الأربعاء، 29 تموز، 2020
توفي يوم الإثنين 27 تموز الشاعر الفلسطيني
هارون رشيد هاشم في مكان إقامته بكندا، عن عمر ناهز 93 عاماً.
رشيد الذي لقّب بـ"شاعر العودة"
وُلد عام 1927 في حي الزيتون بمدينة غزّة، ودرس في مدارس القطاع حتّى تخرجّه مُعلّماً،
و حصل على الدبلوم العالي لتدريب المعلّمين من كليّة غزة وخاض في سلك التعليم حتى عام 1954.
حجز رشيد لذاته مكانة كبيرة بين جيل من
الشعراء عُرفوا بـ" شعراء النكبة" ومن ألقابه " شاعر العودة" وأطلق
عليه الشاعر عزّ الدين المناصرة لقب "شاعر القرار 194" وعُرفت قصيدته الشهيرة
"سنرجع يوماً إلى حيّنا" كعنواناً لحق العودة في وجدان الجمهور العربي، الذي
تلقاها بغناء الفنانة اللبنانية فيروز.
عمل رشيد، في مجال الإعلام لسنوات طوال،
حيث ترأس مكتب إذاعة "صوات العرب" في قطاع غزّة، كما عمل مشرفاً على إعلام
منظمة التحرير في القطاع قبل نكسة عام 1967، وَوُلّي تمثيل فلسطين في اللجان الدئمة
بجامعة الدول العربيّة لمدّة 30 عاماً.
تحوّل هارون هاشم رشيد لاجئاً إثر النكسة،
حيث اضطّر إلى الانتقال للقاهرة، وفيها أنتج وبعد اجتياح غزة عام 1967 أجبر رشيد على
المغادرة فانتقل للقاهرة التي أصدر فيها أغلب أعماله الشعرية والأدبية، وتناول مأساة
فلسطين والتهجير، وأطلق عليه القيادي الفلسطيني خليل الوزير لقب "شاعر الثورة".
صدر للشاعر رشيد نحو 20 ديواناً شعريّاً،
ومنها: (الغرباء عام 1954، وعودة الغرباء 1956، غزة في خط النار، حتى يعود شعبنا
1965، سفينة الغضب 1968 ورحله العاصفة 1969، فدائيون 1970 مفكرة عاشق 1980 يوميات الصمود
والحزن 1983، ثورة الحجارة 1991، طيور الجنة 1998) وسواها.
وفي رصيده، 4 مسرحيّات بعضها أنتجت وعُرضت
على مسارح القاهرة كمسرحيّة " السؤال" وله مسرحيّة "سقوط بارليف"
التي قُدّمت على المسرح القومي بالقاهرة عام 1974، ومسرحية "عصافير الشوك".
عاصر الانتداب والنكبة والنكسة
آراء عدّة، من مختلف الاختصاصات والميادين،
تُجمع على أهميّة الشاعر الراحل هارون هشام رشيد، واعتبره الكاتب والباحث السياسي الفلسطيني
عزيز المصري أنّه " شاعر غزة الأول، وأحد حراس معبدها التاريخي، وهو شاعر القرار
194 الخاص بالعودة لفلسطين، حيث أطلقه عليه الشاعر عز الدين المناصرة لكثرة حديثه عن
مفردات العودة في قصائده".
وقال المصري في حديث مع وكالة "الأناضول"
إنّ " الشاعر هارون رشيد عاصر الانتداب البريطاني والنكبة، وشارك في استقبال المهاجرين
من أراضي عام 1948 إلى قطاع غزة عند شاطئ البحر متطوعا، وبعدها شارك في أعمال مجتمعية
متعددة".
وقال عنه أستاذ اللغة العربية بجامعة القدس
المفتوحة سعيد الفيومي، إنّه "استطاع من خلال أعماله الشعرية أن يعيد التوازن
النفسي والوعي لأبناء الشعب الفلسطيني، لا سيما أنّ أعماله بدأت تبرز مع حلول النكبة
الفلسطينية، ونما انتشارها مع ازدياد الاعتداءات الإسرائيلية على الحقوق الفلسطينية"
ورأى الفيومي في حديث للـ"أناضول"
أنّ "أعمال رشيد تخطت حدود فلسطين بسرعة،
وصارت تتردد على الألسنة العربية من قِبل العامة والفنانين والنخب الثقافية والأدبية،
وذلك لما اتسمت به من لغة مباشرة وشعبية، ولجمعها بين المنطق والعاطفة، بصورة فريدة
شكلت لوحدها حالةً شعرية خاصّة".
أعمال ساهمت في بناء الشخصية الفلسطينية
وأشار بيومي، في حديثه إلى أنّ أعمال رشيد،
كان لها دور كبير في بناء الشخصية الفلسطينية، وإمدادها بالمعلومات والمعارف الوطنية،
نظراً لكونها ضّمنّت ضمن البرامج التعليمية في المدارس والجامعات.
كما لفت، إلى استعمال الشاعر رشيد أسلوبي
الشرط والنداء، والتكرار في الكلمات والعبارات الوطنية، للتأكيد على ولوجها للنفس،
ومثال ذلك قصائد "فلسطيني" و "سنعود" و"غرباء"، التي
صورت حياة الفلسطينيين في الغربة والشتات.
من جانبه، اعتبر الروائي الفلسطيني يسري
الغول، أنّ "رحيل رشيد يزيد من إصرار أهل الأدب الفلسطيني على الاستمرار في الإبداع
والكتابة لمواجهة الاحتلال والحصار، وللتغلب على أشكال المعاناة كافة".
وقال في حديث للـ"أناضول" إنّ
"رشيد ساهم برفقة مجموعة من الشعراء الكبار في "إيصال الرسالة الفلسطينية
للعالم عبر ما قدموه للمكتبة العربية والدولية من أدبٍ مقاوم يسعى لإبراز الحقيقة،
وطبيعة الحياة في الأرض المحتلة".