الفلسطينيون يعيشون أسابيع «الذاكرة السوداء» ويحيون «النكسة 49»
الإثنين، 06 حزيران، 2016
فصل فقط عشرون يوما بين إحياء الذكرى الأليمة
الأولى على الشعب الفلسطيني والمتمثلة في طرد العصابات الصهيونية للسكان الفلسطينيين
من مدنهم وقراهم في 15من أيار/مايو عام 48 والتي يطلق عليها اسم «النكبة»، وبين إحياء
الذكرى الثانية، والمتمثلة في احتلال إسرائيل باقي المناطق الفلسطينية في الخامس من
حزيران / يونيو من عام 67، المسماة «النكسة».
وتمثلت «النكسة» في تمكن جيش الاحتلال من
السيطرة على الضفة الغربية والقدس الشرقية، وقطاع غزة، إضافة إلى مناطق عربية من الجولان
السوري وشبة جزيرة سيناء المصرية، حيث بدأت مأساة جديدة للسكان الفلسطينيين في مخيمات
اللجوء داخل وخارج المناطق الفلسطينية، والذين كانوا يأملون حتى ذلك التاريخ بالعودة
إلى ديارهم التي هجروا منها.
وأطلق الإسرائيليون على حرب 1967 «حرب الأيام
الستة»، كونها تمكنت من حسم المعركة في ستة أيام فقط، وإيقاع الهزيمة في الجيوش العربية.
وتصادف هذه الذكرى المريرة في ظل تصلب الحكومة
الإسرائيلية اليمينية المتطرفة في مواقفها تجاه عملية السلام، ورفضها للمبادرة الفرنسية
المطروحة، وهو ما يفقد الأمل في إقامة دولة فلسطينية مستقلة على الحدود التي احتلت
في عام 67.
وأمس وفي الذكرى الـ 49 لـ «النكسة» أكد
الرئيس محمود عباس أن الشعب الفلسطيني لن يقبل بأقل من إنهاء الاحتلال الإسرائيلي الذي
بدأ في حرب حزيران/يونيو 1967 إنهاءً كاملا، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات
السيادة، وعاصمتها القدس الشرقية، على حدود عام 1967.
وأشار إلى أن القيادة الفلسطينية متمسكة
بمبدأ حل الدولتين اللتين تعيشان بأمن وسلام جنبا إلى جنب، وأن كل ما نجم عن الاحتلال
هو «باطل وغير شرعي».
وأشار إلى أن الشعب متمسك بثوابته، وحقوقه
الوطنية المشروعة التي تنص عليها قرارات الشرعية الدولية، مرحبا في الوقت نفسه بكل
الجهود الدولية التي تصب في مصلحة السلام العادل والشامل والدائم، عبر الوصول إلى حل
الدولتين، مؤكدا رفض الجانب الفلسطيني لأي محاولة لتعديل هذه المبادرة، وقال إنه متمسك
بها، كما أقرتها القمة العربية عام 2002.
من جهته أكد صاب عريقات أمين سر اللجنة
التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية أن إنهاء الاحتلال العسكري الإسرائيلي الذي دخل
عامه الخمسين يتطلب إرادة دولية جادة من المجتمع الدولي وحل القضية الفلسطينية حلاً
شاملاً ودائماً على أساس قرارات الشرعية الدولية وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة والمبادرة
العربية والاتفاقات الموقعة، وإيجاد آليات إلزامية ضمن إطار دولي تعددي.
وقال: « إن فلسطين لن تعود إلى الخارطة
إلا بقرار دولي».
واعتبر أن ذكرى النكسة يجب أن تكون حافزاً
لإنهاء نصف قرن من الاحتلال وتجسيد قيام دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية المحتلة
على حدود الرابع من حزيران 1967 وإيجاد حل عادل لمشكلة اللاجئين وفقاً للقرار الأممي
194 والإفراج الفوري عن جميع الأسرى وإلزام سلطات الاحتلال بالاعتراف بمسؤولياتها القانونية
والسياسية والأخلاقية عن الظلم التاريخي الذي أوقعته بشعب آخر.
وثمن عريقات الجهود الدولية المبذولة من
أجل إنهاء الاحتلال. من أجل الحفاظ على هذا الزخم الدولي يجب إنهاء وإزالة أسباب الانقسام
الداخلي وتشكيل حكومة وحدة وطنية ببرنامج منظمة التحرير والتوجه إلى صناديق الاقتراع
في أقرب وقت ممكن.
و حذر رئيس الوزراء رامي الحمد الله من
التبعات الخطيرة لما تقوم به قوات الاحتلال الإسرائيلي في مدينة القدس وسائر الأرض
الفلسطينية المحتلة.
كما جددت الحكومة الفلسطينية مطالبتها بالمسارعة
برفع الظلم عن الشعب الفلسطيني وإنهاء الاحتلال. وأشاد رئيس الوزراء رامي الحمد الله،
بمناسبة حلول الذكرى الـ49 لـ «النكسة المشؤومة»، بصمود الشعب الأسطوري وكفاحه المجيد
وتصديه البطولي الدائم للجرائم والمخططات الاحتلالية والتي إفشلها نضال الشعب وقيادته
على مدى نصف قرن من الزمان.
وطالب يوسف المحمود المتحدث باسم الحكومة
بالمسارعة في استعادة الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام «من أجل تدعيم صمود شعبنا على
أرضه وتدعيم الموقف الفلسطيني أمام العالم، وفي مواجهة الاحتلال ومخططاته التدميرية
وصولا إلى تحقيق حلم إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة».
وأكد أن الحكومة جددت في هذه «الذكرى السوداء»،
مطالبتها المجتمع الدولي بالمسارعة دون إبطاء لرفع الظلم عن الشعب الفلسطيني وإنهاء
الاحتلال، وإرغام إسرائيل على «الانصياع لقرارات الشرعية الدولية».
إلى ذلك أكد إسماعيل هنية، نائب رئيس المكتب
السياسي لحركة حماس في كلمة خلال مهرجان نظمته الحركة، أنهم لن يتعاطوا مع أي مبادرات
لها علاقة بـ «التوطين أو التدويل».
ودعا كل أبناء الشعب الفلسطيني إلى «الاستمرار
في استراتيجية إساءة الوجه لدولة الاحتلال». ودعا لحماية الانتفاضة والاستمرار فيها
وعدم السماح لأي أحد بالالتفاف على أهدافها. وأضاف «نقول لأهل القدس والضفة الثائرة
إن القدس ليست يتيمة فلها رجال وشعب وأمة، وغزة لن تتخلى عنها مهما كلفها من أثمان».
وقال محمد الهندي عضو المكتب السياسي لحركة
الجهاد الإسلامي في كلمة له خلال مهرجان القدس والأقصى، إنه في هذه الذكرى ينتفض أهل
القدس في «وجه الحقد والغطرسة والجبروت»، مشيرا إلى أن المنطقة عاشت طويلا في وهم
«عملية سلام». وبعد أن مثلت «أوسلو» غطاءً للاستيطان والتهويد والتطبيع المستتر.
وأشار إلى أن هناك «تسريبات مقصودة» عن
تعديل المبادرة العربية لـ «تصبح مبادرة إسرائيلية بامتياز»، إضافة إلى المبادرة الفرنسية
والاجتماع الوزاري في باريس، والتي قال إنها ستدعو إلى عودة المفاوضات المباشرة بين
إسرائيل والسلطة الفلسطينية، مضيفا أن أحدا لم يلتفت لهذه المبادرات، وقال «المطلوب
اليوم في ظل الصراعات الإقليمية استسلام كامل وتطبيع مجاني أمام الغطرسة والهيمنة الصهيونية
في المنطقة».
وأدان هذه التحركات والتسريبات واعتبرها
«غطاءً لمزيد من التهويد والتطبيع والتنازلات المجانية، وضوءا أخضر لقهر الفلسطينيين
والتضييق عليهم».
كذلك أدان كل الأصوات التي تدعو إلى التطبيع،
وكذلك رفض أي مشروع «يحاول استغلال تردي الأمة لتصفية قضية فلسطين والتنكر لحقوق شعبها».
وبعد أن استعرض الواقع العربي والدولي،
شدد الهندي على أن المرحلة الحالية هي مرحلة «إعداد واستعداد ومقاومة وليست مرحلة التصفية
والاستسلام والاستجداء».
وأكد أن «طريق الجهاد والمقاومة هو طريقنا
الوحيد لاستعادة أرضنا وحقنا وحقوق أمتنا في كل فلسطين، وكل مقدسات فلسطين».
و أعلنت الجبهة الشعبية بهذه المناسبة رفضها
للترحيب الفلسطيني الرسمي بالمبادرة الفرنسية، التي قالت إنها «تنتقص من الحقوق الوطنية
الثابتة والمشروعة للشعب الفلسطيني»، لافتة إلى أن هذا من شأنه أن يشجع رئيس الوزراء
الإسرائيلي بنيأمين نتنياهو وحكومته على «مزيد من التعنت، وبالتالي تركيز الضغوط علي
الجانبين الفلسطيني والعربي».
وأكدت على التمسك بكامل الحقوق الوطنية
الثابتة والمشروعة للشعب الفلسطيني وفي القلب منها حق اللاجئين في العودة إلي ديارهم
التي شردوا منها، ورفض وإدانة أي تنازلات أو مساومات تمس بهذا الحق أو غيره من الحقوق.
ودعت القيادة الفلسطينية إلى «وقف التساوق
مع الحالة العربية المستسلمة وإلى إعلان رفضها الصريح للمبادرة الفرنسية، أو أي مبادرات
أخرى تنتقص من حقوق شعبنا وتدعو للعودة إلى مربع المفاوضات الثنائية مع العدو».
ودعت كذلك إلى «سحب التنازلات الفادحة التي
قدمتها، بالاعتراف المجاني بحق إسرائيل في الوجود، وقبول مبدأ تبادل الأراضي».كما طالب
القيادة بتوفير المناخات لـ «تجاوز حالة الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية
على أسس وطنية راسخة»، وشددت على ضرورة الإسراع في دعوة إطار تفعيل وتطوير منظمة التحرير
الفلسطينية للانعقاد، من أجل متابعة تنفيذ الاتفاقات الموقعة لإنهاء الانقسام.
وأكدت على ضرورة «حماية الانتفاضة» وتوفير
مقومات استمرارها وتصاعدها لمقاومة وإنهاء الاحتلال، والإسراع في تشكيل قيادة وطنية
موحدة لها، ودعت لوقف التفرد في التقرير بالشأن الوطني، واحترام الموقف الوطني المشترك
وصلاحيات اللجنة التنفيذية وسائر مؤسسات المنظمة في البحث والتقرير بهذا الخصوص.
وحذرت من خطر المشاريع التي تستهدف تكريس
انفصال قطاع غزة عن الضفة الغربية، وقطع الطريق على إمكانية إقامة الدولة الفلسطينية،
تحت عنوان « الهدنة» أو غيرها من المسميات.
يشار إلى أن الأرقام تؤكد أنه ترتب على
نكسة عام 67 تهجير نحو 300 ألف فلسطيني من الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة، معظمهم
نزحوا إلى الأردن، ومحو قرى بأكملها وفتح باب الاستيطان في القدس والضفة الغربية المحتلة.
ولا تزال إسرائيل ترفض التقيد بقرار مجلس
الأمن الدولي الذي يدعوها للانسحاب الكامل من المناطق العربية التي احتلتها عام 67،
بما فيها القدس الشرقية، وقيام دولة فلسطينية كاملة السيادة.
المصدر: القدس العربي