حكومة
«التوافق الوطني» تبصر النور بعد 7 سنوات من الانقسام
رام
الله ـ أحمد رمضان ووكالات
طوى
الفلسطينيون أمس الاثنين، صفحة الانقسام الأسود، على طريق استعاد الوحدة والمصالحة
الطويل، بعد سبع سنوات عجاف من الصراع بين حركتي «فتح« و«حماس« اثر تنفيذ الأخيرة
انقلاباً استولت بنتيجته على قطاع غزة، وادت حكومة «التوافق الوطني« اليمين
القانونية أمام الرئيس محمود عباس في مقر المقاطعة، في مدينة رام الله، فيما تغيّب
عن أداء القسم، وزراء غزة، بسبب منع الحكومة الاسرائيلية وصولهم الى رام الله.
فقد
أعلن الرئيس عباس في كلمة ألقاها عبر شاشة تلفزيون «فلسطين« عقب أداء الحكومة
القسم، «استعادة وحدة الوطن«، وقال: «اليوم وبتشكيل حكومة التوافق الوطني، نعلن
إنهاء ونهاية الانقسام الذي ألحق بقضيتنا الوطنية، أضراراً كارثية طوال السنوات
السبع الماضية«.
وأكد
عباس أن الحكومة التي تبدأ عملها اليوم «هي حكومة انتقالية الطابع، ومهمتها
الإعداد للانتخابات قريباً، إلى جانب رعاية أمور وتوفير حاجات أبناء شعبنا«،
مشدداً على التزامها كسابقاتها بالتزامات السلطة الوطنية والاتفاقات الموقعة
وبالبرنامج السياسي الذي أقرّته مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية«.
وأشار
إلى أن «المفاوضات السياسية، ستبقى ضمن ولاية منظمة التحرير الفلسطينية الممثل
الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني ولا علاقة للحكومة به«.
وحول
التصريحات والمواقف الإسرائيلية ضد اتفاق المصالحة والتهديد بمقاطعة الحكومة
الجديدة، قال عباس: «إنها تجعلنا أشد تمسكاً بما حققنا وأكثر إصراراً على إتمامه
ومواصلته«. وأضاف: «إنها تكشف مجدداً النيات الحقيقية للاحتلال الذي يريد تمزيق
وحدة شعبنا، ليواصل مصادرة الأرض، وبناء المستوطنات، وتهويد القدس، ومواصلة تعطيل
ووأد أي تحرك دولي نحو تحقيق السلام«.
وقال:
«إن أي إجراءات قد تقدم عليها السلطات الإسرائيلية وتمس بمصالح شعبنا الفلسطيني،
لن تمر من دون رد مناسب«، وقال: «نحن لا نرغب في التصعيد، ولا نسعى لمزيد من
التوتر، غير أننا لن نقف مكتوفي الأيدي أمام إجراءات العقوبات الجماعية، وسنستخدم
الوسائل السياسية والديبلوماسية والقانونية للرد عليها«.
وأشار
إلى أن الحملة الإسرائيلية لم تفلح في إقناع أحد في العالم بصدقيتها، بل إنها وعلى
العكس تماماً، أكدت قناعات المجتمع الدولي برفض الحكومة الإسرائيلية طريق السلام
لمصلحة الاستيطان والحصار وسياسة الأبرتهايد«.
وقال:
«سنواجه صعاباً كثيرة، لكننا نؤمن أن قطار المصالحة قد انطلق، ولن يستطيع أحد أن
يوقفه، لأن شعبنا لن يسمح بذلك مرة أخرى، ولأن جميع القوى والفصائل والفعاليات
الوطنية توافقت وتعاهدت على العمل بإخلاص، وببذل كل جهد جماعي مطلوب، لتنفيذ جميع
متطلبات استكمال إنهاء آثار الانقسام وترسيخ وحدة الشعب والوطن والأرض والمؤسسات«.
وكان
17 وزيراً أدوا اليمين القانونية، من دون وزير الاسرى بحسب الاتفاق بين «فتح«
و«حماس« على أن تحل هذه الإشكالية لاحقاً بين الجانبين.
وفي
وقت لاحق، ترأس عباس الاجتماع الأول لحكومة «الوفاق الوطني« حيث وصف المرحلة بأنها
«استثنائية وصعبة«، مشدداً على أن «الحكومة ملتزمة بمبدأ الدولتين على حدود 1967،
كما أنها ملتزمة بالاعتراف بدولة إسرائيل، ونبذ العنف واحترام الاتفاقات الموقعة،
بما فيها قرارات الرباعية الدولية«.
وقال:
«نحن ملتزمون بما قلناه ونفذناه، وهو التنسيق الأمني بيننا وبين إسرائيل حماية
لمصالح شعبنا«، موضحاً أن «المفاوضات مسؤولية منظمة التحرير التي ستستمر في عملها
وجهدها، والحكومة ستكون في صورة كل ما يجري أولاً بأول، في ما يتعلق بالمفاوضات
التي تجري بيننا وبين إسرائيل«.
وأ ضاف: «المفاوضات متوقفة، ونحن لم نوقف
أو نعطل المفاوضات، وقلنا أكثر من مرة، إنه حتى نتمكن من استئناف المفاوضات لمدة
تسعة أشهر أخرى، على إسرائيل أن تطلق سراح الأسرى الذين تم الاتفاق على إطلاق
سراحهم بالدفعة الرابعة«.
وتابع:
«النقطة الثانية، نبدأ الأشهر التسعة، بأشهر ثلاثة، نركز فيها على الحدود، لأن
هناك ست قضايا تسمى قضايا المرحلة النهائية، أبرزها الحدود التي يجب علينا أن نركز
عليها لنعرف حدودنا، وهذا يتم على الأكثر في ثلاثة أشهر، وعلى الحكومة الإسرائيلية
أن توقف الاستيطان خلال فترة المفاوضات على الحدود، وسيكون تفاوض على باقي القضايا،
ولكن تركيز على الحدود (...)، ولن نبدأ بأي عمل، قد يُفهم أنه ضد أحد، ولكن لن
نسمح بأن يُعتدى علينا ونظل صامتين، وسنرد ولن نفاجئ أحداً بما سنقوم به، وتعودنا
أن نتكلم فوق الطاولة وليس تحتها (...)، حتى نصل إلى تحقيق إقامة الدولة
الفلسطينية المستقلة وعاصمتها بلا أدنى شك، هي القدس الشرقية، إلى جانب دولة
إسرائيل لتعيشا بأمن واستقرار«، مشدداً على الالتزام بـ»المقاومة الشعبية السلمية
والتظاهرات السلمية«.
وحول
الانتخابات الرئاسية والتشريعية قال: «إن مهمة الحكومة تسهيل مسألة الانتخابات،
واتفقنا على أن الانتخابات ستكون خلال 6 أشهر، وسنصدر خلال يوم أو يومين رسالة
موجهة لكم، وموجهة للجنة الانتخابات المركزية للإعداد والتحضير للانتخابات، وموعد
الانتخابات سيتم الاتفاق عليه مع لجنة الانتخابات المركزية«.
ومن
جهته، أعلن القيادي في حركة «حماس« اسماعيل هنية في مؤتمر صحافي عقده في غزة، أنه
أبلغ أن موضوع وزارة الأسرى حل من خلال تكليف وزير الزراعة شوقي العيسه بحقيبة
وزارة الأسرى، على أن يُجرى حوار لاحقاً بشأنها. كما أعلن نهاية الحكومة المقالة
التي ترأسها طيلة سنوات الانقسام. وقال: «نغادر الحكومة، ولا نغادر الوطن، نغادر
الكرسي، ولا نغادر المسؤولية«.
وكانت
تصريحات صدرت عن الناطق باسم حركة «حماس« سامي أبو زهري، تسببت بإثارة حالة من
التوتر حين أعلن أن موقف حركته النهائي هو عدم الموافقة على إعلان حكومة لا توجد
فيها وزارة ووزير للأسرى.
وحدا
هذا الأمر، بمسؤول ملف الحوار عن حركة «فتح« عزام الأحمد، بشن هجوم لاذع على حركة
«حماس«، قال فيه: «لم أعد أعرف مع من أتحاور في «حماس«، ومن الذي يمثلها«، في
إشارة إلى رفضها إعلان الحكومة من دون وزارة الأسرى، داعياً إلى «معالجة المشاكل
بعيداً عن التصريحات غير المسؤولة«، ومنتقداً ما وصفها بـ»التصريحات غير المسؤولة،
وتصريحات رعناء في الشارع«.
اسرائيلياً:
انتقد رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو أمس الاثنين «غموض» موقف الاتحاد
الاوروبي من حكومة التوافق الوطني الفلسطينية. وقال في تصريحات بثتها إذاعة الجيش
الاسرائيلي قبل إن تؤدي الحكومة الفلسطينية اليمين القانونية: «الإرهاب الاسلامي
يرفع رأسه في أوروبا، رأينا الجريمة المروعة التي ارتكبت في المتحف اليهودي في
بروكسل».
وأشار
نتنياهو الى انه «من الغريب بالنسبة لي أن تقوم الدول الأوروبية بإدانة هذه
الجريمة بشدة بينما تتحدث بشكل غامض وبطريقة ودية عن حكومة مع حماس وهي منظمة
إرهابية تقوم بهذا النوع من الجرائم وتثني عليها».
وذكرت
مصادر إسرائيلية أن وزراء في حكومة نتنياهو عرضوا في نقاشات داخلية، منع الرئيس
عباس من السفر عقب إعلان حكومة التوافق الفلسطينية، واتخاذ إجراءات عقابية بحق
كبار في السلطة الفلسطينية.
وقالت
المصادر لإذاعة جيش الاحتلال، إن الوزير عمير بيرتس، من حزب الحركة، طالب نتنياهو
بالتريث وانتظار وضوح الخط السياسي للحكومة المقبلة وعدم اتخاذ أي إجراءات
دراماتيكية من شأنها تصعيد الأوضاع في المنطقة«.
وأوضحت
المصادر أن وزير الاقتصاد نفتالي بينت، طالب بضم مناطق في الضفة إلى إسرائيل، كرد
على إعلان الحكومة الفلسطينية، فيما قرر نتنياهو تأجيل الردود ونوعيتها لمدة 48
ساعة في ظل ضغوط أميركية وأوروبية طالبته بالتريث.
في
السياق نفسه، قالت صحيفة «جيروزاليم بوست« الإسرائيلية، إن الوزراء الإسرائيليين
اتفقوا في اجتماع لهم الأحد الماضي مع نتنياهو، على إقرار ثلاث عقوبات ضد الحكومة
الفلسطينية الجديدة طالما بقيت متحدة مع حركة «حماس«.
وأوضحت
الصحيفة في عددها الصادر أمس، أن العقوبات الثلاث هي: وقف المفاوضات بشكل كامل مع
السلطة الفلسطينية، وخفض الأموال التي تحولها إسرائيل إلى السلطة، من عائدات
الجمارك وضرائب تجمعها نيابة عن السلطة على بضائع تستورد لمصلحة الأراضي
الفلسطينية عبر الموانئ والمعابر الإسرائيلية، حيث تشكّل هذه الأموال الجزء الأكبر
من ميزانية دفع الرواتب للموظفين في السلطة الفلسطينية.
وأما
العقوبة الثالثة، فقد أعاد الوزراء الإسرائيليون التأكيد على منع وصول ثلاثة وزراء
في الحكومة الفلسطينية من قطاع غزة إلى رام الله، في الضفة الغربية.
ونقلت
صحيفة «هآرتس« الإسرائيلية، أمس الاثنين، عن مصادر إسرائيلية قولها إن اجتماعاً
طارئاً للحكومة «استمر ساعات عدة، ناقش موضوع الحكومة الفلسطينية الجديدة، وتم
الاستماع أساساً إلى آراء رؤساء قادة الأجهزة الأمنية الإسرائيلية حول التشكيلة
المحتملة للحكومة الفلسطينية وأهميتها«.
وأضافت
المصادر أن نتنياهو أبلغ الحاضرين في الاجتماع أن وزير الخارجية الأميركي جون كيري
وعده بأن واشنطن لن تسارع إلى الاعتراف بحكومة الوفاق الوطني الفلسطينية.
وكان
وزير الخارجية الأميركي جون كيري، أعرب أول من أمس الأحد عن قلقه من مشاركة «حماس«
في حكومة التوافق الوطني الفلسطينية المقبلة، وذلك في اتصال هاتفي مع عباس.
وأبدى
كيري قلقه إزاء «دور حماس في مثل هذه الحكومة، وشدّد على أهمية أن ترفض الحكومة
الجديدة العنف وأن تعترف بدولة اسرائيل وأن تحترم الاتفاقات الموقعة»، بحسب
الناطقة باسم وزارة الخارجية جنيفر بساكي التي أضافت أن «عباس أكد لكيري أن
الحكومة الجديدة ستلتزم بهذه المبادئ».