الثلاثاء، 19 كانون الثاني، 2021
في الوقت الذي يحزم الرئيس الأمريكي دونالد ترمب
حقائبه لمغادرة البيت الأبيض، أصدر الأخير قرارا بضم "اسرائيل" إلى القيادة
المركزية الأمريكية "سنتكوم"، إلى جانب دول عربية كانت قد طبعت علاقاتها
مع الاحتلال منذ وقت قريب.
والجمعة، أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية (بنتاغون)
أن الولايات المتحدة أجرت تغييرا على خطة القيادة العسكرية الموحدة، ونقلت "إسرائيل"
من منطقة عمليات القيادة العسكرية الأمريكية في أوروبا إلى القيادة الوسطى التي تشمل
دولا عربية.
المختص بالأمن القومي، إبراهيم حبيب، يقول:
"إن الولايات المتحدة الأمريكية تقسم العالم إلى عشرين منطقة جغرافية تسيطر من
خلالها على جميع أنحاء العالم برا وبحرا".
وأضاف في تصريحات لـ"قدس برس"،
"إسرائيل كانت من ضمن القيادة الأوروبية، وأما القيادة الوسطى التي مقرها في ولاية
فلوريدا في الولايات المتحدة الأمريكية، فتضم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حتى أن أثيوبيا
كانت تتبع للقيادة الوسطى".
وتابع: "الدول العربية، لم تكن ضمن الحماية
الأمريكية في القيادة الوسطى، ولكن بعد توقيع اتفاقيات السلام مع إسرائيل، فإن الولايات
المتحدة الأمريكية تهدف إلى دمج تل أبيب وجعلها جزءا طبيعيا في المنطقة من خلال قيادة
عسكرية مشتركة".
وحول أبعاد التغييرات الأمريكية الجديدة، قال حبيب:
"أعتقد أن هذا الأمر ليس أمرا بريئا، وإنما يستهدف إعلان حرب خلال المرحلة القادمة،
وربما تكون على إيران بمشاركة عربية، وبالتالي المنطقة كلها ستكون في حالة خطر".
وفيما يتعلق بتأثر المقاومة الفلسطينية جراء هذا
الإجراء، أوضح حبيب بالقول: "موضوع المقاومة الفلسطينية لا يدخل ضمن الاعتبارات
الأمريكية، بقدر ما يدخل ضمن الاعتبارات الإسرائيلية بالدرجة الأولى".
ونوه أن الاحتلال الإسرائيلي "لا يمكنه شن
حرب على المقاومة الفلسطينية من دون ضوء أخضر أمريكي، نتيجة للمخاوف التي قد يشكلها
أي انفراط للأنظمة العربية للإقليم، نتيجة استمرار العدوان، وبالتالي تكمن هنا الخطورة".
وحذر "حبيب" من خطورة المرحلة، واستغلال
الاحتلال الإسرائيلي للفرصة، لضرب المقاومة في قطاع غزة دون أن يكون هناك خشية في تبدل
الأنظمة العربية، في ظل حالة الكبت والسيطرة التي تمارسها الأنظمة العربية على شعوبها".
إلا أنه استدرك بالقول بأن "المقاومة الفلسطينية
تدرك حقيقة هذه المعادلة، ولن تعطي الفرصة للانجرار وراء مواجهة، في ظل انعدام الظهير
الإقليمي في هذه المرحلة، والمقاومة باتت تتحدث عن هذا الأمر علانية".
ولم يستبعد "حبيب" أن تشارك دولا عربية
في أي حرب محتملة على قطاع غزة، في إطار تحالف عسكري إسرائيلي عربي، مستدركا بأن المقاومة
الفلسطينية لها قراءاتها، وأن رئيس حركة (حماس) إسماعيل هنية عندما أرسل خطابا للرئيس
محمود عباس، أعلن فيه قبوله للانتخابات، كان يدرك حقيقة المآلات وما يحاك في الإقليم،
لذلك هو يريد أن يجنب قطاع غزة أي تصعيد، ويسعى للم الشمل الفلسطيني، حتى ولو على حساب
حركة حماس والمقاومة الفلسطينية، ضمن حلول أقل الضررين، في ظل تعقد المشهد الإقليمي
وازدياد العداء للمقاومة"، وفق رؤيته.
بدوره، يرى الخبير بالشؤون الأمنية والعسكرية، رامي
أبو زبيدة، أن "القرار الأمريكي هو حماية لإسرائيل، ضد أي تهديد، وخطورته بتحويل
البلدان العربية الى ساحة مواجهة لحماية (إسرائيل)، إذ سيشاركون بشكل مباشر وغير مباشر
في أي عدوان على الشعب الفلسطيني، ويعرضون بذلك شعوبهم وأمنهم وحاضرهم ومستقبلهم للخطر
خدمة للعدو الإسرائيلي".
وأشار في حديث لـ"قدس برس"، إلى أن هذا
القرار يأتي خدمة للمصالح الإسرائيلية واستجابة لجماعات موالية لـ"تل أبيب"
كانت تطالب بذلك منذ وقت طويل للدفع نحو تعاون إسرائيلي عربي ضد إيران، وهو يأتي في
سياق التطبيع الذي ينتقل اليوم للتطبيع العسكري والأمني مع الاحتلال.
وأضاف: "من الواضح ان الدول المطبعة مع الكيان
لديها الرغبة ومهتمة بتوثيق علاقاتها العسكرية مع إسرائيل، خصوصا في ظل حالة التوتر
التي تشهدها المنطقة مع إيران، وللدلالة على ذلك، فإن الإمارات وإسرائيل ستجريان مناورات
علنية عسكرية مشتركة بمشاركة عدد من الدول، وذلك للمرة الأولى منذ اتفاق التطبيع بين
الطرفين، الذي وقع في آب/أغسطس الماضي".
وحذر من أن الاحتلال الإسرائيلي سيستثمر هذا القرار
بتوفير القواعد العسكرية في المنطقة العربية، وفتح مياههم وأجوائهم وأرضهم، أمام القوات
الأمريكية والإسرائيلية، في حال تعرضت "تل أبيب" للخطر، أو قرر الثنائي
"الأمريكي الإسرائيلي" تسديد ضربات او عمليات عسكرية ضد إيران أو المقاومة.
وكان ترمب، قد دفع بقوة باتجاه تطبيع العلاقات بين
"إسرائيل" وكل من الإمارات والبحرين والمغرب، وهو ما تحقق خلال العام الماضي.
وتأسست القيادة المركزية الأمريكية "سنتكوم"
عام 198، وتغطي المناطق المركزية من العالم الواقعة بين قارتي أوروبا وإفريقيا والمحيط
الهادئ.
وتشرف "القيادة المركزية" على الأعمال
العسكرية للولايات المتحدة في بلدان عدة بينها سوريا واليمن والعراق وأفغانستان.
المصدر: محمد صفية – قدس
برس