"ذي ماركر":
فلسطينيو48 يعيشون بغيتوات اجتماعية واقتصادية بسبب التمييز العنصري من الحكومات
الناصرة
- زهير أندراوس: نشرت صحيفة ‘ذي ماركر’ الاقتصادية، التابعة لصحيفة هآرتس نتائج
بحث غير مسبوق تم إجراؤه على الأوضاع الاقتصادية للعرب الفلسطينيين، الذين يعيشون
في الداخل الفلسطيني، ويُشكلون أكثر من عشرين بالمئة من سكان إسرائيل.
وجاء
في البحث الذي أعده البروفيسور عران ياشيف، رئيس قسم الدراسات الجماهيرية في جامعة
تل أبيب، ود. نيتسا كاسير، من بنك إسرائيل، أنه بسبب سياسة الحكومات الإسرائيلية
المتعاقبة، فإن فلسطينيي الداخل يعيشون في غيتوات جغرافية واقتصادية، كما أنه
يُوصي حكومة بنيامين نتنياهو بالعمل فورا على أقامة بلدات خاصة بالعرب، نتيجة
الوضع المتفاقم.
وكتب
الباحثان أن تقديم المساعدات لعرب الـ48، هو أولاً يعني تقديم المساعدة للدولة
العبرية، ذلك أنه يرفع من نسبة الضرائب المدفوعة من المواطنين، ومن ناحية أخرى،
يُساهم هذا الأمر في إنعاش الاقتصاد الإسرائيلي برمته، على حد تعبير الباحثين،
وشدد الباحثان على أن تقديم المساعدات لمن يسميهما بعرب إسرائيل، هو أولاً مصلحة
إسرائيلية واضحة جدَا، ومن المتوقع أنْ تُساهم هذه المعونات مساهمة كبيرة جدًا في
النمو الاقتصادي بالدولة العبرية، كما أنهما يُوصيان الحكومة بتخصيص الموارد
الهائلة من أجل السماح لفلسطينيي الداخل بالانضمام إلى سوق العمل الإسرائيلي،
وبحسبهما فإن الدولة يتحتم عليها أن تستثمر في السنوات القليلة القادمة بين 4 حتى
5 مليار شيكل، في مجالات عدة من أجل مساعدة العرب في إسرائيل بالانخراط في سوق
العمل، كما أن البحث يُوصي الحكومة الإسرائيلية باستثمار مبلغ أولي وبسرعة يصل إلى
3 مليار شيكل، بحيث تُستغل هذه الميزانية في إعادة ترميم جهاز التعليم لدى العرب،
الذي يُعتبر، بحسب البحث، المجال الأهم والمركزي، الذي يقُض مضاجع الفلسطينيين في
إسرائيل، ومن ناحية أخرى، فإن إعادة ترميم جهاز التعليم يُساهم إلى حدٍ كبير في
رفع مستوى اندماج العرب في الدولة العبرية، ويؤكد الباحثان على أن قادة جهاز الأمن
العام (الشاباك) يؤيدون الفكرة بإجماع كبير، ويؤكدون أن هذا الأمر يُقوي شعور
انتماء الفلسطينيين بالداخل للدولة العبرية، على حد قولهما.
وتُقر
الدراسة أن مشكلة فرص العمل لدى فلسطينيي الـ48 هي إحدى أهم وأخطر المشاكل،
فالنساء العربيات لا يعملن تقريبًا، وتصل نسبتهن في سوق العمل العربي إلى 22
بالمئة فقط، وحتى النساء اللواتي يعملن فإنهن مُركزات في العمل بسلك التربية
والتعليم وفي جهاز الصحة، بالمقابل يكشف البحث عن أن النساء الفلسطينيات الحاصلات
على الشهادات الجامعية، تمكن من اجتياز الحواجز والانخراط في سوق العمل
الإسرائيلي، ولكن راتب العربيات، مقارنة باليهوديات الأكاديميات، أقل بنسبة 21
بالمئة.
وكشف
البحث أيضا عن أن 66 بالمئة من الرجال العرب يعملون، ولكن في العقد الأخير، انخفضت
النسبة كثيرا مقارنة بالرجال اليهود، ويعزو الباحثان هذا التحول إلى عدم وجود
طلبات عمل في الأعمال للذين لا يحملون الشهادات الجامعية، ومن ناحية أخرى، تفضيل
المشغلين الإسرائيليين العمال الأجانب على العمال من صفوف فلسطينيي الداخل، وأكد
البحث على أن الرجال العرب يعزفون عن العمل في جيل مبكر بسبب عملهم الشاق في أماكن
العمل، التي تتطلب مجهودا كبيرا، ذلك أنه نسبة مشاركة العرب في الأعمال تبدأ في
الانخفاض عند وصلوهم إلى جيل 45 عاما، خصوصا وأن الرجال العرب يعملون في الصناعة
والزراعة والبناء، كما أن نسبة البطالة لدى الرجال العرب تفوق النسبة كثيرا في
صفوف اليهود، وأن رواتبهم أدنى من رواتب العمال اليهود بنسبة 43 بالمئة، على حد
قول الباحثين.
وأورد
البحث إحصائيات رسمية إسرائيلية تُشير إلى تخلف الفلسطينيين في إسرائيل في قضية
الدراسة، حيث تبين أن هناك بونا شاسعا بين اليهود والعرب، طبعا لصالح اليهود، فعلى
سبيل الذكر لا الحصر، نسبة التسرب لدى العرب في المرحلة الثانوية تصل إلى 21
بالمئة، في ما أن نسبة العرب الذين يدرسون للقب الجامعي الأولي تصل إلى 13 بالمئة،
وفقط أربعة بالمئة من الفلسطينيين يدرسون للقلب الثالث (الدكتوراه)، مع العلم أن
العرب، بحسب الدراسة، يُشكلون 20.5 بالمئة من سكان الدولة العبرية.
وساق
البحث قائلاً إنه علاوة على المشكلتين في مجال التعليم والعمل، التي يُعاني منهما
العرب، هناك مشكلتين إضافيتين، لا تقلان خطورة، الأولى هي التركيز الجغرافي
لفلسطينيي الداخل، إذ أنه حسب الإحصائيات الإسرائيلية الرسمية 44 بالمئة منهم يسكنون
في 14 قرية أوْ بلدة، أوْ مدينة فقط، والثانية الوضع الاقتصادي الصعب لهذه
المجمعات العربية، ذلك أن السلطات المحلية العربية فقيرة جدًا، ولا مجال للمقارنة
مع السلطات اليهودية، كما جاء في البحث، الذي أكد أيضًا على أن البعد الجغرافي
للمجمعات العربية من مركز الدولة العبرية يزيد الطين بلة، إذ أن السكان لا
يستطيعون الانخراط في سوق العمل في المركز، كما أنه في 38 بالمئة من هذه المجمعات
لا توجد مواصلات عامة، الأمر الذي يُوجج المشكلة.
ويؤكد
الباحثان على أن هذه المشاكل مجتمعة، يجعل من مهمة إيجاد عمل للعرب مهمة صعبة، إنْ
لم تكن مستحيلة، ويُشيران إلى أنهم يُعانون من البعد الجغرافي، من التمييز، من
نسبة تعليم منخفضة جدًا، ومن مشكلة المواصلات العامة، هذه المشاكل بشكل عام، يُشير
الباحثان، يؤديان إلى خلق مشكلة اجتماعية واقتصادية معقدة للغاية، لا مثيل لها،
ذلك أنه لا توجد دولة في الغرب، تُواجه تحديًا من هذا القبيل، مؤكدان على أن
الميزانيات التي صرفتها وخصصتها الحكومة الإسرائيلية لتطوير ما يُطلق عليه في
الدولة العبرية اسم (الوسط العربي)، ما هو إلا نقطة في بحر، على حد تعبيرهما.
وأكد
الباحثان على أنه منذ إقامة الدولة العبرية في العام 1948 لم يُقم ولو بلدة عربية
واحدة، داخل ما يُسمى بالخط الأخضر، الأمر الذي أدى على مدار السنين إلى أنْ تتحول
البلدات والقرى والمجمعات الفلسطينية في الداخل، إلى غيتوات اقتصادية واجتماعية.
وتُوصي
الدراسة بفك الحصار المفروض على الغيتوات العربية، وتنفيذ قرارات الحكومة التي لم
تُنفذ مثل عدم السماح للأجانب بالعمل في إسرائيل، والأهم من ذلك، بحسبهما، هو
بنماء مجمعات عربية قريبة من المركز، أما التوصية الثانية فهي القيام بعملية واسعة
النطاق ضد التمييز العنصري، بحيث تسن الكنيست قوانين تمنع من أصحاب العمل اليهود
من رفض العرب على خلفية قومية، كما أنهم يقترحان على حكومة نتنياهو تخصيص مبلغ 100
مليون شيكل لمساعدة العرب قضائيًا في حل المشاكل الناتجة عن التمييز العنصري، على
حد قولهما.
القدس
العربي، لندن، 24/6/2013