القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي

ضراغمة..عندما يغيب الزمن ويكسر الفرح قضبان السجون

ضراغمة..عندما يغيب الزمن ويكسر الفرح قضبان السجون


السبت، 18 نيسان، 2015

«أنا ما تركتك يا حبيبه راضياً.. بل رغم طوعي قد هجرت وصال، ما كنت أرضى أن أساق بذلة.. وأعيش بين القهر والإذلال»، بهذه الأبيات استهل الأسير الفلسطيني يحيى حافظ دراغمة «43 عاماً» من مدينة طوباس، قصيدته التي ردّدها بشكل عفوي عندما تنامى إلى مسمعه خبر تقدّم أحد الشبان لخطبة ابنته التي حرمته عتمة زنزانة السجن من رؤيتها.

لم يكن يتخيل الأسير دراغمة أن الاثنتا عشر سنة التي قضاها متنقلاً بين زنازين المعتقلات الإسرائيلية، قد أنضجت ابنته التي تركها خلفه صغيرة تتسلق كتفيه عند سجوده في الصلاة، ولم يدرك في غمرة تلاحق الأشهر والسنوات أن تلك الطفلة التي عهِدها بشقاوتها وخفة ظلها قد كبرت، وأصبحت عروسا، يطرق الشبان باب منزلها لخطبتها.

زمن لا يتحرك

زوجة الأسير دراغمة «أم أسيد» أشارت إلى صعوبة تلك اللحظة التي جاء فيها أحد الشبان لخطبة ابنتها، وقالت "عندما أخبرت زوجي بتقدم أحد الشبان لخطبة ابنتنا آيات، رفض الفكرة بتاتاً، ورد عليّ بأنها ما زالت طفلة صغيرة، وهنا كان لا بد لي من أن أتدخل وأشرح له بأن الفتاة كبرت".

وأضافت المواطنة دراغمة لـ «قدس برس»، »لقد شعر وكأنه في حلم، فالسنوات مضت ولم تتغير صورة فتياته الصغيرات، نسي أن الـ 12 عاما كانت كفيلة بتغيير الكثير من الأحداث، فالصغير أصبح شابا، والكبير هرم وشاخ وبعضهم فارق الحياة ، يبدو أن الزمن خلف القضبان لا يتحرك، والعقل يتوقف عند لحظة الاعتقال والمشاهد الذهنية تبقى مجمدة».

أما آيات فكانت هي الأخرى رافضة لفكرة الزواج في ظل غياب والدها، وقالت «لم أكن أتخيل يوماً أنني قد أتزوج ووالدي ما يزال يقبع في السجن ففرحتي ستكون بكل تأكيد ناقصة».

وأضافت «هذه الفرحة ستغيظ الاحتلال وهي رسالة له بأن عزيمتنا أقوى من سجونه وزنازينه، فهم وإن استطاعوا أن يعتقلوا جسد والدي، لكنهم لن يستطيعوا حتماً اعتقال روحه وقلبه وفرحته»، كما قالت.

يحيى المقاوم

اُعتقل الأسير يحيى دراغمة بتاريخ 14 تشرين ثاني عام 2003، بعد مطاردة دامت أكثر من عامين، حيث حاصرت قوات كبيرة من جيش الاحتلال عدة منازل في طوباس، وعندها لم يكن أمامه أي خيار إلا تسليم نفسه، حفاظاً على أرواح عائلته.

وتشير زوجة الأسير، إلى أنه تعرّض للتعذيب الشديد أثناء التحقيق معه في سجون الاحتلال، حيث تلقى ضربة قاسية على رأسه أفقدته الذاكرة لفترة طويلة، وبعد عامين من الاعتقال والمعاناة، أصدرت محكمة الاحتلال حكماً بسجنه لمدة 22 عاماً، بتهمة توليه منصباً قيادياً في «كتائب القسام» الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية «حماس».

وحول وضعه الصحي، أشارت إلى أنه يعاني من عدة مشاكل صحية نتيجة سياسة الإهمال الطبي، حيث يشكو من نوبات حصوة الكلى ومن أزمة صدرية وضعف في النظر، إضافة إلى تساقط بعض أسنانه وعدم قدرته على تناول الطعام.

ورغم كل ذلك، لم تكن هذه المعاناة عائقا في وجه الأسير دراغمة، حيث تمكّن من استكمال تعليمه في السجن، وحصل على شهادة الثانوية العامة وحاول الانتساب لإحدى الجامعات المفتوحة في دولة الاحتلال، إلا أنه لم يتمكن من ذلك بسبب «قانون شاليط» الذي مُنع الأسرى بسببه من الانتساب للجامعات.

وأبدع الأسير دراغمة في كتابة الشعر، فألّف عشرات القصائد داخل السجن وجمعها في دواوين مختلفة منها؛ «ديوان آيات» و«حكايات من وحي الواقع» و«شياطين على هيئة بشر» و«رياحين بين مفاصل الصخر»، وقد تواصلت عائلته مع مديرية الثقافة في طوباس من أجل نشر وطباعة بعضها.

وتظل عائلة الأسير يحيى دراغمة كحال غيرها المئات من عوائل الأسرى تترقب صفقة تبادل ثانية يجري الحديث عنها في وسائل الإعلام الفلسطينية والعبرية، ليتم بموجبها إطلاق سراح الأسرى القدامى وأصحاب الأحكام العالية، وهو الأمل الوحيد ونافذة الحرية المتبقية لهؤلاء الأسرى.

المصدر: المركز الفلسطيني للإعلام