عُدَّ مقدمة لموجة تهجير أخرى
النسور: استقبال فلسطينيي سوريا لا يخدم
القضية الفلسطينية!

العودة - عمان
قال رئيس الوزراء الأردني عبد الله النسور:
"إن سياستنا في الأردن عدم عبور الفلسطينيين من حملة الوثائق السورية إلى الأردن؛
لأن استقبالنا لهم سيكون مقدمة لموجة تهجير أخرى، الأمر الذي لا يخدم القضية الفلسطينية".
وأضاف: "إن الأردن لن يفتح المجال
أمام اللاجئين الفلسطينيين في سوريا للدخول إلى أراضيه، وخاصة أن هناك أعداداً كبيرة
من اللاجئين الفلسطينيين على الأراضي السورية والدولة المضيفة (سوريا) أولى بأن تتحملهم".
وتابع: «لو فتح الأردن المجال أمام اللاجئين
الفلسطينيين في سوريا، لتدفقوا إلينا من الدول المجاورة أيضاً، وهذا لا يخدم القضية
الفلسطينية".
وكان النسور قد قال في لقاء عقد أخيراً
مع مراسلي وكالات الأنباء والصحف العربية والأجنبية: "إن الأردن لا يشجع فلسطينيي سوريا على اللجوء إلى أراضيه".
وأشار إلى أن الأردن استقبل عبر تاريخه
العديد من الهجرات القسرية، وهو يفخر دوماً بأنه مستقبل للاجئين، ولم يكن في يوم من
الأيام مصدراً لهم.
وحين يصرّح رئيس الوزراء عبد الله النسورقائلاً:
"لا نريد للاجئين الفلسطينيين في سوريا الإخلال بوضع اللاجئين الفلسطينيين في
الأردن، ولن نسمح بتدفق لاجئين فلسطينيين إلى المملكة، حفاظاً على حقوقهم في وطنهم
الأصلي فلسطين"، "نحن لا نريد لهم أن يأخذوا هذه الفرصة ليأتوا إلى هذا البلد
ويقوموا بإخلال استقرار وضع اللاجئين الفلسطينيين في الخارج، وأن يقوموا بقصة لجوء
جديدة"، يُنظر بتعجب إلى حجم اللغط الذي تثيره مثل هذه التصريحات، وخصوصاً حين
تقوم على قراءة المستقبل والتوقع.
على المستوى السياسي، تندرج تصريحات النسور
ضمن ما يراه الخبير القانوني محمد الموسى، افتراضات ليس لها أساس من الواقع؛ فالمسألة
إذا ما طرحت للنقاش القانوني يجب أن توجد بداية، وفي حال اللاجئين السوريين للأردن
لا نجد بينهم لاجئين من المخيمات الفلسطينية، هكذا يقول الموسى، فلاجئو المخيمات الفلسطينية
في سوريا اختاروا التوجه إلى لبنان، متسائلاً: "كيف نطرح موضوعاً للنقاش، وهو
غير موجود أصلاً؟!".
من جانب آخر، يطرح الأكاديمي والوزير السابق
الدكتور أمين مشاقبة وجهة نظر أخرى تبرر التصريحات التي أطلقها النسور، يقول إنّ الأردن
هو أكبر ملجأ للاجئين الفلسطينيين وغيرهم في العالم، في ضوء وضع اقتصادي واجتماعي لا
يحتمل مزيداً من العبء.
وبالنظر إلى البعد الإنساني في استقبال
اللاجئين، أوضح مشاقبة أنّ الحديث عنه، في ظلّ الوضع الاقتصادي السيئ الذي يعيشه الأردن،
"كلام حق يراد به باطل"، مؤكداً: "لا يجوز أن يكون الأردن وطناً بديلاً،
لا يمكن فتح باب استقبالهم وادعاء مسألة حقوق الإنسان. لدينا أعداد كبيرة من العراقيين،
والسوريين والمصريين، يشاركوننا في رغيف الخبز، والبلد يواجه تحديات، وحالة التهجير
تؤثر سياسياً على مستقبل الوضع السياسي والأمني".
وفقاً لما يطرحه مشاقبة، فإنّ البعد السياسي
هو الأهم في حالة اللاجئين الفلسطينيين من سوريا، فإذا فُرِّغَت المخيمات في سوريا،
لن يتحمّل الأردن تبعات القضية الفلسطينية، مردفاً: "تجمُّع الفلسطينيين من مناطق
الشتات، وتحديداً سوريا نموذجاً، في الأردن يعني حلّ القضية الفلسطينية على حساب الأردن،
وهذا غير مقبول من كل النواحي؛ لا يستطيع الأردن تحمُّل تبعات الصراع العربي الإسرائيلي
والربيع العربي كاملاً".
وإذ يُخرج مشاقبة نفسه من مأزق التقبّل
الإنساني لقضية فرار أعداد كبيرة من الفلسطينيين بسبب الخوف على حياتهم، فإنّه لا يجد
بداً سوى القول إنّ "حل مشكلة المخيمات الفلسطينية يكمن في الحل النهائي ضمن جدول
أعمال مفاوضات السلطة الوطنية الفلسطينية وإسرائيل والولايات المتحدة الأميركية".
وبحسب مديرة العمليات "الأونروا"
ساندرا ميتشيل، وضعت الوكالة خطة لاستقبال نازحي سورية إلى الأردن في منشآتها، مؤكدة
"عدم وجود توجه لخفض خدماتها". وبينت أن "منشآت الوكالة، من مدارس ومراكز
صحية واجتماعية، مفتوحة" أمامهم. وأوضحت المسؤولة أن "الوكالة مستعدة لتقديم
المساعدة للطلاب، إذا لم تتوافر في مدارس الحكومة".
وقال ممثل المفوض العام لـ"الأونروا"
بيتر فورد، إن "الأونروا تقدم للنازحين من سوريا إلى الأردن الخدمات الصحية والتعليمية
والمساعدات الغذائية"، وأضاف: "هناك من التحق منهم في مدارسها، وانتفع من
مراكزها الصحية، بينما يعيش بعضهم في المخيمات التي أنشأتها الحكومة الأردنية قرب الحدود
مع سورية، وبالتالي ينتفعون أيضاً من الخدمات التي تقدمها إليهم".
وقالت الناطقة الإعلامية باسم الأونروا
أنوار أبو سكينة، إن اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في سوريا الذين لجأوا إلى الأردن
منذ اندلاع الأحداث في سوريا، جاؤوا إلى مكاتبنا طلباً للخدمات ولدينا معلومات كاملة
عنهم وعن أسمائهم، ومتى جاؤوا وكيف هي أوضاعهم حالياً، مشيرةً إلى أن هناك أعداداً
أخرى لا تأتي إلينا. وأكدت أن اللاجئين الموجودين خارج سايبر سيتي نقدم لهم معونات
نقدية مرة واحدة تراوح ما بين (300 و900 دولار). وقالت: أما الأسر المحتاجة فنعطيها
معونات نقدية وغذائية كل ثلاثة أشهر مثل اللاجئين الفلسطينيين في الأردن.
هذا، في حين اتهمت فيه منظمة هيومن رايتس
ووتش الدولية الحكومة الأردنية بأنها تعيد بعض الفلسطينيين إلى سورية، بعد أن فروا
منها نتيجة الأحداث الأخيرة، وتهدد آخرين بالترحيل.
إلاّ أن الناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية،
سميح المعايطة، نفى ما ورد في تقرير المنظمة الذي يتهم بلاده بالتمييز في معاملة فلسطينيين
هاربين من سوريا، وأكد أن ذلك "لا أساس له على الإطلاق".
يذكر أن عدد الفلسطينيين من حملة الوثائق
السورية الذين لجأوا إلى المملكة منذ بداية الأزمة السورية تجاوز ألفي لاجئ، حسب إحصاءات
وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الاونروا".
وتمنع تعليمات وزارة الداخلية تكفيل الفلسطينيين
من حملة الوثائق السورية أسوة باللاجئين السوريين.
منظمة العفو الدولية انتقدت من جانبها تصريحات
رئيس الوزراء عبد الله النسور بشأن إمكانية منع استقبال اللاجئين الفلسطينيين القادمين
من سوريا، مشيرة إلى أن "منع" فلسطينيي سورية من دخول الأردن هرباً من الصراع
في بلادهم سـ"يزيد من المعاناة الإنسانية، ويرفع من انتهاكات حقوق الإنسان، ويقود
إلى مزيد من الدم".
وقالت عضو فريق اللاجئين في المنظمة شارلوت
فيلبس، في بيان صحفي: "في الوقت الذي يحتاج فيه اللاجئون الفلسطينيون القادمون
من سوريا إلى مزيد من الحماية، يهدد الأردن بإغلاق الحدود، ما يزيد من خطر تعرض اللاجئين
للأذى".
وقالت فيلبس إن "حق اللجوء السياسي
ومغادرة الدول المضطربة حق لكل الناس، ويمنع على الدول إعادة أي شخص بالقوة بأي شكل
من الأشكال إلى بلد أو منطقة حيث من الممكن مواجهة مخاطر حقيقية كاضطهاد أو انتهاكات
جادة لحقوق الإنسان، وهذا بالمحصلة يشمل منع الأفراد من الدخول عند الحدود".
ورأت أنه "لا يجوز حرمان الفلسطينيين
حقهم في اللجوء بسبب هويتهم".
وأوضحت أن العديد من الذين عبروا الحدود
يعانون أوضاعاً معيشية صعبة، خصوصاً مع الظروف الجوية الصعبة والفيضانات التي عمّت
مخيمات اللاجئين في الأردن.
ورأت فيلبس أن "الأردن كغيره من الدول
المجاورة لسورية ملزم بموجب القانون الدولي بتأمين الأشخاص الفارين من الاضطهاد وانتهاكات
حقوق الإنسان، كما يحق لهؤلاء طلب حق اللجوء السياسي في مناطقهم الآن وفي المستقبل".
وقالت فيلبس إنها "تدرك أن الدول المجاورة
لسورية، بما فيها الأردن، تستضيف بكرم أعداداً كبيرة من اللاجئين، رغم الضغط الكبير
على موارد تلك الدول"، داعية المجتمع الدولي إلى زيادة حجم الدعم المقدم للاجئين
والدول التي تستضيفهم لتتمكن الدول من استيعاب التدفق الكبير للاجئين.
هذا وأكد الأردن أن الأعداد المتزايدة من
اللاجئين القادمين من سوريا تضع أعباءً إضافية على الأردن، الأمر الذي يستدعي استمرار
المجتمع الدولي بدعم المملكة كي تتمكن من مواصلة تقديم خدمات الإغاثة الإنسانية المختلفة
للاجئين.
يشار إلى أن الأردن عمل في بداية عملية
النزوح من الأراضي السورية، على إدخال الفلسطينيين إلى الأردن من دون أي قيود أو شروط.
لكن بعد تزايد أعداد اللاجئين، عمدت الحكومة الأردنية إلى ما سمّته "ضبط نزوح
اللاجئين" من خلال حصر الأعداد في مكان أعلنته مفوضية اللاجئين لاحقاً، وسمي
"مخيم الزعتري"، ومجمع سايبر سيتي في مدينة الرمثا، وجاء خطوة الحكومة الأردنية
بسبب ارتفاع أعداد الفلسطينيين القادمين من الأراضي السورية، والبحث عن مكان إقامة
يساعد على ضبط دخول اللاجئين الفلسطينيين إلى الأردن.
المصدر: مجلة العودة، العدد الخامس والستون