الخميس، 13 حزيران، 2024
حراكٌ طلابيٌ خجلٌ تشهده العديد من
الجامعات العربية؛ للمطالبة بوقف الحرب على غزة وقطع العلاقات مع الاحتلال
الاسرائيلي وإلغاء اتفاقيات السلام معه.
العديد من الحراكات الطلابية لم تكن
بحجم الرد على الابادة الجماعية التي يتعرض لها سكان قطاع غزة، الأمر الذي يثير
تساؤلاتٍ منطقيةٍ لماذا ظهرت الجامعات العربية بهذا العجز والضعف مقارنة مع هبة
الجامعات الغربية التي واصلت حراكها المؤثر الذي وصل حد فرض رؤيتها على رئاسة
جامعاتها وقطع العلاقات مع العدوّ الصهيوني.
القبضة الأمنية تخنق التضامن
وفي هذا السياق يرى رئيس القطاع
الشبابي في جبهة العمل الاسلامي في الأردن معتز الهروط، أن الدول التي تعاني من
فرض قبضة أمنية على الحراك المناصر لغزة، لم ينعكس فيها الأمر فقط على الحراك
الطلابي في الجامعات بل أثر بشكلٍ كبيرٍ في حجم التضامن والتظاهر في الشارع، ومع
هذا شهدت بعض هذه البلدان وقفات خجولة رغم التضيق العالي على طلبتها ومواطنيها.
وتطرق الهروط في حديثه للمركز
الفلسطيني للإعلام إلى حجم التظاهر في الجامعات الاردنية والذي كان مقاربًا لحجم
حراك المجتمع على مستوى جميع الكتل الطلابية التي نظمت العديد من الوقفات
والمسيرات لدعم غزة ومقاومتها.
ولفت في الوقت ذاته إلى إنشاء التجمّع
الطلابي الأردني لدعم المقاومة والذي يضم جميع أطياف الطلبة، وكان له دور فعال في
تنظيم العديد من الوقفات والمسيرات.
إلا أنّ الهروط يرى في الوقت ذاته أنّ
هذا الحراك لم يكن بالحجم المطلوب .
الحرية الغربية تعادل قيمة الحياة
ويعاني المشاركون في الحراك الطلابي
هجمات شرسة من قبل الاجهزة الامنية التي تنتهي باعتقال بعض الطلاب لمدد طويلة فيما
يفصل بعضهم الاخر من جامعته .
وبين الهروط ان الطلبة في الدول
الغربية يتعرضون الى القمع والاعتقال الا ان ثقافة الحرية والدفاع عنها عالية جدا
فعندما يقرر الطالب ان يشارك في الوقفات يتم إسناده من اهله ومجتمعه، وهو عكس ما
نراه في الجامعات العربية وذلك خوفا على مستقبل الطالب، كما ان العدالة في القضاء
الغربي تبعث نوعا الراحة للطالب المشارك ان تعرض للاعتقال فان القضاء ينصفه وهو ما
تفتقده الدول العربية .
واكد الهروط "أن تغييب الوعي والثقافة لدى الطالب العربي
شكل العائق لتوجه الطلبة نحو تنظيم الوقفات والمسيرات للمطالبة بوقف الحرب على غزة
ودعم المقاومة وفي المقابل نجد في الدول الاوروبية قيمة الحرية تعادل قيمة الحياة
لهذا يدافعون عن حرية التعبير بشكل عال جدا” .
وتأثرت المجتمعات العربية بشكل سلبي
بموسم الربيع العربي حيث لم تكن ربيعا بالنسبة لطلبة الجامعات في بعض الدول التي
تراجع فيها التأثير بشكل واضح في العديد من القضايا الدولية.
وأوضح الهروط أن القوى الطلابية تهشمت
الى جانب العديد من مؤسسات المجتمع المدني داخل المجتمعات العربية من نقابات
واحزاب واتحادات طلبة وتغيب دورها الفاعل نصرة للقضايا العربية العادلة، لأضعاف اي
تحرك حقيقي ومؤثر على الارض.
غزة قبلة التضحيات
وفي الوقت ذاته فإن ما يعرض عبر شاشات
التلفاز ومواقع التواصل الاجتماعي لا يعكس سوى جزء من حجم التضحيات الكبيرة التي
يقدمها اهالي غزة نصرة لقضيتهم العادلة .
وقال الهروط إن حجم التضحيات من قبل
اهالي غزة ولدت لدى العديد من فئات المجتمع العربي الشعور بالإحباط والعجز امام
تضحياتهم بالأرواح والدماء، وهذا ليس مبررا لتراجع الحراك الطلابي وغيره، بل هو
دافع لتحويل الساحات العربية والجامعات الى الساحات منتفضة من اجل رفع الظلم عن
مليوني انسان واكثر يعيشون في ظروف قاسية لا يمكن وصفها .
واكد أن على المجتمعات العربية ان
تتخلى عن ثقافة الخوف وتقديم مفهوم التضحيات للوصول الى حراك مجتمعي يؤثر في اصحاب
القرار.
الحراك الطلابي الخجول
ومن بين الدول العربية التي شهدت فيها
الجامعات وقفات تضامنية مع غزة: اليمن، حيث نظم طلاب جامعتا صنعاء وتعز، وبعض طلاب
المدارس عدة وقفات تضامنا مع الشعب الفلسطيني رفع في اثنائها المشاركون العلم
الفلسطيني ولافتات تندد باستمرار "جرائم الاحتلال على غزة وهتفوا بشعارات منددة
بسياسات واشنطن تجاه القضية الفلسطينية” .
ومن اليمن الى العراق، شاركت العديد من
الجامعات في هذا الحراك، حيث نظمت كلية الإمام الأعظم في بغداد وقفة تضامنية مع
غزة، كما تظاهر مئات الطلاب في العاصمة الموريتانية، وفي عدة مؤسسات حكومية
للتعليم العالي بينها جامعة نواكشوط، والمعهد العالي للمحاسبة وإدارة المؤسسات،
والمعهد العالي للدراسات والبحوث الإسلامية .
اما في تونس، فنظم طلاب جامعيون،
فعاليات احتجاجية استمرت لمدة أسبوع، دعما لحقوق الشعب الفلسطيني، تحت شعار "طوفان
الجامعة”.
وشارك مئات الطلاب بجامعة العاصمة
الليبية طرابلس، في وقفة تضامنية أطلقوا فيها حملة باسم "نصرة” لدعم الشعب
الفلسطيني في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي.
ومُنع تنظيم الملتقى السادس حول القدس
في المغرب الذي دعا اليه اتحاد الطلبة المغربية، وكان اللقاء سيُعقد تحت شعار
"طوفان الأقصى.. شرف الأمة وعزّتها، عنوان نصرها وتحرّرها” .
واقتصرت الاحتجاجات في الجامعات
المصرية داخل الجامعة الأمريكية بالقاهرة على المطالبة بوقف تعاون الجامعة مع
الشركات والمنتجات الداعمة للاحتلال الإسرائيلي، ومع ذلك قوبلت بالقمع من قبل
ادارة الجامعة.
وفي الأردن نظم طلبة الجامعات العديد
من الوقفات والفعاليات للمطالبة بوقف الحرب ودعم المقاومة والغاء معاهدة السلام مع
الاحتلال.
ووصل الحراك الطلابي الى الكويت التي
نُظمت فيها العديد من الوقفات الاحتجاجية بدعوة من الحركة الطلابية الكويتية
تضامنا مع قطاع غزة، ومواصلة دعم القضية الفلسطينية ونصرة شعبها حتى تحرير أرضه
المحتلة.
هل ينتقل طوفان الجامعات الغربية إلى
جامعاتنا لنصرة غزة؟
يقول الكاتب والمحلل السياسي عريب
الرنتاوي: بخجلٍ، وعلى استحياء، تسعى جامعات فلسطينية وعربية للالتحاق بركب
"انتفاضة الطلاب” في الجامعات الأميركية والغربية، الأمر بات محرجًا للغاية،
فالعون والإسناد يأتيان الفلسطينيين من على مبعدة آلاف الكيلومترات، بينما أهل
الأرض والقضية، ومن خلفهم "ذوو القربى”، ما زالوا في تيهٍ وغيبوبة.. من استيقظ
منهم على وقع صيحات النساء والأطفال في غزة، وجد نفسه خارج السياق، بلا حاضنة
اجتماعية صلبة، وجهًا لوجهٍ أمام سلطات أمنية جائرة، وإدارات جامعية، على صورتها
وشاكلتها، إلا من رحم ربي.
ويستدرك في مقالة له بالقول: مع أن
"انتفاضة الطلاب” في جامعات الولايات المتحدة، الممتدة بمفاعيل "الدومينو”، إلى
جامعات أوروبية وغربية، تنهض أمامنا بوصفها حدثًا تاريخيًا مفصليًا، لم نرَ مثيلًا
له منذ أزيد من نصف قرن، زمن ثورة الطلاب في فرنسا وأوروبا، والانتفاضة الشعبية ضد
حرب فيتنام، وحركة الحقوق المدنية.
ويخلص الرنتاوي إلى أنّ انتفاضة الطلاب
في الجامعات الأميركية والغربية، فاتحة لصفحة جديدة في كفاح الشعب الفلسطيني،
وبارقة أمل بانتقال مفاعيل "مبدأ الدومينو” إلى جامعاتنا ومجتمعاتنا العربية،
وتلكم واحدة من "بركات” الطوفان والصمود الأسطوري لغزة ومقاومتها.
يذكر أنّ العديد من الاتفاقيات
والمعاهدات الدولية كفلت حق التظاهر، ومن أبرزها الاعلان العالمي لحقوق الانسان
الصادر عام 1948 الذي يدعو الى حماية حق التظاهر وعدم تعطيله او تقييده الا طبقا
للاستثناءات التي ترد في القانون.