"الحرية تبدأ بمعركة"..فلسطينيون أسرى
يقارعون الاحتلال بأمعائهم
الإثنين، 17 نيسان، 2017.
يخوض آلاف الأسرى الفلسطينيين داخل السجون
الإسرائيلية، الاثنين (17 أبريل/نيسان)، أكبر معركة مفتوحة عن الطعام في تاريخ الحركة
الأسيرة، يطرقون بها باب الحرية، بعد أن سلبت سلاسل السجان الثقيلة أبسط حقوقهم، فدفعوا
الثمن شبابهم وحياتهم خلف القضبان.
معركة "الأمعاء الخاوية" كما
يفضل أن يسميها الأسرى، يشارك فيها أكثر من 1700 أسير فلسطيني من مختلف الفصائل، بقيادة
عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح"، الأسير مروان البرغوثي، الذي قرر أن يواجه
الاحتلال ويصعد من خطواته ضد السجان في ذكرى يوم الأسير الفلسطيني.
ويصادف اليوم ذكرى يوم الأسير الفلسطيني
"17 أبريل/نيسان"، ويقبع داخل سجون الاحتلال 6500 أسير؛ من بينهم 300 طفل
و56 امرأة؛ ومن بينهم 500 أسير للاعتقال الإداري، و13 نائباً في المجلس التشريعي (البرلمان)
أقدمهم مروان البرغوثي المعتقل منذ عام 2002، بحسب مراكز رسمية وحقوقية.
- طريق الحرية يبدأ بمعركة
وفي أول حديث حصري مع زوجة الأسير مروان
البرغوثي، المحامية فدوى، عضوة المجلس الثوري لحركة "فتح"، أكدت لـ"الخليج
أونلاين"، أن إضراب الأسرى الذي يقوده زوجها مروان داخل السجون هو محاولة لطرق
أبواب الحرية، "بعد أن استغنى عن قضيتهم القريب والبعيد".
وقالت البرغوثي: إن "الأسرى داخل السجون
الإسرائيلية يعانون من ممارسات السجان القمعية والهمجية بحقهم منذ سنوات طويلة، إضافة
إلى التضييق على حياتهم اليومية داخل الأسر، وسلب أبسط الحقوق التي تكفلت بها كل المواثيق
والقوانين الدولية في التعامل مع الأسرى".
وبينت أن قرار الإضراب عن الطعام جاء بعد
سلسلة مشاورات داخلية بين الأسرى، حتى تم الاتفاق على خوضه في يوم الأسير الفلسطيني؛
لإحياء هذا اليوم أولاً، ومن ثم إعادة قضيتهم إلى الواجهة من جديد بعد التقصير الكبير
الذي أحاط بها منذ سنوات.
وتضيف البرغوثي: "زوجي (مروان) دخل
اليوم عامه السادس عشر داخل السجون الإسرائيلية، وقضيته لم يطرأ عليها جديد ولا يزال
خلف القضبان، ومحكوم عليه بالمؤبدات، وهو منذ 16 عاماً يدفع الثمن من حياته وحريته
دفاعاً عن فلسطين وأرضها".
وتؤكد أن إضراب آلاف الأسرى داخل السجون
جاء بعد فشل كل محاولات التوصل لتفاهمات مع مصلحة السجون، في توفير حياة "كريمة"
داخل السجون للأسرى، الذين يتعرضون للإهانة والإذلال والتفتيش العاري بشكل يومي، والحرمان
من الأكل والزيارات العائلية، ومشاهدة التلفاز والأغطية والملابس والتعذيب الوحشي.
واعتقلت سلطات الاحتلال القيادي البرغوثي
عام 2002، وقضت بالحكم عليه بالسجن خمسة مؤبدات وأربعين عاماً، بزعم تنفيذ "عمليات
مضادة للاحتلال".
وذكرت البرغوثي لـ"الخليج أونلاين"،
أن هذا الإضراب الأكبر في تاريخ الحركة الأسيرة عبارة عن المعركة الأولى على درب الحرية،
ويؤسس لصيانة وحماية كرامة الأسير الفلسطيني التي هي جزء لا يتجزأ من كرامة الشعب الفلسطيني.
زوجة الأسير مروان حذرت من تعرض الأسرى
المضربين للخطر، مؤكدةً أن معركتهم الآن "هي صمود وتحدٍّ من أجل الحرية وتحقيق
مطالبهم العادلة"، مطالبة الجميع بمساندة إضراب الأسرى لما لتلك الخطوة النضالية
من أهمية كبيرة لكل فلسطيني شريف.
وأضافت: "معنويات الأسير مروان المعتقل
في سجن "هداريم" عالية، وثقته بشعبنا والأسرى كبيرة"، مشيرة إلى أنه
سيساهم بشكل كبير وسيحاول بكل ما يستطيع أن يخلق فرصاً للأمل والحياة للشعب الفلسطيني.
وبسؤال "الخليج أونلاين" حول
مصير زوجها، وهل باتت "صفقة التبادل" هي الأمل الوحيد للإفراج عنه. أكدت
البرغوثي أن صفقات التبادل التي تتم بعد أسر جنود إسرائيليين هي إحدى الوسائل التي
يبنى عليها الأمل للإفراج عن الأسرى ذوي المحكومات العالية، ومن بينهم زوجها مروان.
وأكدت أن كل الوسائل باتت الآن متاحة لتحرير
الأسرى الفلسطينيين من قبضة الاحتلال، وكل فصائل المقاومة مطالبة ببذل كل الجهود وسلوك
كل الطرق حتى يتحرر الأسرى الذين لا يزالون يدفعون الثمن حياتهم وحريتهم في سبيل هذا
الوطن.
وفي حديثها لـ"الخليج أونلاين"،
حملت فدوى المستوى السياسي في السلطة مسؤولية التقصير في الدفاع والسعي للإفراج عن
زوجها العضو في اللجنة المركزية لحركة "فتح"، مؤكدةً أن السلطة وحركة
"فتح" مطالبون بتحرك جاد وعاجل لإنقاذ حياة الأسرى كافة، بمن فيهم زوجها
الأسير مروان.
ونال الأسير في السجون الإسرائيلية مروان
البرغوثي أكبر عدد من الأصوات في الانتخابات الداخلية لحركة فتح لاختيار أعضاء اللجنة
المركزية، والتي جرت في 3 ديسمبر/كانون الأوّل الماضي، بحصوله على 936 صوتاً، إلا أن
"فتح" تجاهلته ولم توكل له أي منصب، وفي حينها اتهمت فدوى "فتح"
بالانصياع وراء الضغوطات الإسرائيلية للاستغناء عن البرغوثي، وعدم توكيله أي منصب قيادي
في الحركة.
- النصر القريب
وتشهد السجون عملية تحشيد واسعة النطاق
للأسرى، يتم خلالها قراءة تعاميم وطنية لرفع مستوى عزيمة وهمة الأسرى للخطوة النضالية،
بعد سنوات من غياب خطوات مماثلة.
وحذرت اللجنة النضالية للأسرى في سجن هداريم
والمشكَّلة من مختلف الفصائل، إدارة مصلحة سجون الاحتلال من أي تصعيد تجاه الأسرى الذين
سيخوضون الإضراب المفتوح عن الطعام في 17 أبريل/نيسان الجاري.
الوزير عيسى قراقع، رئيس هيئة شؤون الأسرى
والمحررين الفلسطينيين، يؤكد أن معركة الأسرى هي خطوة نضالية جديدة يلجأ لها الأسرى
لنيل بعض من حقوقهم التي سلبها منهم المحتل، بخلاف كل القوانين والمواثيق الإنسانية
والحقوقية.
الوزير قراقع يقول لمراسل"الخليج أونلاين"
إن: "هذا الإضراب هو الأكبر في تاريخ الحركة الأسيرة، وقد ينضم له آلاف الأسرى
الآخرين خلال الساعات القليلة المقبلة، في محاولة للضغط على مصلحة السجون للاستجابة
لكل مطالبهم التي ينادون بها من سجونهم".
ويضيف: "معركة الأمعاء الخاوية وسيلة
نضالية هامة للغاية سيخوضها آلاف الأسرى الفلسطينيين، وانتصار الحركة الأسيرة في هذه
المعركة سيكون قريباً للغاية، بتحقيق مطالبها واستعادة هيبتها وقوتها في مواجهة التحديات
والممارسات التعسفية الإسرائيلية المتصاعدة في السنوات الأخيرة، ومنع الاحتلال من المس
بكرامة الأسير الفلسطيني".
وطالب جماهير الشعب الفلسطيني والمؤسسات
الوطنية الرسمية والشعبية بالمشاركة بفعاليات ومساندة الأسرى الفلسطينيين، إلى جانب
دعوته مؤسسات حقوق الإنسان لإلزام دولة الاحتلال "إسرائيل" باحترام القانون
الدولي، وكشف مخالفاتها للقانون في معتقلاتها.
بدوره أوضح قدورة فارس، رئيس نادي الأسير
الفلسطيني، أن طبيعة الإضراب "مطلبي"، وفي حالة نجاحه سيقود إلى حماية منجزات
الحركة الأسيرة الموحدة، وبخاصة بعد حالة الفردية التي سادتها في الآونة الأخيرة، مشيراً
إلى الانعكاسات الإيجابية على الواقع الفلسطيني المتردي في استعادة زمام الوحدة.
وحول أهمية إضراب الأسرى بشكل موحد بعد
موجة الإضرابات الفردية للأسرى، أكد فارس "الرسالة القوية التي يرسلها الإضراب
للاحتلال، باستعادتها صيغ العمل السابقة التي كانت رافعة للنجاحات التي حققتها على
مدار عقود من الزمن، ويمكن البناء عليها بتحسين الحالة في السجون، بما يضمن حماية منجزاتها
ولو في الحدود الدنيا".
وشدد على أن الإضراب مرتبط بنتائجه، ويستمر
ما استمرت قوات الاحتلال برفض الاستجابة لمطالب الأسرى، وطريقة تعامل مصلحة السجون
مع المطالب.
واستعرض فارس أهم المطالب التي رفعتها الحركة
الوطنية الأسيرة، بحسب الوثيقة التي أعدتها قيادات وكوادر الأسرى، والتي حُددت برزمة
من المطالب التي على إدارة مصلحة سجون الاحتلال تنفيذها ولو بشكل جزئي، خاصة في ثلاثة
موضوعات رئيسية.
وتابع فارس: "أولاً حق الأسرى في التواصل
مع عائلاتهم ومطالبتهم، لأجل هذا الغرض، بتركيب هواتف عمومية في جميع السجون ووضعها
تحت تصرفهم. وثانياً استعادة العائلات حقها المكتسب بزيارة أبنائها مرتين في الشهر
الواحد، كما كان متبعاً قبل المس بهذا الحق وإيقافه على زيارة واحدة. ثالثاً التوقف
عن إساءة معاملة عائلات الأسرى عند مرورها من الحواجز العسكرية، وخلال إتمام إجراءات
التفتيش عند دخولهم إلى السجون".
وأضاف أن سياسة الإهمال الصحي المتعمد،
والمماطلة في تعليم الأسرى سواء بالالتحاق بالتوجيهي أو الجامعة على سلم أولويات الإضراب.
-لماذا تسعى السلطة لإيقافه؟
صحيفة "إسرائيل اليوم" نقلت عن
مصدر فلسطيني قوله إن مسؤولين كباراً في السلطة بعثوا رسائل إلى القيادي في حركة فتح
الأسير مروان البرغوثي وزوجته، يطالبونه فيها بإلغاء إضراب الأسرى.
وأضاف المصدر، في عدد الصحيفة الصادر الأحد،
أن هدف البرغوثي من الإضراب استعادة نفوذه وقوته السياسية داخل فتح.
وكان البرغوثي قد بعث رسالة إلى الرئيس
عباس طالبه فيها بالتحرك "لتحرير الأسرى الفلسطينيين في معركة الإضراب".
كما طالب مؤسسات السلطة بمساندة إضرابه، ودعم الحراك الشعبي المؤيد له؛ تضامناً مع
الأسرى.
ودعا البرغوثي الشعب الفلسطيني "في
كل أماكن تواجده" إلى إطلاق أوسع حركة شعبية وطنية وسياسية؛ لمساندة الأسرى.
وبحسب المؤسسات الحقوقية فقد وثقت منذ بداية
الانتفاضة الثانية في سبتمبر/أيلول 2000 اعتقال "إسرائيل" لنحو 100 ألف فلسطيني،
ومنذ العام 1967 اعتقلت نحو 800 ألف فلسطيني، أو ما نسبته 20% من الشعب الفلسطيني.
وهناك المئات من الأسرى المرضى داخل السجون،
منهم نحو 20 أسيراً يقبعون في "عيادة سجن الرملة".
ويقبع في سجون إسرائيل حالياً 44 أسيراً
يطلق عليهم الأسرى القدامى؛ أي أولئك الذين مضى على اعتقالهم أكثر من 20 عاماً، وأقدمهم
الأسيران كريم يونس وماهر يونس واعتقلا في يناير/كانون الثاني 1983، وفق المعطيات الفلسطينية.
وقالت المؤسسات الفلسطينية: إن
"210 أسرى قتلوا أثناء وجودهم في السجون الإسرائيلية حيث أعدموا خارج إطار القانون،
أو نتيجة الإهمال الطبي، أو نتيجة عمليات القمع والتعذيب"، وكان آخرهم محمد الجلاد
من محافظة طولكرم الذي قتل في فبراير/شباط 2017.