الأونروا تمد جسور التطبيع.. ومعلمو الوكالة يقاطعون تدريس "الهولوكست"
الوكالة تستبدل اسم فلسطين في خرائطها بالضفة الغربية وإلى جانبها "إسرائيل"
نادية سعد الدين - عمان
في وقت تمد وكالة الغوث الدولية للاجئين الفلسطينيين (الأونروا) جسور التطبيع الثقافي والتعليمي مع الاحتلال الإسرائيلي، قاطع معلمون تدريس مناهج إضافية تتناول تجربة "الهولوكست" والتعايش السلمي في سياق مفاهيم حقوق الإنسان.
وقالت مصادر مطلعة إن "الأونروا تدفع بخطوات متسارعة أمام طلبتها وموظفيها نحو التطبيع، تحت ضغوط غربية وإسرائيلية، ما يشكل خطورة كبيرة وحرفاً عن المسار الذي أنشئت من أجله".
وأضافت إلى "الغد" إن "الوكالة تتخذ إجراءات مشبوهة في إطار ما تصنفه بمواد إثرائية إضافية تتعلق "بتعليم وتعلم مفاهيم حقوق الإنسان والتسامح والتواصل اللاعنفي وحل النزاعات"، الذي أدخلته ضمن مناهجها كجزء حيوي من البرنامج التعليمي للوكالة، بتمويل ألماني".وأوضحت بأن "الأونروا تلتزم بمناهج الدول المضيفة للاجئين الفلسطينيين، ولكنها قدمت مواد إغنائية وإضافية تتعلق بحقوق الإنسان، حيث تقدم تجربة "الهولوكست" والتعايش السلمي وتقبل الآخر والإقرار بحقوقه ضمن سياق تلك المواد".وتحت عنوان ذلك البرنامج، "زار وفدان ألماني وأميركي مدارس الأونروا في الأردن مؤخراً، على فترات متلاحقة، حيث التقيا بالطلبة، بخاصة ضمن المراحل الدراسية من صفوف الثامن والتاسع والعاشر، وتحدثوا معهم عن قضايا تتعلق بالدين وبالنسيج الثقافي والأخلاقي، وبحق العودة وضرورة القبول بالأمر الواقع"، وفق قول المصادر.ودار الحديث حول إمكانية تغيير الديانة، حيث "لا ضير في التحول من الإسلام إلى اليهودية"، بينما حاول الوفد الألماني إقناع الطالبات بإمكانية الارتباط بشخص يهودي، سواء من خلال صداقة أو زواج، باعتبار ذلك حقاً من حقوقهن في الاختيار، كما تحدث عن ضرورة تقبل الآخر "الإسرائيلي"، والتعايش السلمي معه والإقرار بحقه والتنازل عن الحقوق من أجل حل "الخلافات"، وليس الصراع.بينما تنظم الأونروا زيارات لطلبة مدارسها إلى الخارج، بخاصة ألمانيا والولايات المتحدة، وإقامة معسكرات شبابية طلابية مختلطة من اللاجئين الفلسطينيين ومن الإسرائيليين، وتدريس مفاهيم التعايش والتسامح وقبول الآخر والإقرار بحقوقه.وتخصص تلك الزيارات مساحة زمنية واسعة لارتياد متحف "الهولوكست" في ألمانيا، ومعارض في الولايات المتحدة تتحدث عن قضايا حقوق الإنسان وتجربة ما يسمى "محرقة اليهود"، وجانب يتعلق بالشعب الفلسطيني.ولكن "وفد الطلبة من اللاجئين الفلسطينيين رفضوا في آخر زيارة لهم مؤخراً إلى ألمانيا ارتياد متحف "الهولوكست"، رغم الضغوط الرسمية الألمانية التي مورست عليهم لثنيهم عن رأيهم، من دون طائل"، بحسب المصادر نفسها.وأوضحت إن "وفوداً أجنبية تقوم بزيارات متتابعة إلى مدارس الوكالة ومخيمات اللاجئين الفلسطينيين في الأردن، وتطرح تساؤلات مشبوهة عن مدى تشبث اللاجئين بحق العودة وتقبلهم للتوطين".بينما "وزعت الأونروا قبل أيام خرائط لمناطق عملياتها الخمس (الأردن وسورية ولبنان والضفة الغربية وقطاع غزة)، بعد حذف اسم فلسطين منها، واستبدالها بالضفة الغربية وقطاع غزة، إلى جانب "إسرائيل".كما "فعلت الوكالة عملاً مشابهاً في أجندة وزعتها مؤخراً، ولكنها اضطرت إلى سحبها تحت ضغوط العاملين واللجان الفاعلة للدفاع عن حق العودة".من جانبه، قال النائب السابق عن مخيم البقعة محمد عقل إن "الأونروا تقوم منذ فترة بإجراءات مشبوهة، وبدور مسيّس ومنسق مع المانحين الدوليين والكيان المحتل، لتجفيف ينابيع ثقافة العودة وقبول الحق الإسرائيلي في الأراضي المحتلة والتخلي عن مطالب العودة والتحرير". وأضاف إلى "الغد" إن "الوكالة تتجاوز في ذلك الأنظمة والقوانين المعمول بها في الدول المضيفة، وتنحرف عن الميثاق الأممي وعن الأسس التي أنشئت من أجلها".وأعرب عن استيائه واستنكاره "لمحاولات الوكالة اختراق البنية الثقافية والمنظومة القيمية والأخلاقية والدينية للطلبة الفلسطينيين، والتشكيك في معتقداتهم، من خلال زيارات الوفود الأجنبية".ولفت في هذا السياق إلى "زيارة الوفد الأميريكي مؤخراً الذي حاول التشكيك في العقيدة الإسلامية والموروث الحضاري الإسلامي العظيم في التعامل مع المرأة والطفل والآخر، وفي بعض الثوابت الدينية تجاه الأديان الأخرى".وأكد رفضه تضمين مناهج الأونروا أي حديث عن "المحرقة"، حيث "يتوجب عليها تضمين مناهجها بقضية اللاجئين الفلسطينيين وبجرائم الاحتلال الإسرائيلي المتواصلة ضد الشعب الفلسطيني، والتي تختبرها الوكالة أكثر من غيرها طيلة سنوات عمرها الستين".وبين بأن "الهيئة الدولية لم تجد في معاييرها ما يمكنها من "المعاملة بالمثل"، بتخصيص أيام لإحياء ذكرى "الهولوكست الفلسطيني" على امتداد تواريخ النكبة والنكسة وما بعدهما، على يد الكيان المحتل".من جانبه، رأى أمين سر اللجنة العليا للدفاع عن حق العودة للاجئين الفلسطينيين/ الأردن طلعت أبو عثمان أن "الدول المانحة تمارس ضغوطاً على الأونروا لحرفها عن المسار الذي أنشئت من أجله".وقال إلى "الغد" إن "البرنامج الذي تقدمه الوكالة في سياق ما تصفه بمواد إثرائية إضافية تتعلق بحقوق الإنسان، يحمل في باطنه تطبيعاً وتقبلاً للمحتل الإسرائيلي وإقراراً بحقوقه، حتى لو كانت على حساب الحقوق العربية الفلسطينية المشروعة، وبضرورة التعايش السلمي معه وحل الخلاف، وليس الصراع الذي يخلو البرنامج من إيراده". وأكد رفض اللجنة "تضمين ما يسمى تجربة "الهولوكست" في سياق برنامج حقوق الإنسان، باعتبارها مزاعم اتخذت ذريعة لتهجير اليهود من ألمانيا وأوروبا إلى فلسطين وتنفيذ المشروع الصهيوني"، مطالباً ضرورة "تضمين مناهج الوكالة بالنكبات الفلسطينية المتلاحقة على يد الاحتلال، وبجرائمه ضد الشعب الفلسطيني المتواصلة حتى اليوم".
ويشار إلى أن إدارة الأونروا تقول بأنها "لا تطبع كتباً منهجية وإنما تنفذ برنامج تعليم حقوق الإنسان، الذي يقدم مناهج إثرائية إضافية تدمج في الحصص الدراسية المتعلقة تحديداً بالدين والاجتماعيات، مع تخصيص أوقات زمنية لها، وأنها تتحدث عن تجربة "الهولوكست"، كما تهدف إلى تعزيز فهم الطلبة بحقوق الإنسان الفلسطيني المدنية والسياسية باعتباره يرزح تحت الاحتلال".
المصدر : جريدة الغد الأردنية