الأربعاء،
20 تموز، 2022
ثمة
تعاون فلسطيني أردني ينهض في شتى المجالات، ويظهر بتجليات مختلفة في السياسة
والاقتصاد وقطاعات أخرى، ومردّه الروابط الأخوية والاجتماعية، وليس أدل على ذلك من
أن الأردن يعيش على أرضه أكبر عدد من اللاجئين الفلسطينيين، ولا يملّ من تقديم ما
يمكن تقديمه لهم، وهو صاحب الوصاية على القدس والأماكن المقدسة، وفي المقدمة منها
المسجد الأقصى المبارك وكنيسة القيامة.
وعلى
الدوام، يؤثر ما يجري في مخيمات اللاجئين في الأردن، بطريقة أو بأخرى على الأهل في
فلسطين، لأسباب عدة، أبرزها أن الأردن متنفساً للفلسطينيين في كل من القدس والضفة
الغربية، وهو المنفذ الوحيد الذي من خلاله يتمكنون من التواصل مع بقية الأقطار
العربية. ويؤكد الأردن على أهمية حل القضية الفلسطينية، وإنهاء الصراع الفلسطيني
الإسرائيلي وفق تسوية عادلة على أساس حل الدولتين تضمن قيام دولة مستقلة وعاصمتها
القدس الشرقية، وتجنيب المنطقة كل ما يدفع إلى زعزعة الاستقرار وتهديد الأمن
والسلم العالميين.
تعاون لافت
في
الأيام الأخيرة، كان لافتاً التعاون الفلسطيني الأردني المكثف، لإنقاذ وكالة غوث
وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» ومنع انهيارها، بإخراجها من أزمتها
المالية التي تعصف بها، ووفقاً لمسؤولين فلسطينيين، فإن هذا التعاون ما هو إلا رجع
صدى يجسد علاقة البلدين الشقيقين، ويكرّس في الأذهان قضية اللاجئين الجوهرية،
ويذكّر العالم بها كأحد المعالم البارزة في المشروع الفلسطيني.
ووفقاً
لعضو المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان محمـد شحادة، فإن هذا التعاون المكثف،
يضمن للاجئين الفلسطينيين مواصلة تقديم المساعدات لهم، رغم الأزمات المتلاحقة التي
عانت منها وكالة الغوث، مبيناً أن دور «الأونروا» لا يقتصر على تقديم الخدمات
الإنسانية للاجئين فقط، بل يتعدى ذلك من خلال تذكير المجتمع الدولي بضرورة حل
قضيتهم. ويُعلّق الفلسطينيون آمالاً كبيرة على الجهود الفلسطينية الأردنية، لإنعاش
«الأونروا» وحشد الدعم لسد العجز المالي لديها وتفادي عجزها عن الاستمرار في تقديم
خدماتها، الأمر الذي سينتج عنه حال حدوثه، ارتفاع في مؤشر الفقر في صفوف اللاجئين
الفلسطينيين، لاسيما في قطاع غزة الذي يعاني أوضاعاً مأساوية، بفعل الحصار المستمر
عليه منذ أكثر من 15 عاماً، علاوة على تعطيل الخدمات الأساسية وأهمها الصحة
والتعليم.
وضاعف
تقليص خدمات الوكالة في السنوات الأخيرة، صعوبة الأحوال المعيشية لدى اللاجئين
الفلسطينيين في مختلف أماكن تواجدهم، أكان على امتداد الأرض الفلسطينية في الضفة
الغربية وغزة، أو دول الأردن وسوريا ولبنان التي تستضيفهم.
ويعتمد اللاجئون الفلسطينيون المسجلون
لدى وكالة الغوث والبالغ عددهم نحو 6 ملايين حول العالم، بنسبة كبيرة على
المساعدات التي يتلقونها من «أونروا»، وكان مثيراً للانتباه سوء أحوالهم مع بلوغ
العجز المالي لدى الوكالة نحو 100 مليون دولار فقط عن العام الجاري. وفي الحالة
السياسية الفلسطينية، ثمة خصوصية لقضية اللاجئين، ومن هنا فالتعاطي مع هذه القضية
يقفز كأولوية، لكونها تقف على خط المقدمة في المشروع الوطني الفلسطيني، وتذكّر
الأجيال المتعاقبة بمعاناة اللاجئين، وتحث كل مناصري الإنسانية في العالم، على
إسنادهم، ووفق تقدير مراقبين، فإن التعاون الفلسطيني الأردني الذي تضاعف أخيراً،
يلقي مزيداً من الأضواء على واحدة من أهم القضايا الإنسانية، والتي تستحق التعاطف
والتضامن العربي والدولي.