القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي

الصحف الإسرائيلية: نتنياهو يقسم القدس

الصحف الإسرائيلية: نتنياهو يقسم القدس

القدس المحتلة: اتفقت تحليلات الصحف الإسرائيلية خلال الأيام السابقة، على أن «الواقع الذي تشهده مدينة القدس المحتلة، بعد نصب الحواجز العسكرية، ونشر الكتل الإسمنتية على حدود خطوط التماس، بين الشطرين الشرقي والغربي، ليست في واقع الحال إلا إقرار بأن القدس، على الرغم من التصريحات الإسرائيلية الرسمية، «غير موحّدة«.

ورأت الصحف أن «القدس مدينة تفصلها حواجز مادية محسوسة ومرئية، كالكتل الإسمنتية وحواجز التفتيش العسكرية«.

فوفقاً لمحللة الشؤون الحزبية سيما كدمون في «يديعوت أحرونوت»، فإن «القدس باتت أسيرة حواجز الخوف الداخلية، والحدود غير المرئية، التي سارع اليهود والعرب إلى استخراجها من الذاكرة وإعادة ترسيمها في أذهانهم، كبوصلة لهم في تحرّكهم. وهذا ما يُقسم المدينة في الممارسة الفعلية للفلسطينيين والإسرائيليين «.

وفي هذا السياق، تأتي انتقادات كدمون لضمّ نحو 28 قرية فلسطينية إلى القدس، بما في ذلك تلك الأقرب إلى رام الله، كقرية كفر عقب، شمال القدس، أو حي قلنديا، في مقابل ضمّ أحياء في الجنوب، مثل جبل المكبر وصور باهر وغيرها.

وطرحت كدمون فكرة إحياء خطة الوزير السابق حاييم رامون الذي اقترح «التخلّص من هذه الأحياء البعيدة». ولجأت إلى ادعاءات انتهازية مثل «مَن مِن اليهود في القدس زار مرة جبل المكبر أو رأس العامود أو مخيم شعفاط؟ ومن يعرف عنها شيئاً؟ وهل علينا دفع كل هذه الكلفة المالية، المتمثلة بمخصصات تأمين وطني وتأمين صحي لهذا العدد الهائل ومقابل ماذا؟«.

لكن مسألة «تقسيم القدس» أو «التخلّص من الأحياء البعيدة»، يعني الإبقاء عملياً على القدس الحقيقية التي احتُلَّت عام 1967، والمُتاخمة بطبيعة الحال للشطر الغربي.

وتُكشف كل هذه الدعوات التمهيد عملياً لواقع آخر، وهو الإبقاء على الأحياء المقدسية الأصيلة، والتي كانت جزءاً فاعلاً من القدس، قبل عام 1967، مثل وادي الجوز والشيخ جراح والمصرارة وغيرها، تحت قبضة الاحتلال، مع وجود عددٍ قليلٍ نسبياً من الفلسطينيين، يُمكن بالتالي السيطرة عليهم، على حد تعبيرها.

من جهته، اعتبر المعلق السياسي في «يديعوت أحرونوت» شمعون شيفر، في تعليقه على نشر القوات العسكرية في القدس ونصب الحواجز، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي نيامين «نتنياهو يُعيد تقسيم القدس خلافاً لتصريحاته». وإذا كانت الغاية من وراء التحليلات الصحافية إرباك نتنياهو ورد كيده ومزاعمه ضد رؤساء حكومات اليسار، للقول بأن «الواقع في القدس سيفرض هذا التقسيم»، إلا أن الموقف العام لا يؤيد فكرة رفض احتلال 1967 أو إعادة الشطر الشرقي من المدينة إلى الجانب الفلسطيني، بل «ترشيد الاحتلال» وعملية الضمّ، للتخلّص من أكبر قدر ممكن من الفلسطينيين الذين ضمّهم الاحتلال مع أحيائهم قسراً.

في المقابل، كانت لافتة عودة بعض المحللين إلى تذكير نتنياهو والإسرائيليين، بمخاطر استمرار الوضع القائم والزحف الاستيطاني لوأد أي أمل بحلّ الدولتين.

رأى المحلل باراك رافيد في صحيفة «هآرتس»، أن «ما يحدث اليوم هو مجرد عيّنة من ثمن وملامح الدولة الثنائية القومية، وفقدان إسرائيل لطابعها اليهودي في حال تعطّل حلّ الدولتين كلياً، وبتنا على عتبة دولة واحدة، إذ يكفي أن نرى مستقبل هذه الدولة من واقع القدس، مع وجود 370 ألف فلسطيني فيها، يُشكّلون 30 في المئة تقريباً من عدد السكان، فبعد سنواتٍ قليلة سيكون بمقدورهم انتخاب فلسطيني لرئاسة بلدية القدس؟«.

وفي النهاية، يمكن من قراءة سريعة لما تنشره الصحف ووسائل الإعلام، أن تداعيات الخطوات الأمنية التي أعلن عنها مجلس الوزراء الإسرائيلي المصغّر مطلع الأسبوع الحالي، تظهر على أرض الواقع في مدينة القدس المحتلة.

ويتجلّى ذلك في الحصار المفروض على الأحياء الفلسطينية في المدينة، وتقييد حرية الحركة والتنقّل عند الفلسطينيين، في مقابل خلوّ شوارع ومراكز تجارية عدة في الشطر الغربي اليهودي من المدينة، بفعل الخوف الإسرائيلي. ويرى عدد من المحللين في الصحف الإسرائيلية، في ذلك، تقسيماً للقدس في عهد نتنياهو.

وبالعودة إلى عام 1996، فقد تمكن نتنياهو، بصفته زعيماً لـ»الليكود» وأشدّ معارضي اتفاقات أوسلو والتسوية مع الفلسطينيين، من الانتصار انتخابياً على رئيس الوزراء آنذاك شمعون بيريس، والذي خَلَفَ اسحق رابين في رئاسة الحكومة، بعد اغتيال الأخير في 4 تشرين الثاني 1995.

وانتصر نتنياهو في حينه، بفعل تسويقه بأن «بيرس سيُقسم القدس»، في وقتٍ يسعى هو إلى «المحافظة عليها كعاصمة موحّدة وأبدية لإسرائيل«.

كذلك استعان نتنياهو في تلك الانتخابات، بشعار عنصري، عندما قال إن «اليسار ينقل الناخبين العرب بكثافة في الحافلات إلى صناديق الاقتراع»، ليستفيد بالتالي من تأييد حركة «حباد» الأرثوذكسية اليهودية الأصولية، والتي وصفت نتنياهو بـ»الجيّد لليهود».

المستقبل، بيروت، 18/10/2015