الضفة «ذاهبة» إلى القدس... وتترقّب أيلول
السبت، 04 حزيران، 2011
فادي أبو سعدى - الأخبار
بين الاستعداد لإحياء ذكرى الخامس من حزيران وترقّب استحقاق أيلول في الأمم المتحدة، يعيش الفلسطينيون في الضفة الغربية على وقع القلق من اليوم التالي، وما إذا كانت سياسة الرئيس محمود عبّاس تجدي نفعاً
رام الله | «ليش ساكتين؟ حتى دولة على حدود الـ67، حتكون لنا ولا تحلموا فيها والقدس الشرقية ومش ماخدينها! والحواجز مثل ما هيه! ولقمة عيشنا شحدة من الدول الأجنبية! والعيشة في هل بلد والله صارت بس للمليونرية! أي نفسي أفهم لييييش لسانا ساكتين؟ إحنا نازلين على القدس في 5 حزيران، نازلين نصلي في الأقصى وكنيسة القيامة... وراجعين على أراضينا يلي تهجرنا منها. بالمختصر المفيد نازلين نسترجع كرامتنا الفلسطينية. وأنت؟».
بهذه الكلمات التي تختزل الواقع المرير الذي يعيشه الفلسطينيون في الضفة الغربية، تستعد فلسطين لإحياء ذكرى النكسة، في الخامس من حزيران، ذكرى احتلال إسرائيل للضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية. الاستعدادات تبدو أكبر بكثير من مثيلتها التي أحيت ذكرى النكبة في الخامس عشر من أيار الماضي، ذلك أن كافة المجموعات الشبابية، والقوى الوطنية والإسلامية، جميعها توحدت لإحياء هذه الذكرى بفاعليات موحدة، لتكون ذات زخم بحجم الذكرى الأليمة للشعب الفلسطيني.
المسيرة المركزية ستكون مع انتصاف نهار يوم الأحد الخامس من حزيران، من أمام مخيم قلنديا للاجئين الفلسطينيين، حيث سيكون التجمع عند بوابة المخيم الساعة الثانية عشرة ظهراً، وستنطلق نحو حاجز قلنديا العسكري. القدس لن تكون بعيدة عما سيحدث، حيث ستنطلق مسيرات أخرى من داخل مدينة القدس المحتلة، وتحديداً في حي الشيخ جراح وحي سلوان في المدينة، وسط استعدادات لنصب خيم أمام باب العمود.
الاستعدادات الشعبية تترافق مع الاستعدادات النفسية للعيش بدولة مستقلة، بناءً على استحقاق أيلول المرتقب، وسط مخاوف من إجهاض الولايات المتحدة لهذا الحدث. ويرى زياد أبو زياد من القدس ضرورة التمسك بخيار الذهاب إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، بل وأبعد من ذلك، إلى توظيف طاقات الشعب الفلسطيني نحو احتجاجات شعبية سلمية ضخمة للتحرك نحو الحواجز الإسرائيلية، ومحاولة اختراقها في الطريق إلى القدس والمناطق المحتلة التي ضمتها إسرائيل داخل جدار الفصل.
إعلان الدولة ليس الهدف الأخير، كما يراه علي ضراغمة من نابلس، ويعتقد أن القيادة تمارس التلويح بالذهاب إلى الأمم المتحده للحصول على تنازلات إسرائيلية كبيرة، مقابل عدم التوجه لإعلان الدولة من طرف واحد، أو عدم الذهاب إلى الأمم المتحدة، ذلك لأن إعلان الدولة لن يزيد شيئاً على الأرض، بينما الأرض هي الأهم «لأنو بدناش دولة بالاسم». ويرى أن إعلان الدولة بالشكل الحالي لا يعني نجاحاً فلسطينياً، فالهدف الأهم هو تحقيق تنازلات إسرائيلية مثل وقف الاستيطان وإخلاء بعض المستوطنات، وتسهيلات اقتصادية.
أما الكاتب مجدي الشوملي من بيت لحم، فأراد أن يذكّر بأن الرئيس الراحل ياسر عرفات كان يفكر في إعلان الدولة في أيار 1999 بعد انقضاء الفترة المحددة في اتفاق أوسلو، وكان في بال البعض أن يكون ذلك مع انطلاق احتفالات بيت لحم 2000، لما لهذا الحدث من تعاطف دولي واجتماعي. غير أن الرسالة التي وُجهت من القيادة الإسرائيلية آنذاك، كانت تهديداً بأنّ إسرائيل ستحدد حدود هذه الدولة، ومن طرف واحد. وهذا ما أخاف القيادة الفلسطينية، وغُضَّ النظر عن الفكرة. الشوملي يعتقد أن السلطة غير جاهزة لهذه المعركة، وخاصة في ظل مواقف الدول الكبرى.
أما هارون من رام الله، فيرى أن ذلك لن يكون في ضوء الضغوط الأميركية وبعض الضغوط العربية الحاملة للأفكار الأميركية، وهنا نتحدث عن السياسات العربية المدعومة من الكونغرس الأميركي الذي صفق قبل أيام لنتنياهو 37 مرة. هناك اعتقاد بأن قرار السلطة الفلسطينية التوجه إلى الأمم المتحدة، سيلقي بتداعياته على الصراع بين الفلسطينيين وإسرائيل التي تحتل أرضهم منذ 63 عاماً. هذه التداعيات تنذر ببدء مرحلة جديدة من الصراع، ويُستدل منها أن الفلسطينيين ليسوا بحاجة إلى اعتراف إسرائيل بأرضهم، لكن الاحتلال هو الذي بحاجة إلى اعتراف الفلسطينيين به.
يشار هنا إلى أن الموافقة على إنشاء «دولة إسرائيل» كان مشروطاً بثلاث نقاط، هي الاعتراف بدولة فلسطين وفق قرار 181، وتنفيذ حق العودة للفلسطينيين الذين رُحِّلوا بالقوة، وأخيراً تعويضهم عن احتلال ممتلكاتهم واستثمارها خلال 63 عاماً. الخطوة، بحسب جودت مناع، الناطق باسم مؤتمر القدس، تتطلب حملة واسعة لكسب الرأي العام العالمي كي نحظى بهذا الحق المشروع في إقامة دولتنا، لكن يجب أن يكون ذلك استناداً إلى القرار 181، لا إلى نتائج المفاوضات واتفاق أوسلو، الذي تعثّر مراراً وواجه مماطلة إسرائيلية أدت إلى احتلال فلسطين بالكامل. اختلاف وجهات النظر بين الفلسطينيين بشأن خطوة إعلان الدولة، أو التوجه إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن، يجمعهما تأكيد انتزاع هذا الحق، ليس من إسرائيل وحسب، بل من العالم بأسره. فثلاثة وستون عاماً أكثر من كافية لقيام دولة فلسطين وانضمامها رسمياً إلى خريطة دول العالم.