القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي

"التوتو".. رصاص القتل الصامت

"التوتو".. رصاص القتل الصامت

بيت لحم - المركز الفلسطيني للإعلام

على سريره في مستشفى بيت جالا الحكومي يرقد محمد متأوهًا من الألم بعد أن أصيب برصاصة من نوع "التوتو" -حسب ما قاله الأطباء له- في فخذه الأيمن خلال مشاركته بمظاهرة نحو برج الاحتلال العسكري قرب مسجد بلال بن رباح شمال مدينة بيت لحم جنوب الضفة المحتلة.

ويروي محمد -والذي فضل عدم ذكر اسمه كاملا خشية الاعتقال- لمراسل "المركز الفلسطيني للإعلام" أنه وخلال مشاركته في المظاهرات ضد سياسة الاحتلال في المسجد الأقصى، أصيب قبل نحو عشرة أيام في فخذه الأيمن برصاصة من نوع (0.22) أو ما يعرف محليًّا بـ"التوتو"، ما أدى إلى تفجرها داخل فخذه، وتفتيت عظامه والعضلة في الفخذ.

ويؤكد محمد أن الأطباء عجزوا عن إخراج كل الشظايا التي خلفتها الرصاصة في جسده، وأشاروا له بأن هناك خطرًا كبيرًا على رجله قد يصيبها إن عملوا على إخراج كل الشظايا لوجود بعضها بين تجمعات للشرايين والأعصاب.

رصاص الـ"توتو" يطلق من سلاح خاص يسمى "روجر"، ولا يصدر عنه صوت عند إطلاقه، ولا يشعر الإنسان بأنه أصيب به إلا بعد أن يسقط على الأرض من أثر الإصابة، التي قد تكون قاتلة أحيانًا.

رصاصة بدون نزيف

من جهته يقول مدير الإسعاف والطوارئ في نابلس عبد الحليم جعافرة: "إن رصاصة "التوتو" تحتوي على العديد من الشظايا، والتي عندما ترتطم بجسم صلب تتشظى إلى أجزاء صغيرة، وتنتشر في المكان المصاب".

ويضيف جعافرة: "إن مدخل الرصاصة لا يزيد عن حجم حبة "الحمص"، لكنه عمليًّا داخل الجسم يكون تدميره كبيرًا ولا يصاحبه الكثير من النزف، كما أن صوت الرصاصة عند إطلاقها عادة ما يكون أقرب إلى إطلاق الرصاصة مع كاتم الصوت".

وعن طرق العلاج، يقول جعافرة: "غالبًا لا يكون هناك أي تدخل جراحي، وهذا يعود للجراح نفسه إذا ما أراد إزالة هذه الأجزاء، كونها تحتاج إلى ملاقط صغيرة وأجهزة دقيقة جدًّا لتخليص الجسم من هذه الجزيئات أو جزء منها". نتائجها: "التهاب أو استئصال أو بتر".

وفي سؤال لمراسلنا عن نتاج هذه الإصابات، يجيب جعافرة: "إنه أسوة بأي جسم غريب يدخل الجسم، يؤدي إلى حدوث التهابات بكتيرية وتسممات، وقد يحدث تلف في النسج العضلي، وقد ينتج عنه حدوث "غرغرينا"، ويضطر الطبيب الجراح إلى استئصال جزء معين من نسيج داخل الجسم أو حتى الجزء كاملا".

الاحتلال يعترف

هذا ما أكدته صحيفة هآرتس العبرية قبل نحو عامين؛ حيث قالت إن جيش الاحتلال أعاد استخدام رصاص "التوتو" المحرم دوليًّا، في فضه الاعتصامات والمظاهرات، وبرر ذلك بدفاع الجنود عن أنفسهم.

وقالت الصحيفة العبرية: "إن رصاص "التوتو" يُطلق من بندقية تسمى "روجر" ويُعيّن قناص خاص لهذه المهمة"، أما ناشطون فلسطينيون فيؤكدون أن سلطات الاحتلال تستخدم هذا الرصاص عند احتدام المواجهات، وهو سلاح قاتل ويعبر عن قوة مميتة ومفرطة في مقابل فضّ اعتصام سلمي لا تستخدم فيه إلا الحجارة والإطارات المشتعلة.

الصحة الفلسطينية تؤكد

وقد قال وزير الصحة الفلسطيني الدكتور جواد عواد: "إن قوات الاحتلال الصهيوني استخدمت الرصاص الحي بأنواعه المختلفة ورصاص "التوتو"، وقد وُجه إلى المناطق العلوية من أجساد المواطنين، ما يعني أن الرصاص أطلق بقصد القتل أو إحداث الإعاقة".

في حين أشار أسامة النجار، المتحدث باسم وزارة الصحة الفلسطينية، إلى أن الاحتلال "يستخدم رصاصًا ممنوعًا ومحرمًا دوليًّا يعرف بـرصاص "التوتو"، وهو يستخدم ضمن أسلحة كاتم الصوت لا يشعر الجريح بإصابته عند إطلاق الرصاص عليه".

واستشهد عدد كبير من الشبان والفتية بهذا النوع من الرصاص، ليس آخرهم الطفل عبد الرحمن شادي عبيد الله (13 عامًا)، أثناء لهوه بالقرب من نقطة التماس مع جيش الاحتلال على مدخل مخيم عايدة شمال بيت لحم.

ويبقى الشعب الفلسطيني الأعزل واقعًا في دائرة القوة المميتة في قمع مظاهراته من الاحتلال، مع صمت العالم الذي يضعه في دائرة الشراكة، مع مرتكب كل الجرائم بحق الشعب الفلسطيني.