القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي

تقرير "المونيتور": جولة ميدانيّة مع مرابطي حماس على حدود غزّة

تقرير "المونيتور": جولة ميدانيّة مع مرابطي حماس على حدود غزّة

عدنان أبو عامر: منذ أواخر شهر تشرين الأول/أكتوبر الماضي، تشهد الحدود الشرقيّة لقطاع غزّة مع إسرائيل توتراً غير مسبوق وذلك منذ انتهاء الحرب الأخيرة في تشرين الثاني/نوفمبر 2012، لا سيّما بعد اكتشاف النفق الأخير شرق مدينة خان يونس وما تلاه من سقوط عدد من القتلى الفلسطينيّين والجرحى الإسرائيليّين، وهو ما تحدّث عنه "المونيتور" في تقرير سابق.

وتتوجّه الأنظار وسط هذه الأجواء الساخنة ما بين غزّة وإسرائيل، إلى ما يُعرف بين الفلسطينيّين بـ"وحدات المرابطين" التابعة لكتائب القسّام الجناح العسكري لحركة "حماس" والمنتشرة على الحدود من رفح إلى بيت حانون.

لم يكن سهلاً على "المونيتور" مرافقة "المرابطين" في ليالٍ صعبة كتلك التي يعيشهاالفلسطينيّون في غزةّ. لكن وبعد جهود حثيثة، تمكّن من ذلك مؤخراً في منطقة شرق قطاع غزّة وسط تحليق للطائرات الإسرائيليّة في أجواء المنطقة. أتى ذلك بمرافقة مسؤول المجموعة العسكري الذي يُطلِق على نفسه لقب "أبو مجاهد".

يقول أبو مجاهد لـ"المونيتور" في خلال جولتنا الميدانيّة معه، "تتركّز مهام وحدات المرابطين في حراسة المناطق الفلسطينيّة المعرّضة للاجتياح الإسرائيلي والرصد والاستطلاع. وهي تؤدّي معظم أعمالها في ساعات الليل، وتكون عادة في أماكن متقدّمة على خطوط التماس مع قوات الجيش الإسرائيلي".

التجهيز اللوجستي

وكان الناطق باسم كتائب القسام أبو عبيدة قد شرح مهام "وحدات المرابطين" قائلاً إنهم "يراقبون ويحرسون ثغور قطاع غزّة بشكل متواصل وعلى مدار الساعة وطوال أيام العام"، وثمّة تعليمات واضحة لهم بعدم مغادرة مواقع الرباط والثغور، وهو أمر اعتيادي منذ تشكيل تلك الوحدات.

وقد لاحظ "المونيتور" في جولته الميدانيّة مع مقاتلي "حماس" في تلك الليلة أن تسليح مجموعات المرابطين وتجهيزها متشابه. فلكلّ مجموعة عبوات جانبيّة وأخرى أرضيّة، بعضها يتمّ زرعه بشكل ثابت والبعض الآخر يتمّ استخدامه ونقله بحسب الحاجة. ويحمل أفراد كلّ مجموعة قذائف مختلفة ومتنوّعة.

ويوضح مسؤول ميداني آخر يحمل لقب "عائد" في حديث إلى "المونيتور" أن المرابطين يحرصون على تغطية برنامجهم القتالي بشكل يومي طوال ساعات الليل. وثمّة أيام مناوبة معدّة سلفاً لكلّ مجموعة". يضيف أن هذا "العمل منظم وصعب، لكن المهمّة الأساسية المناطة بهم هي الإنذار المبكر والتصدي للاجتياحات الإسرائيليّة".

وبهدف تقديم صورة عن عمل "المرابطين"، يرسم عائد سيناريو عملي لطبيعة عمل الوحدات الميداني لمواجهة الجيش الإسرائيلي. فيقول "لو كان لدينا عشر مجموعات مرابطة تقوم بمهامها وموزّعة على مواقعها، وفجأة وصل بلاغ عن حشودات عسكريّة إسرائيلية تمهيداً لعمليّة اجتياح، يتمّ تعميم البلاغ على كافة المجموعات العشر ثم يتمّ استنفار بقيّة المجموعات خارج المناوبة".

ويتابع شرحه "إذا ازدادت الحشودات بشكل يوحي باجتياح إسرائيلي وشيك، يتمّ نشر مجموعات أخرى على الخطوط الوسطى والخلفيّة ولا يقتصر الأمر على الوحدات المناوبة المتقدّمة والقريبة من خط التماس. كذلك يُراعى النطاق الجغرافي ويتمّ توقّع محاور الاجتياح وهدفه. وفي ضوء ذلك يتمّ توزيع المجموعات بحسب خرائط جغرافيّة خاصة نملكها معدّة سلفاً. وكلّ مجموعة تعرف موقعها ومهمّتها".

وحول خطوات مواجهة أي تقدّم عسكري إسرائيلي إلى داخل حدود غزّة، يشير أبو مجاهد إلى أن "أهم سلاح لوحدات المرابطين ضدّ الجيش الإسرائيلي هو العبوات الموجّهة بحيث يتمّ وضعها وتحريكها بحسب الحاجة، وكذلك القذائف المضادة للدروع ’آر بي جي‘. وعند بدء الاجتياح تتوزّع المسؤوليّة على القادة الميدانيّين لكلّ منطقة ومجموعة، للتعامل والتصرّف مع المعطيات في الميدان. وهنا لا يمكن الرجوع في كلّ مهمّة إلى القائد الميداني العام، لأن المواجهة تكون قاسية".

في خلال إعداد هذا التقرير، اطلع "المونيتور" على وثيقة عسكريّة داخليّة جاء فيها: "كتائب القسام تمتلك عدة صفوف وألوية من المرابطين، يتصدّون في عدّة محاور من قطاع غزّة للجيش الإسرائيلي، بتكتيك جديد وغير معروف له، ولم يسبق أن تقدّم في منطقة لم نرغب بالتقدّم فيها، بل كان كلّ تمركزه في المناطق المفتوحة والمكشوفة، أملاً منه أن يأتي له المقاتلون لصيدهم، إلا أن ذلك لم يحدث".

تقسيمات عسكريّة

وعلى الرغم من عدم توفّر إحصائيات دقيقة عن أعداد "المرابطين"، إلا أن التقديرات السائدة تشير إلى أن مقاتلي كتائب القسّام عموماً يقاربون 20 ألفاً، المرابطون جزء أساسي منهم من دون معرفة نسبتهم بالتحديد. وهم يتوزّعون على خمسة ألوية عسكريّة في مناطق رفح وخان يونس ودير البلح وغزّة وجباليا. وعلم "المونيتور" من أوساط عسكريّة في "حماس" أن هذه التقسيمات جغرافيّة بحسب محافظات قطاع غزّة الخمس. وينقسم كلّ لواء إلى كتائب وكلّ كتيبة إلى عدد من السرايا وكل سريّة إلى فصائل عدّة وكلُّ فصيل إلى مجموعات عدّة. وتضم كلّ واحدة من المجموعات 11 مقاتلاً وتنقسم إلى زمرتَيْن تضمّ كلّ واحدة منهما خمسة مقاتلين بالإضافة إلى قائد المجموعة. وتوزّع المهام بينهم، بحيث نجد مطلقي الصواريخ المضادة للدبابات والقناصة ووحدة هندسة لنصب العبوات وتشغيلها.

وتعتبر أهمّ مجموعات "وحدات المرابطين" تلك الخاصة بـ"الرصد والمتابعة"، ومهمّتها مراقبة تحركات الجيش الإسرائيلي حول القطاع ومتابعة تحرُّكات المستوطنين في المعسكرات المحيطة لرصد الثغرات الأمنيّة واستغلالها، إلى جانب وحدات "الاستشهاديّين" التي تنفّذ عمليات انتحاريّة ضدّ القوات الإسرائيليّة. وقد جرى تطوير أسلوبها في ما يُعرف بـ"الاستشهاديّين الأشباح".

ويكشف أبو مجاهد لـ"المونيتور" أن "مقاتلي القسّام يتسابقون في ما بينهم على الانخراط في وحدات المرابطين وتنفيذ الهجمات ضدّ الجيش الإسرائيلي، ما يُظهِر ارتفاعاً للروح المعنويّة باعتبار أن عدداً كبيراً منهم في الخطوط الأماميّة هم من حفظة القرآن الكريم".

من جهته يوضح عائد أنّهم اعتادوا "اتباع تكتيك محترف في مواجهة عمليات التوغل الإسرائيليّة، يتمثّل بنصب الكمائن للجيش وفتح ثغرات في البيوت ينتقلون من خلالها. ونكمن للجنود في داخلها كي نفاجئهم. وقد تمكنّا من السيطرة على المناطق التي يتوغّلون فيها".

ومع انتهاء جولة "المونيتور" الميدانيّة "المخيفة" مع مقاتلي "حماس" على حدود غزّة مع إسرائيل، يتّضح أن المواجهات السابقة التي خاضوها مع الجيش الإسرائيلي منحت "وحدات المرابطين" فائدة كبيرة لمعرفة الطرقات التي تسلكها آلياته العسكريّة عبر وضع خطط للتصدّي لها، وذلك من خلال تفخيخ المداخل وزرعها بالعبوات الناسفة الجانبيّة ونشر من يحملون قذائف "آر بي جي" لإعاقة تقدّمها وحصرها في داخل "مصيدة" العبوات الناسفة، ما يفسح المجال للتنبؤ بأن المرابطين سيكونون رأس الحربة بالنسبة إلى "حماس" في المواجهة المقبلة مع إسرائيل.

المونيتور، 13/11/2013