شهادة ميلاد دولية لدولة فلسطين
الجمعة، 30 تشرين الثاني، 2012
أخيراً رفع العلم الفلسطيني في الأمم المتحدة بعد 65 عاماً من إصدار قرارها 181 الذي قسم فلسطين التاريخية إلى دولتين، دولة محتلة ودولة مغيّبة.
أخيراً ولدت دولة فلسطين في ساعة متقدّمة ليل أمس من رحم المعاناة والشهادة والدّم الذي نزف ولا يزال ينزف من أبناء الشعب الفلسطيني على تراب الوطن في قطاع غزة والضفة الغربية حيث الفلسطيني لاجئ على أرضه، وفي الشتات حيث يحرم الفلسطيني من أبسط حقوقه، في يوم حداد أسود للكيان الإسرائيلي الغاصب للأراضي العربية والفلسطينية.
بأغلبية 139 دولة منها فرنسا وعدد من الدول الأوروبية، مقابل رفض 9 دول منها الولايات المتحدة، وامتناع 41 دولة، ظفرت فلسطين أمس بصفة دولة مراقبة غير عضو في الأمم المتحدة، بعد كلمة للرئيس الفلسطيني محمود عباس طالب فيها الجمعية العامة للامم المتحدة المنعقدة في نيويورك أمس للنظر في طلبه رفع تمثيل فلسطين الى صفة دولة غير عضو مراقب، بـ"اصدار شهادة ميلاد دولة فلسطين".
وقال عباس في خطاب امام الجمعية العامة "إن الجمعية العامة للامم المتحدة مطالبة اليوم باصدار شهادة ميلاد دولة فلسطين، ولهذا السبب بالذات نحن هنا اليوم".
واوضح انه "قبل 65 عاما وفي مثل هذا اليوم أصدرت الجمعية العامة للامم المتحدة القرار 181 الذي قضى بتقسيم ارض فلسطين التاريخية، وكان ذلك بمثابة شهادة ميلاد لدولة اسرائيل" في اشارة الى قرار تقسيم فلسطين الذي اصدرته الامم المتحدة في 29 تشرين الثاني 1947.
وتابع "بعد 65 عاما وفي نفس اليوم الذي اقرته هيئتكم الموقرة يوما للتضامن الدولي مع الشعب الفلسطيني، فإن الجمعية العامة تقف امام واجب اخلاقي لا يقبل القيام بادائه تردداً، وأمام استحقاق تاريخي لم يعد الوفاء به يحتمل تأجيلاً، وأمام متطلب عملي لإنقاذ فرص السلام، لا يتقبل طابعه الملح إنتظاراً".
وحذر عباس الاسرة الدولية من انها اليوم امام "الفرصة الاخيرة لانقاذ حل الدولتين".
وقال "تجيء فلسطين اليوم إلى هذا المحفل الدولي الرفيع؛ ممثل الشرعية الدولية وحاميها، مؤكدين قناعتنا بأن الاسرة الدولية تقف الآن أمام الفرصة الاخيرة لإنقاذ حل الدولتين".
واضاف "لم نأت إلى هنا ساعين إلى نزع الشرعية عن دولة قائمة بالفعل منذ عقود هي إسرائيل، بل لتأكيد شرعية دولة يجب أن تقام سريعاً هي فلسطين، ولم نأت هنا كي نضيف تعقيدات لعملية السلام التي قذفت بها الممارسات الاسرائيلية إلى غرفة العناية المركزة، بل لإطلاق فرصة جدية أخيرة لتحقيق السلام"
وتابع "لا يستهدف مسعانا الإجهاز على ما تبقى من مفاوضات فقدت جدواها ومصداقيتها، بل هو محاولة لبث روح جديدة في احتمالاتها ووضع أساس متين لها". واكد عباس ان "العالم مطالب بتصحيح الظلم التاريخي الذي الحق بالشعب الفلسطيني" وان "اللحظة حانت كي يقول العالم بوضوح: كفى للعدوان والاستيطان والاحتلال" الاسرائيليين. واضاف "ان العالم مطالب اليوم بأن يسجل نقلة هامة في مسيرة تصحيح الظلم التاريخي غير المسبوق الذي ألحق بالشعب الفلسطيني منذ النكبة عام 1948".
ولكن الرئيس الفلسطيني اكد ان رفع التمثيل الفلسطيني في الامم المتحدة ما هو الا خطوة على طريق قيام دولة فلسطين المستقلة.
وقال "لن نقبل إلا باستقلال دولة فلسطين وعاصمتها القدس فوق جميع الأراضي التي احتلت عام 1967 لتعيش بأمن وسلام إلى جانب دولة إسرائيل، وحل قضية اللاجئين على أساس القرار 194، حسب منطوق المبادرة العربية للسلام". ولكنه حذر من ان الوقت يضيق امام هذا الحل التفاوضي.
وقال "نكرر هنا التحذير مرة أخرى: إن نافذة الفرص تضيق، والوقت ينفد سريعاً، وحبل الصبر يقصر، والآمال تذوي".
وبدأت الجمعية العامة للامم المتحدة الخميس جلسة للنظر في طلب منح فلسطين صفة دولة غير عضو مراقب في الامم المتحدة، في خطوة يتوقع ان تشكل انتصاراً دبلوماسياً ومكسباً قانونياً للفلسطينيين رغم انها قد تعرضهم لخطر عقوبات اميركية واسرائيلية.
ونص مشروع القرار على منح فلسطين صفة "دولة غير عضو مراقب" في الامم المتحدة و"يعرب عن امله بان يقوم مجلس الامن بالنظر بشكل ايجابي" الى قبول طلب دولة كامل العضوية في الامم المتحدة الذي قدمه الرئيس الفلسطيني محمود عباس في ايلول 2011.
وندد رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو بانتقاد الرئيس الفلسطيني محمود عباس الحاد لاسرائيل في خطابه في الجمعية العامة للامم المتحدة أمس ووصف الخطاب بأنه "عدائي وسام" وحافل "بالدعاية الكاذبة".
واعتبرت الولايات المتحدة ان تصويت الجمعية العامة للامم المتحدة لرفع مستوى التمثيل الفلسطيني الى صفة دولة مراقب في الامم المتحدة يضع "عراقيل" امام التوصل الى سلام بين اسرائيل والفلسطينيين.
وقالت السفيرة الاميركية في الامم المتحدة سوزان رايس امام الجمعية العامة "ان القرار المؤسف وغير المجدي الذي صدر اليوم (أمس) يضع مزيداً من العراقيل في طريق السلام. لهذا السبب صوتت الولايات المتحدة ضده".
("المستقبل"، ا ف ب)