القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الإثنين 13 كانون الثاني 2025

الأسير الطقطوق .. ربع قرن في الأسر ثلثها ممنوع من الزيارة

الأسير الطقطوق .. ربع قرن في الأسر ثلثها ممنوع من الزيارة
 
 
الخميس، 08 آذار، 2012
 
بعد سنة من الآن، يكون قد مضى على الأسير الفلسطيني إبراهيم الطقطوق ربع قرن في سجون الاحتلال. يعيش بعين واحدة بعد أن أفقده الرصاص الصهيوني إحدى عينيه، إلا أن الاحتلال يسعى منذ سنوات إلى انتزاع قلبه بحرمانه من زيارة أهله .. والحجة عدم وجود أقارب له!.

حُرم في ثلث محكوميته المؤبدة الأخير (ثماني سنوات)، من زيارة أي من أفراد عائلته، بحجة فقدانه لـ "قرابة الدرجة الأولى"، بعد وفاة والديه. حيث توفيت والدة الأسير إبراهيم لطفي حلمي الطقطوق (40 عامًا) من مدينة نابلس بشمال الضفة الغربية المحتلة بعد خمسة عشر سنة من اعتقاله، بعدما كان قد فقد والده قبل حوالي ثلاث سنوات من هذا الاعتقال. وقبل هذا المنع قّلت زيارات والدته في سنوات عمرها الأخيرة بشكل كبير بسبب مرضها وكبر سنها.

"عمليات السواقيف" ..

في أوج الانتفاضة الأولى، حيث كان الفلسطينيون يحملون الحجر ويبحثون عن وسائل لمقاومة المحتل والوقوف أمام ترساناته العسكرية، حيث ابتكروا وسيلة جدية كان من شأنها زرع الرعب في قلوب جنود الاحتلال، خصوصًا عند دخولهم للمدن والقرى الفلسطينية، وعُرفت هذه الوسيلة بـ "عمليات السواقيف"، حيث كان يعمل الشبان الفلسطينيون على إسقاط الحجارة الكبيرة من أسطح البنايات على رؤوس جنود الاحتلال، خلال ملاحقتهم لهم وقيامهم بعمليات المداهمة والتفتيش لمنازل المواطنين الفلسطينيين.

كان إبراهيم الطقطوق، أحد هؤلاء الشبان، فنفذ وعمره لم يتجاوز السادسة عشر مع رفيق الأسير سمير النعنيش عملية أسقطوا خلالها حجرًا كبيرًا على رأس أحد جنود الاحتلال ليردوه قتيلاً، حيث تمت ملاحقتهما وإطلاق النار عليهما، الأمر الذي أدى لإصابة إبراهيم برصاصة أفقدته عينه اليمنى، وظل بعدها مطلوبًا لقوات الاحتلال التي هدمت منزل ذويه بعد عدة أشهر، حتى تم اعتقاله في الثالث من شهر آذار (مارس) عام 1989، وحُكم عليه بالسجن المؤبد، ليبدأ مرحلة جديدة من المعاناة داخل سجون الاحتلال.

بعد وفاة الوالدة .. لا زيارة

وتوضح سهام الصابر، ابنة شقيقة الأسير الطقطوق، في حديثها مع "قدس برس" بأن سلطات الاحتلال وخلال السنوات الثماني الماضية والتي تبعت وفاة جدتها؛ حرم أشقاءه من زيارة خالها، فشقيقه كما قالت "ممنوع من ذلك لأسباب أمنية غير معروفة، وكذا شقيقته الكبرى والتي كان يسمح لها بزيارته كل عام حُرمت من ذلك للأسباب ذاتها".

وتشير إلى أن الشقيقة الثانية للأسير إبراهيم كان سبب منعها من الزيارة "مضحكٍ مبكٍ، وهو أنه لا صلة قرابة بين الأسير وشقيقته، حيث لم تتمكن من زيارته ورؤيته منذ أربعة عشر سنة"، وتساءلت "بأي الأعراف يكون ذلك، حيث يُحرم الأسير من التواصل مع ذويه وأي القوانين تشرع هذا الظلم وهذه العنجهية"، كما تقول.

وأضافت الصابر بأنه خالها إبراهيم "محروم من التواصل مع أشقائه، وأنهم لا يعلمون عنه إلا القليل، وذلك عبر ما يصلهم من أخبار عن طريق ذوي أسرى فلسطينيين يتمكنوا من زيارة أبنائهم الموجودين معه في السجن نفسه الذي يحتجز به، كما أنهم يجدون صعوبة بالغة في تزويده بما يحتاجه من ملابس بعد حرمانه من الزيارة طوال هذه الفترة، مشيرة إلى "أن إدارة السجون الإسرائيلية تتعمد نقله إلى سجون بعيدة عن مكان سكنه لتزداد صعوبة التواصل معه، حيث تحتجزه في سجن "ريمون" في صحراء النقب (جنوب فلسطين المحتلة عام 48).

وتعتبر معاناة الأسير إبراهيم الطقطوق في سجنه وحرمانه من زيارة الأهل، نموذج صارخ لمعاناة الأسرى والحرمان من الأسر، والذي يتكرر مع مئات الأسرى، لا سيما ممن ينحدرون من قطاع غزة، وذلك منذ أكثر من ست سنوات، منذ أن تم أسر الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط.

يقول المختص بشؤون الأسرى ثامر سباعنة لـ "قدس برس"، إن زيارة الأسير "حق مكفول في القوانين والأعراف الدولية، إلا أن الاحتلال الإسرائيلي يضرب بكل هذه الحقوق عرض الحائط متذرعًا بحجج أمنية غير واضحة أو معلنة".

وأشار سباعنة وهو أسير محرر بأن "إدارة السجون الإسرائيلية تستخدم منع الزيارة كعقوبة للأسرى، لعدم استجابتهم لبعض قوانينها داخل السجون، بحيث يتم حرمان الأسير عدة أشهر من الزيارة جراء ارتكابه "مخالفات" وفق زعمها، بالإضافة لاتخاذها وسيلة عقاب ضد الأسرى بعد قيامهم بخطوات احتجاجية ضد إجراءات وممارسات إدارات السجون بحقهم".

كما لفت الأنظار إلى أن "الاحتلال جعل من حرمان الأسرى من زيارة ذويهم سياسة يتبعها بحقهم وبحجج أمنية لا يفصح عنها، كما أنه يتخذ من عدم وجود "أقارب من الدرجة الأولى" للأسير حجة أخرى لحرمانه من الزيارة دون أن يسمح أو يسهل له التواصل مع بقية عائلته أو الحصول على احتياجاته من ملابس وغيرها" حسب قوله.

قطع صلة القرابة بأمر عسكري ..

ويوضح الناشط في "المركز الفلسطيني للدفاع عن الأسرى" بأن سلطات الاحتلال تقول بأن منعها الأسير من زيارة أحد أقاربه يرجع لـ "عدم وجود صلة قرابة"، وهذا ما حصل مع بعض الأسرى، حيث ادعى الاحتلال أن لا صلة قرابة تربطهم مع آبائهم أو أمهاتهم أو أحد أشقائهم بالرغم من وجود أوراق ثبوتية بذلك، كما أن إدارة السجن الذي يحتجز به الأسير تعمد إلى نقله من ذلك السجن في نفس يوم زيارة عائلته في وسيلة جديدة لحرمانه من هذا الحق ولتنغيص عليه وعلى عائلته.

ويشير إلى أن فلسطينيي الأراضي المحتلة عام 48 كانوا يتبنوا أسرى محرومين من التواصل مع ذويهم، ويقوموا هم بزيارتهم وتزويدهم بكل ما يحتاجونه، إلا أن إدارة السجون الإسرائيلي ومعه القضاء منع ذلك لاحقًا وحرم الأسرى من هذه الزيارات".

واعتبر سباعنة أن هناك تقصير مؤسساتي وقانوني بمتابعة هذه القضية، وطالب "بضرورة قيام المؤسسات الحقوقية والمدافعة عن الأسرى بدور أكبر للضغط على سلطات الاحتلال للسماح لكافة الأسرى بالتواصل مع ذويهم، وعدم حرمانهم من أبسط الحقوق المكفولة لهم، والعمل كذلك على ملاحقة إدارة السجون قضائيا لوقف كافة الإجراءات والانتهاكات بحق الأسرى الفلسطينيين داخل السجون وتوفير كافة احتياجاتهم الحياتية بعد أن حرمهم الاحتلال الحرية والعيش بين عائلاتهم وأبنائهم".

المصدر: المركز الفلسطيني للإعلام