القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الإثنين 29 كانون الأول 2025

الطبيب الأسير حسام أبو صفية: عام من الاحتجاز… حين تُجرَّم الإنسانية


بيروت – لاجئ نت|| الجمعة، 26 كانون الأول، 2025

تمرّ الذكرى السنوية الأولى لاعتقال الطبيب الفلسطيني الدكتور حسام أبو صفية، فيما لا تزال قضيته مفتوحة على أسئلة كبرى تتجاوز شخصه، لتطال جوهر الحماية المفترضة للعمل الطبي في زمن النزاعات. فاعتقال طبيب من داخل مهمته الإنسانية، واحتجازه دون محاكمة واضحة، يضع المنظومة القانونية الدولية أمام اختبار جديد للفشل والعجز.

من إنقاذ الأرواح إلى سلب الحرية

لم يكن الدكتور حسام أبو صفية مجرد طبيب يؤدي واجبه الوظيفي، بل أحد أولئك الذين بقوا في مواقعهم رغم الخطر، في ظل عدوان متواصل ونظام صحي مُنهك. داخل غرف الطوارئ، كان حضوره امتدادًا لفكرة أن الطب ليس مهنة فحسب، بل التزام أخلاقي تجاه الإنسان.

إلا أن هذا الدور الإنساني لم يشفع له، إذ أقدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي في كانون الأول الماضي على اعتقاله، في ظروف وصفتها جهات حقوقية بأنها قسرية ومهينة، ومن دون الإعلان عن اتهامات محددة أو مسار قضائي واضح، ما يضع اعتقاله في إطار الاحتجاز التعسفي.

خرق فاضح للحماية الطبية

تشير تقارير حقوق الإنسان إلى أن استمرار احتجاز الطبيب أبو صفية دون محاكمة عادلة يشكّل انتهاكًا مباشرًا للقانون الدولي الإنساني، ولا سيما اتفاقيات جنيف التي تكفل حماية خاصة للعاملين في المجال الطبي أثناء النزاعات المسلحة.

كما تحذر هذه التقارير من تدهور محتمل في وضعه الصحي، في ظل ما هو معروف عن سياسات الإهمال الطبي داخل السجون الإسرائيلية، والتي طالت مئات الأسرى، بمن فيهم أصحاب الحالات الصحية الحساسة.

سياسة تتجاوز الفرد

لا تنفصل قضية الطبيب الأسير عن المشهد الأوسع لاستهداف القطاع الصحي الفلسطيني. فاعتقال الأطباء والمسعفين، إلى جانب قصف المستشفيات ومنع الإمدادات الطبية، يعكس نمطًا متكررًا من الانتهاكات، يرى فيه مختصون محاولة ممنهجة لإضعاف البنية الإنسانية للمجتمع الفلسطيني.

ويؤكد هؤلاء أن الزجّ بالكوادر الطبية في السجون يحمل رسالة ردع واضحة، مفادها أن العمل الطبي ذاته بات عرضة للعقاب، في تجاوز خطير لكل الأعراف الأخلاقية والإنسانية.

عائلة معلّقة بين الانتظار والغياب

عام كامل مرّ على اعتقال الدكتور حسام أبو صفية، فيما تعيش عائلته حالة من القلق المستمر، في ظل شحّ المعلومات المتعلقة بوضعه القانوني والصحي. وتؤكد العائلة أن ابنها لم يكن يومًا طرفًا في أي نشاط خارج إطار مهنته، وأن اعتقاله جاء لأنه اختار البقاء إلى جانب المرضى في أكثر اللحظات قسوة.

أسئلة بلا إجابات

رغم البيانات المتكررة الصادرة عن منظمات حقوقية دولية، لا تزال الخطوات العملية غائبة، ما يعيد طرح تساؤلات حول مدى جدية المجتمع الدولي في حماية العاملين في المجال الإنساني، وحول معايير العدالة حين يتعلق الأمر بالأسرى الفلسطينيين.

الحرية كحق إنساني

في الذكرى الأولى لاعتقاله، تتجدد المطالب بالإفراج الفوري عن الطبيب حسام أبو صفية، وعن جميع الأسرى من الطواقم الطبية، باعتبار أن حريتهم ليست مطلبًا سياسيًا، بل استحقاقًا قانونيًا وأخلاقيًا لا يسقط مع الزمن.

ويبقى الطبيب الأسير رمزًا لمعركة غير متكافئة بين من يختار إنقاذ الحياة، ومن يسعى إلى إخضاعها بالقوة، في وقت يصرّ فيه الفلسطينيون على أن الرسالة الإنسانية ستظل أقوى من السجن.