القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الإثنين 25 تشرين الثاني 2024

الفنان الفلسطيني عبد الرحمن قطناني ترك «زنكو» المخيمات يصرخ وجعل الموج أسلاكاً

الفنان الفلسطيني عبد الرحمن قطناني ترك «زنكو» المخيمات يصرخ وجعل الموج أسلاكاً


الأربعاء، 15 كانون الثاني، 2020

«عصف فكري» هو العنوان الذي أطلقه الفنان الفلسطيني عبد الرحمن قطناني على معرضه الجديد في «غاليري صالح بركات» – كليمنصو. وكأنه يدرك تماماً وقع المادة التي وضعها في متناول الجمهور، أو هو حدد مراده مما أنجز. إنه «عصف فكري» واقعي يتحقق من خلال جولة نظر سريعة في جنبات الأمكنة التي شكلت مساحة المعرض.

وبالتبصر ملياً في تفاصيل حرص الفنان على حضورها في تجهيزاته، لا بد سنلمس عمق ما أختزنه من أثر مادي ومعنوي خلال حياته، وجاء الوقت ليخرجه إلى الضوء مشاركاً به الآخرين. «عصف فكري» معرض مختلف تماماً عن النسق السائد.

البداية التي أرادها قطناني لمعرضه كانت مع الطفولة وعبر تجهيزات تنطلق من الروح نفسها مع اختلاف في الموضوع. أما الصالة الكبرى في غاليري صالح بركات فقد جمعت تجهيزين كبيرين، أكدا ريادة قطناني وتمكنه في حرفته. مجرد التماس البصري مع مختلف موجودات المعرض يدفع لفيض من المشاعر والتساؤلات عن أكبر جريمة متمادية بحق شعب.

التجهيز الأول هو المخيم بكل تفاصيله من كبيرة وصغيرة، وإليه أضاف صفّين متقابلين من المرايا. الوقوف بينهما وفي ظلال الواح «الزنكو»، والبقايا التي تتشكل منها جدران بيوت المخيم، تهز الكيان، وتعصف بالعقل. تبدو المرايا كما الضمير، أو هي تحاول ايقاظ الضمائر، التي إختارت لنفسها صفة الغائب والصامت عن الحق وضرورة احقاقه. تتحدث المرايا وتسأل باسم المشتتين متى نعود، ومتى يكون لنا بيت؟ مع تلك المرايا لا خاتمة للسؤال ولا نهاية للصورة. هو تجهيز بالغ الدلالة فالزينكو يصرخ.

التجهيز الثاني عبارة عن موج غاضب منتصب مقابل المخيم. تجهيز مطرز بعناية من الأسلاك الشائكة. تلك الأسلاك تلف أماكن تواجد الفلسطينيين في وطنهم المحتل، وفي بعض مخيمات الشتات.

عبد الرحمن قطناني المولود سنة 1983 في مخيم صبرا في بيروت مسكون بما عاشه وما يزال إلى جانب شعبه. كانت له في هذا المعرض تجهيزات أخرى تحمل رسالة أمل، تمثلت بتصديه للطفولة. إنها تجهيزات من المواد الخام عينها وهي البراميل.

وهذه المرة أرادها براميل نفط لما له من أثر في مسار القضية الفلسطينية وغيرها من قضايا عربية أخرى. في تجهيزات متعددة ومتناسقة في فكرتها وأسلوبها بدا أطفال قطناني فرحين. طفلة بثوب أحمر تركض متأبطة وردة صفراء، وطفل يركض ممسكاً بطائرة ورقية، خيطها من سلك شائك! في تلك التجهيزات بدا الظل أكبر من الطفل بكثير، وتواصل ركض الأطفال مع ظلالهم. في مكان ما قالت تلك الظلال وكأن شيئاً ما يظلل القضية الفلسطينية أو هو يقصيها عن كونها أولوية قومية وعربية.

«توتال» اختارها قطناني رمزاً يطبع بقايا براميل النفط التي تشكلت منها تجهيزات معرض «عصف فكري». لماذا توتال تختصر كل عالم النفط والمال المتدفق منه مدراراً؟ الجواب لدى الفنان.

أما الموقف السياسي والإنساني، التي عبّر عنه قطناني بوضوح فقد تمثل بتسع من أغطية براميل النفط حفر عليها وجوهاً لحكّام عرب كان لحضورهم أثر في قضية الشعب الفلسطيني من معمر القذافي، إلى جمال عبد الناصر، وبعض من تعاقبوا من ملوك على السعودية بدءاً من مؤسسها الملك عبد العزيز، إلى صدام حسين. في المحصلة هم تسعة بينهم الراحل ياسر عرفات الذي طُبعت قضية فلسطين بحضوره على مدار عقود. ولكن.. قطناني قرأ في مال النفط وحضوره في القضية الفلسطينية من زاوية تشبه لونه وهو خام.

«عصف فكري» يستمر حتى نهاية الشهر الحالي في غاليري صالح بركات – كليمنصو.

المصدر: زهرة مرعي - القدس العربي