القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي

بعد 63 عامًا.. خيمة "اليازجي" تتذكر نكبتها

بعد 63 عامًا.. خيمة "اليازجي" تتذكر نكبتها
 
الأربعاء، 11 أيار، 2011

بعد 63 عاماً من تهجيرها و150 عاماً من عمرها، عادت خيمة مجلس أسياد القرى الفلسطينية لتُنصب من جديد بكل زواياها ومكوناتها، لتفوح منها رائحة العراقة والقِدم، مفتقدةً هؤلاء الأجداد الذين رحلوا عن الحياة تاركين إياها أمانة بأعناق أبنائهم وسلاحاً للدفاع عن حق العودة.

خيمة ضخمة تعود للجد الفلسطيني محمود اليازجي الذي حمل كل عتاده أثناء تهجيره من المجدل عام 48، وجاء به لغزة ليورثها قبل مماته لأبنائه الذين يعدونه كنزاً لا يمكن أن يقدر بثمن.

وأمام المجلس الذي عقد على أرض غزة ليحيي نكبة الفلسطينيين ويؤصل تشبث الفلسطيني بمسيرة عودته لوطنه واستحالة اجتثاثه منها، يقف أحد أحفاد اليازجي، قائلاً "هذا هو تراثنا وحياتنا التي كان مفترضأً أن يكون هناك في المجدل واسدود وكل القرى على الساحل وفي الداخل الفلسطيني".

دليل لطريق العودة

ويضيف اليازجي "كل شيء في هذا المجلس عمره أكثر من 150 سنة، وروعته في قدمه ورائحة أجدادي التي تفوح منها، وتصوري لكم هي جميلة تلك الحياة التي حرمنا إياها الاحتلال بالنكبة".

ويؤكد أن "الحفاظ على هذا الورث الذي لا يقدر بثمن سيبقى دليلاً لنا في طريق العودة".

وضمت الخيمة مجسداً لـ"القعدة العربية" في العديد من القرى الفلسطينية الساحلية وفي الداخل، وبداخلها طاحونة الجد اليازجي وفراش مصنوع من جلود الحيوانات المدبوغ والأبسطة المصنوعة من النسيج بكل الألوان، وآلة النسيج التي كان يصنعها بها.

وخيمة "اليازجي" هي أكبر زوايا معرض "راجعين" الذي تنظمه اللجنة الوطنية العليا لإحياء الذكرى الـ63 للنكبة على أرض الجامعة الإسلامية بغزة، وذلك برعاية مؤسسة أمان فلسطين الماليزية.

واحتوت على كانون وبرّاد وخروج الجمال التي كان يستخدمها اليازجي وأهله في ترحاله، وكذلك مقود النار الذي كان تعد عليه النساء كل أنواع الطعام في المناسبات والمحافل.

ويولي أحفاد اللاجيء اليازجي معداته اهتماماً كبيراً من أجل المحافظة عليها من التلف مع تقدم الزمن، حيث يقومون بغسلها بماء البحر حتى لا تضيع ألوانها ويحفظونها في جو ومكان أمن حتى لا تسبب الرطوبة أو الشمس بتآكلها.

شوق وفخر

يقول الحاج عون عجور الذي شهد النكبة عام 1948 "لا يمكن لإنسان أن يشعر بالفخر الذي نشعر به ونحن نملك هذا الورث العظيم، يكفيني رائحة الأحبة التي تفوح من هذه الأبسطة والأدوات، يكفي قعدة الساحل التي نموت شوقاً لنعود لها في المجدل واسدود".

ويشير إلى "مقاود النار" التي يعتليها عدد من قلل الفخار، مسترجعاً عظم الحياة وعادات الناس أنذاك، "كنا نضع على هذه المقاود الزبدة والسمنة والعسل بقلل تعتلي الموقد، وفي الوسط قلة كبيرة فيها طعام العائلة كالأرز واللحوم وما شابه".

ويتابع "كانت هذه المقاود تستخدم في المناسبات السعيدة، فيضع صاحب العرس مثلاً الزبدة على النار فتفوح رائحتها في كافة أنحاء القرية، فيعرف الأهالي أن عند فلان فرحاً، وكان لكل عائلة رائحة زبدة مختلفة يعرف الناس أن مبعثها من هناك".

ملْكاً ثميناً

وفي إحدى زوايا المعرض ينفرد اللاجئ جلال العربي في خيمة، يرتب فيها بعناية بعض الأسرجة والمعدات الفخارية التي ورثها من أجداده القدماء.

يقول في حديث لـ"صفا" "بفضل هذا الورث وحبي لحياة الأجداد أصبحت فناناً تشكيلياً وأنا الثالث في عائلتي بالتوارث، وطورت الكثير من هذه الموروثات بأشكالها حتى لا تدفن أو تضيع كتراث فلسطيني".

ويملك العربي سراجاً يعود عمره لـ1200 سنة، كان قد حصل عليه بالتوارث بين الأجداد، وهو يعده أثمن ما يملك في حياته.

وفي المعرض ساقية من صنع أحد لاجئي مدينة أسدود، الذي جسد فيها عظم مكانة هذه المدينة التي كان تعد ميناء فلسطين.

يقول الحاج عجور (60 عاماً) "أسدود كانت دائماَ مضيئة، بالنهار تنيرها شمس الله، وفي الليل تضيء كل منازلها حتى يعرف القادمون عبر البحر تجاه الميناء بأنهم وصلوا فلسطين".

ولا يقتصر المعرض على هذه الزوايا، حيث يضم موروثات كثيرة، وصوراً للاجئين فلسطينيين في الخيام والمدارس ومنابع المياه التي لجئوا إليها بعد تهجيرهم، إضافة لصور كافة القرى التي هجروا منها، ومفاتيح لبيوت فلسطينية هناك.

ويحيي الفلسطينيون في شتى أماكن تواجدهم ذكرى نكبة عام 48 التي هجروا فيها قصرا من ديارهم، في الوقت الذي يحتفل فيه الإسرائيليون بما يسمى "عيد الاستتقلال" وقيام دولة الكيان على جثث ودمار وترحيل وتهجير وتشريد الشعب الفلسطيني صاحب الأرض.