الطفل الرسّام

الخميس، 26 آذار، 2015
يستذكر الطفل الفنان، مصطفى عايش،
اللحظات التي بدأ فيها الرسم خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وقد سيطر القلق
على ملامحه الطفولية. ملامح القلق لم تدم طويلاً على وجه الطفل الفنان، وسرعان ما استبدلها
بملامح التحدي، فأمسك ريشته وبدأ يرسم لوحة جديدة، تدل على حب الشعب الفلسطيني للحياة
وللسلام، وقدرته على الصمود حتى نيل الحرية، وإنهاء الاحتلال.
مصطفى الذي يقطن في "النصيرات"،
وسط قطاع غزة، والتي نالت نصيباً من الاعتداءات الإسرائيلية خلال العدوان الأخير، استطاع
أن يترجم بريشته الصغيرة، وأدواته البسيطة، معاني الألم والقسوة التي عاشها وعائلته
خلال الحرب.
علاقة الفنان الصغير بالألوان
واللوحات، بدأت خلال الحرب، في محاولة منه لتجسيد تلك الأجواء عبر فنه حديث النشأة،
كذلك هرباً من أصوات الانفجارات الضخمة في ورقات بيضاء، عكست رغبته في حياة هانئة،
بعيدة عن العنف والموت.
الألم والخوف والتوتر بدت واضحة
على ملامح الأطفال الذين رسمهم مصطفى في لوحاته، حتى وإن حاول إخفاءها باستخدام الألوان
الزاهية، وعندما حاول رسم أجواء العيد، رسم طفلة وحيدة حزينة، في حقل زهور، مليئ بالألوان
الزاهية، ليعكس عبرها واقعاً صعباً، وآمالاً معلقة.
ويقول مصطفى لـ"العربي الجديد":
"كانت الحرب قاسية ومخيفة جداً، وأثرت بشكل كبير على حالتي النفسية، وكنت أهرب
من ذلك الواقع المخيف إلى لوحاتي، حتى أنّي رسمت بعض الرسومات تحت الطاولة، من شدة
الخوف".
ويوضح، أنّ توفر المواد اللازمة
للرسم في منزله شجعه على ذلك، مضيفاً: "رسمت لوحات باستخدام الألوان المائية،
الغواش، الأكريليك، الباستيل، إضافة الى رسومات بألوان الخشب وأقلام الفحم، والأقلام
الجافة".
وكان مصطفى يحاول كذلك الخروج
من أجواء الحرب عبر رسم الشخصيات المشهورة، وانفعالات الوجوه، والحيوانات بمختلف أنواعها،
والأطفال وخصوصاً الصغار منهم، والمشاهد الطبيعية والأشجار والزهور، إضافة إلى محاكاة
بعض الرسومات المشهورة.
ويبين الطفل عايش أنّه استفاد
من تجربة شقيقه الكبير فارس، وهو فنان تشكيلي يرسم مختلف أنواع الرسومات، إلى جانب
صنع المجسمات، ويضيف: "سأستمر في الرسم، وسأطور موهبتي حتى أتمكن من احتراف كل
الفنون، ومنها النحت، والجداريات الكبيرة".
ويوضح عايش، أنّ الفن رسالة سامية،
يسعى من خلالها الرسام الفنان إلى حمل هموم شعبه، وواقعه الصعب، كي يعرف العالم تفاصيل
الحياة التي يمر بها، عبر لغة راقية يفهمها، مبيناً أن فلسطين بحاجة إلى تطوير تلك
اللغة حتى يصل صوتها الجميع. الطفل عايش يطمح أن يصبح فناناً مشهوراً على مستوى العالم
بأعماله الوطنية التي تتحدث عن فلسطين وأهلها، ومدنها وقراها، ويأمل كذلك أن تتمكن
ريشته وألوانه من إيصال رسالة أطفال فلسطين إلى العالم.
على الرغم من صغر سنه، إلاّ أنّ
مصطفى يقول: "في كل بيت فلسطيني لدينا مواهب، ونحتاج فقط لحياة مستقرة مثل باقي
الشعوب، لإظهارها وسقلها وإبراز إبداعاتها.. ويتحقّق ذلك عندما ينتهي الاحتلال عن أرضنا".
المصدر: العربي الجديد