف الرقابة من أجل منع التلاعب في الأسعار، ووضع آليات لتحديد هامش الربح من قبل التجار، بالإضافة إلى دفع كافة الاستردادات الضريبية لقطاع الزراعة ما يعني التأثير إيجاباً في سعر الخضار والفاكهة.
إلى ذلك، قررت الحكومة وفقاً لفياض دفع نصف رواتب الموظفين هذا الشهر واستكمال الجزء الباقي بعد أسبوع، كما وعدت بالخروج بنتائج وتحديد الحد الأدنى للأجور قبل نصف الشهر المقبل، ويفترض أن تؤدي المفاوضات على الحد الأدنى للأجور إلى رفعها وتحسينها.
وبحسب فياض فقد قابلت كل هذه الخطوات التي اتخذتها الحكومة إجراءات تقشف لتعويض الفارق من خلال خفض رواتب الفئات العليا ووقف أي نفقات جديدة وترشيد النفقات في كل الوزارات باستثناء الصحة والتعليم.
أما الفصائل الفلسطينية فرفضت بدورها قرارات الحكومة الفلسطينية واعتبرتها غير كافية على اعتبار أنه عليها مراجعة كافة سياساتها الاقتصادية. وقال الأمين العام لـ«حزب الشعب الفلسطيني» بسام الصالحي إن الإجراءات المتخذة غير كافية، ويجب مراجعة سياسات الحكومة في إطار حوار وطني، يتمكن من زيادة الدعم لصمود المواطنين، وتمكينهم من التصدي للاحتلال».
وتظاهر الآلاف في رام الله استجابة لدعوة «الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين» أمام مقر الحكومة مطالبين بإنهاء اتفاقية باريس الاقتصادية وبرحيل السلطة الفلسطينية على الفور. ورفع المتظاهرون شعارات من بينها «لا للغلاء لا للتهجير»، «من المسؤول عن تجويع شعبنا»، و«من المسؤول عن إفقار العمال والعاملات».
وقال المتحدث الإعلامي باسم اللجنة العليا لقطاع النقل العام إبراهيم عوض الله إن «الحكومة لم تعمل تخفيضات حقيقية لتتوافق مع احتياجاتنا كما أن هذه التخفيضات لا تمنع رفعها خلال الفترة المقبلة»، مشيراً إلى أن «خفـض اسعار السولار من 7,15 شيكـلات (1,8 دولارات) الى 6,85 شيكلات (1,7 دولارات) ليس له معنى».
وتعبيراً عن رفض الإجراءات التنفيسية، أعلنت نقابات واتحادات العمال ومجالس الطلبة والنقل العام، عن إضرابات جزئية في الجامعات والنقل العام في الضفة الغربية.
وأعلنت الهيئة العليا للتنسيق بين مجلس اتحاد نقابات العاملين ومجالس الطلبة في الجامعات عن إضراب عام في كافة الجامعات اليوم احتجاجاً على «عدم تلبية الحكومة مطالبهم». كذلك، أعلنت نقابات النقل العام عن إضراب جزئي لمدة ساعة اليوم وغداً.
وذكرت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية أنه تسود في إسرائيل تخوفات شديدة من أن يتسبب الوضع الاقتصادي في الضفة الغربية في اندلاع انتفاضة ثالثة، مشيرة إلى أن استمرار الاحتجاجات وتدهور الأوضاع الاقتصادية سيضعفان السلطة والأجهزة الأمنية في مقدمة لانهيارها.
من جهة ثانية، استكملت سلطات الاحتلال بناء القسم الغربي من جدار الفصل العنصري حول معبر رأس الخميس قرب مخيم شعفاط قرب القدس بالرغم من قرار وزارة الدفاع الإسرائيلية بتأجيل إغلاق المعبر.
وفي سياق مواز، أرغمت بلدية الاحتلال في القدس المواطن المقدسي سامي أبو دياب على هدم جزء من منزله في حي عين اللوزة في سلوان في جنوبي المدينة المحتلة.
وقال أبو دياب لوكالة «وفا» إن البناء المضاف عبارة عن شُرفة بمساحة 60 متراً مربعاً، مشيراً إلى أن الهدم جاء بحجة عدم وجود ترخيص. وأضاف ‘استلمت القرار الأسبوع الماضي وبالنسبة لي فإن هدم البناء ذاتياً يكلفني أقل من أن تقوم قوات البلدية بذلك، بالرغم من صعوبة هذا علينا، فمنزلي أيضاً يعيش فيه ستة أشخاص ومهدد بالإزالة في أي وقت، لعدم منحي ترخيص بناء».
(«السفير»، أ ش ا)