الفليت: الأسرى حققوا انتصار تاريخي لخمسة أسباب
الجمعة، 18 أيار، 2012
وصف المدير التنفيذي لرابطة الأسرى المحررين بغزة الأسير المحرر أحمد الفليت نجاح إضراب الأسرى في سجون الاحتلال بأنه "انتصار تاريخي بامتياز"، معتبرًا أنه "يمهد لحياة كريمة للأسرى داخل السجون، يعقبها مرحلة التحرير الكامل قريبًا.
وأشار الفليت، وهو مختص في شؤون الأسرى، في حوار مع وكالة "قدس برس" إلى أن خمسة أسباب تؤهل هذا الانتصار ليسجل في التاريخ، أولها أن الإضراب الأخير هو الأطول في تاريخ الحركة الأسيرة منذ 30 عامًا، وثانيها أنه لأول مرة يستجيب الاحتلال لهذا الكم من مطالب الأسرى جملة واحدة.
أما ثالث الأسباب -حسب الفليت- هو أنه لأول مرة يكون هناك طرف ثالث في اتفاق بين الأسرى وإدارة السجون، ورابعها أن الاتفاق مكتوب في سابقة تحدث لأول مرة، وخامسها أن الاتفاق شمل مطلبًا يتعلق بالاعتقال الإداري، "وهذا الأمر كان مفاجئا، ولم نكن نحلم أن يتم إحداث اختراق في هذه المرة في هذا الجانب".
مراوغة الاحتلال
وقال: "نستطيع القول إن مطالب الأسرى المتعلقة بإخراج المعزولين وقانون شاليط (وهو الذي يضم تحته 60 مطلبا منها زيارات ذوي الأسرى)، والاعتقال الإداري، تحققت بنسبة 95 في المائة، وتبقي الخمسة في المائة، لأن تطبيق الاتفاق على الإداريين سيكون صعبا جدًا.
وأوضح أن "موضوع الإداريين صعب ومعقد، وإدارة السجون محترفة في المراوغة، والإداريون في نفس الوقت ينطبق عليهم أكثر من قانون، لذا فإن تطبيق الاتفاق بشأن الإداريين سيحتاج لمتابعة يومية ولحظية من قبل إدارة السجون، وهذا أمر سيشوبه كثير من المراوغة الإسرائيلية".
وأضاف: "إن قلنا إن فرحتنا كأسرى محررين بهذا الانتصار التاريخي لا تقل عن فرحتنا يوم تحررنا بصفقة تبادل الأسرى الأخيرة، فمن عاش الإضراب، وهو التجربة الأصعب والأمر، ومن عاش فشل إضراب 2004 والذي خسرت فيه الحركة الأسيرة والشعب الفلسطيني الكثير، يدرك معنى الانتصار في هذا الإضراب".
واستدرك قائلا: "لو انتهى هذا الإضراب بالفشل ودون تحقيق مطالب الأسرى لأثر سلبًا على الحركة الأسيرة بشكل كبير، وعلى معنويات الشعب الفلسطيني كذلك".
وفي هذا الإطار، أشاد الفليت بالدور المصري الذي ساعد في نجاح الإضراب، موضحًا أنه "لا يمكن فصل هذا الانتصار عن انتصار صفقة التبادل، حيث كان البندان المتعلقان بإلغاء قانون شاليط وإخراج المعزولين ضمن بنود الصفقة، وإضراب الأسرى أعاد الدور المصري بقوة ليمارس نفوذه لدى الاحتلال".
وقال: "منذ اليوم الثامن للإضراب بدأ الحراك المصري، وأثمر عن اتفاق متكامل في اليوم الرابع والعشرين للإضراب، لكن ما أخر توقيعه هي مراوغة إدارة سجون الاحتلال".
تمهيد لمرحلة التحرير
وأعرب الفليت عن اعتقاده بأن "إسرائيل ستلتزم ببنود الاتفاق مهما ماطلت"، قائلًا: "هي عودتنا على تبهيت وتبخيس والتقليل من شأن أي إنجاز، لكن ليس أمامها إلا خيارين، إما تفريغ الاتفاق من مضمونه، وهذا صعب بحكم وجود طرف ثالث وهو الراعي المصري، أو المماطلة، وهذا الأمر لا يمكن أن يطول".
وعد أن "هذا الانتصار يدل بشكل واضح أن قضية الأسرى ستنتهي قريبا بالإفراج عنهم، وإلى حين تحقق ذلك سيحيا الأسرى حياة كريمة في داخل سجون الاحتلال".
ونوه إلى ما قاله عضو "الكنيست" الصهيوني ميخائيل بن آري عقب انتصار الأسرى، والذي وصف يوم توقيع الاتفاق بأنه "يوم أسود في تاريخ إسرائيل"، وقال الفليت: "فعلا أنا أرى أن هذا يوما أسودًا في تاريخ الاحتلال، وإسرائيل خاصة منذ حرب تموز 2006 وهي في هزائم تتوالى، ونستطيع القول إن هزائم إسرائيل المتتالية حطمت أسطورة الجيش الذي لا يقهر".
فشل الاحتلال
وتحدث عن عبارات قاسية جدًا تابعها عبر إعلام الاحتلال حول الاتفاق، وعبارات تسيء للموقعين عليه، وتظهر مستوى الفشل الصهيوني، مؤكدا أن آثارا سلبية لحقت بنفسيات القادة والمفكرين والخبراء في الكيان المحتل جراء هذا الانتصار.
لكنه في الوقت ذاته؛ استبعد أن تلجأ "إسرائيل" إلى خطوة مفاجئة أو عملية خاطفة من أي نوع للانتصار لنفسها، "فالواقع تغير، ومصر تغيرت، وإرادة الفلسطيني في تصاعد، والتجربة الإسرائيلية لا تساعدها على هذا الأمر".
وشدد الفليت على ضرورة إدراك أن "قضية الأسرى لم تحل حتى الآن، ولكن حتى نرسخ هذا الانتصار لا بد أن نواصل العمل، وأن نبذل جهدا أكبر، وأن نحافظ على بقاء القضية في سلم أولويات الجميع". كما قال.
وأشاد بالهبة الجماهيرية الشعبية والرسمية الفلسطينية خلال الإضراب، وبين أنه "أثناء الإضراب كان تفاعل الناس مُرض، وردة فعل كل الفلسطينيين وأحرار العالم كانت مرضية"، مشيرًا إلى أنهم لاحظوا لأول مرة هذا التفاعل مع قضية الأسرى بشكل غير مسبوق، كما قال.
أسرى حرب
وأكد الفليت على أهمية العمل لتوضيح المصطلحات الخاصة بالأسرى وتصحيحها لدى عموم أبناء الشعب الفلسطيني وأحرار العالم، ودعا في هذا السياق إلى اعتماد إطلاق اسم "أسرى حرب" على الفلسطينيين في سجون الاحتلال، والعمل على ترسيخ ذلك قانونيا وإجبار الاحتلال على الاعتراف بهم كأسرى حرب.
ولفت إلى أن الاعتراف بالفلسطينيين في سجون الاحتلال كأسرى حرب كفيل أن يضمن الإفراج عن 97 في المائة منهم، رغم أن الاحتلال لا يمكن أن يقبل بذلك، لكن لا بد من المحاولة والعمل.
واستغرب وجهة نظر من يسمي الأسرى بالمحتجزين أو المعتقلين الأمنيين أو غير ذلك، مبينا أن الأسرى يصنفون في كل أنحاء الدنيا إلى ثلاثة أصناف، إما سجين رأي عام، أو أسير حرب أو أسير جنائي، وهؤلاء الثلاثة لهم حقوق في القانون الدولي، غير أن الاحتلال يصنف الفلسطينيين في سجونه على أنهم أسرى أمنيون، وهذا مسمى خاص بهم يحرمهم الكثير من حقوقهم.
دور الأسرى المحررين
وتحدث الفليت عن دور كبير يبذله الأسرى المحررون، لا سيما بعد إنجاز صفقة تبادل الأسرى الأخيرة للتوعية بقضية الأسرى، لافتا إلى أنهم استطاعوا التواصل مع أكثر من 320 مؤسسة حقوقية في أنحاء العالم، وتبادلوا معهم وجهات النظر في سبل الضغط القانوني والحقوقي على الاحتلال لإنهاء معاناة الأسرى.
وأوضح أنه تم تحقيق اختراقات في هذا المجال، لا سيما في دول مثل فرنسا وألمانيا والنرويج وبلجيكا وهولندا، حيث شهدت لك الدول فعاليات هامة ويتم الآن التحضير لمهرجانات في عدد من الدول الأوروبية للاحتفال بانتصار الأسرى في سابقة نوعية.
كما تحدث عن برنامج متكامل بدأ منذ شهر شباط (فبراير) الماضي، للتعريف بقضية الأسرى ومعاناتهم، وقال: "حملنا قضية الأسرى لكافة شرائح المجتمع، وتم التواصل مع طلاب المدارس وطلاب الجامعات والمساجد والأهالي، وغير ذلك، ولازلنا في طريقنا مستمرون، وندعو الجميع للمشاركة في هذا الجهد الوطني".
يشار إلى أن الاحتلال رضخ لمطالب الأسرى في سجونه بعد ثمانية وعشرين يومًا من إضرابهم المفتوح عن الطعام، ووقعت مع قيادة إضراب الأسرى بحضور السفير المصري في الكيان المحتل مساء الاثنين (14|5) اتفاقًا يقضي بإنهاء الإضراب ويحقق مطالب الأسرى بنسبة كبيرة جدًا.
كما يشار إلى أن "رابطة الأسرى المحررين" هي مؤسسة أسسها الأسرى المحررون في صفقة التبادل الأخيرة، وذلك من أجل إسناد زملائهم في سجون الاحتلال وتحسين ظروف معيشتهم والعمل على إطلاق سراحهم.
المصدر: المركز الفلسطيني للإعلام