نتنياهو يواجه تهديد اليمين
بالانسحاب من حكومته إذا أفرج عن الدفعة الرابعة من الأسرى
عباس: قبول انضمام فلسطين الى
اتفاقيات جنيف حدث تاريخي
اعتبر الرئيس الفلسطيني محمود عباس
أمس الجمعة، قبول انضمام فلسطين الى اتفاقيات جنيف الأربع كدولة متعاقدة «تاريخاً
جديداً وربما تاريخياً».
وقال عريقات لوكالة «فرانس برس» إن
«الرئيس عباس يعتبر قبول فلسطين دولة متعاقدة لاتفاقيات جنيف الأربع تاريخاً
جديداً للقضية الفلسطينية ويوماً تاريخياً في تاريخ الشعب الفلسطيني وقضيته».
وأوضح عريقات أن «الرئيس عباس تسلم
اليوم (أمس الجمعة) رسالة موقعة من رئيس الاتحاد السويسري يعلمه فيها أن دولة
فلسطين أصبحت عضواً متعاقداً رسمياً لمواثيق جنيف الأربعة، وأن سويسرا بصفتها
الحاضنة لاتفاقيات جنيف، ستقوم بإعلام الحكومات المتعاقدة على الاتفاقيات ومواثيق
جنيف بانضمام فلسطين اليها».
وقال عريقات إن «عباس يرى أن تاريخاً
جديداً قد بدأ تنتقل فيه فلسطين من مربع إملاءات الاحتلال الإسرائيلي إلى مربعات
القانون الدولي». وتابع أن عباس تسلم أيضاً رسالة من الأمين العام للأمم المتحدة
بان كي مون تبلغه أن «صكوك الانضمام إلى 13 معاهدة وميثاقاً دولياً تمت يوم الثاني
من نيسان الحالي».
وأعرب عريقات عن الأمل «بأن تبادر
هولندا، حاضنة ميثاق لاهاي، بأسرع وقت ممكن، لقبول فلسطين عضواً متعاقداً في
اتفاقية لاهاي» المتعلقة بقوانين وأعراف الحرب البرية.
وختم قائلاً: «إن هذه الخطوة تعزز
مكانة دولة فلسطين تحت الاحتلال، وهي خطوة تستند للقانون الدولي والشرعية
الدولية»، معبراً عن أمله بأن «يبذل المجتمع الدولي كل ممكن حتى تكرس دولة فلسطين
دولة كاملة السيادة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية».
وفي جنيف، أعلنت وزارة الخارجية
الاتحادية السويسرية، أمس الجمعة، أنّ فلسطين أصبحت عضواً في اتفاقيات جنيف الأربع
والبروتوكول الإضافي الأوّل.
وقال الناطق باسم الخارجية
الفيدرالية بيار آلان ايلتشينغر، في حديث إلى وكالة «فرانس برس» إنّ «سويسرا، حيث
أودعت هذه الاتفاقيات، سجّلت وثيقة انضمام فلسطين في العاشر من نيسان الجاري،
وأبلغت كل الدول الأعضاء (الأطراف العليا المتعاقدة) في هذه الاتفاقيات».
وسارعت إسرائيل إلى اتخاذ سلسلة
إجراءات عقابية ضد الفلسطينيين، بينها تجميد تحويل أموال الضرائب التي تجبيها
لمصلحة السلطة الفلسطينية، وذلك رداً على تقدم الأخيرة بطلبات انضمام إلى 15
اتفاقية ومعاهدة دولية.
وقال مسؤول إسرائيلي لوكالة «فرانس
برس»، طالباً عدم ذكر اسمه، إنه «تقرر تجميد تحويل أموال الضرائب التي تجبيها
إسرائيل لمصلحة السلطة الفلسطينية»، مضيفاً أن الدولة العبرية جمدت أيضاً مشاركتها
في تطوير حقل غاز قبالة سواحل قطاع غزة متاخم لحقل غاز إسرائيلي، وهو مشروع سعى
اليه منذ سنوات توني بلير، المبعوث الخاص للرباعية الدولية إلى الشرق الأوسط
(الأمم المتحدة، الولايات المتحدة، الاتحاد الأوروبي وروسيا)».
وأضاف أن الدولة العبرية قررت أيضاً
وضع سقف للودائع المصرفية الفلسطينية في المصارف الإسرائيلية، موضحاً أن هذه
القرارات اتخذت رداً على «الانتهاكات الخطيرة للاتفاقات المعقودة» بين الطرفين.
وأضاف أن «إسرائيل توضح أن المفاوضات برعاية الولايات المتحدة ستستمر في محاولة
لتجاوز أزمة المفاوضات»، لافتاً إلى أن الدولة العبرية أبلغت الفلسطينيين بهذه
القرارات بواسطة رئيس الإدارة العسكرية الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية.
وتبلغ قيمة الضرائب التي تجبيها
إسرائيل لمصلحة السلطة الفلسطينية نحو 80 مليون دولار شهرياً.
في غضون ذلك، يواجه رئيس الوزراء
الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بموازاة ضغوط الولايات المتحدة، الجناح المتشدد من
ائتلافه الذي يهدد بالخروج من الحكومة في حال التوصل الى اتفاق مع الفلسطينيين
يتضمن الإفراج عن أسرى.
يُشار إلى أن من بين نقاط الخلاف بين
الإسرائيليين والفلسطينيين، الإفراج عن آخر دفعة من الأسرى الفلسطينيين. وكان هذا
الإجراء مقرراً منذ بدء المفاوضات بمبادرة من وزير الخارجية الأميركي جون كيري في
تموز الماضي. ومقابل إطلاق سراح الأسرى وتجميد الاستيطان، قد يوافق الفلسطينيون
على مواصلة المفاوضات بعد 29 نيسان وتفرج الولايات المتحدة عن الجاسوس اليهودي الأميركي
جوناثان بولارد وهما مطلبان تقدمت بهما إسرائيل، كما ذكرت وسائل الإعلام
الإسرائيلية.
وهدد وزير الاقتصاد الإسرائيلي
نفتالي بينيت مساء أمس الخميس، بأن حزبه «البيت اليهودي» اليميني المتطرف، سيغادر
الإئتلاف الحكومي، إذا ما وافقت الحكومة الإسرائيلية على الإفراج عن أسرى
فلسطينيين.
وندد زعيم «البيت اليهودي» المقرب من
اللوبي المؤيد للاستيطان في الضفة الغربية المحتلة، بـ«اتفاق يتبلور يتضمن الإفراج
عن قتلة إسرائيليين»، في إشارة إلى احتمال إفراج الدولة العبرية عن أسرى من عرب
48. وأضاف: «إذا عرضت علينا الحكومة هذا الاتفاق، فإن البيت اليهودي سيغادر
الإئتلاف». ودان مسؤولون في الليكود (يمين قومي) حزب نتنياهو، استراتيجية بينيت
التي تقضي «بإطلاق تهديدات في الهواء مع علمه بأنها لن تنفذ». وأكدوا أن نتنياهو
وافق بناء على إلحاحه، في تموز الماضي على الإفراج عن أسرى بدلاً من تجميد
للاستيطان يدينه حزب البيت اليهودي الذي يمسك أيضاً بحقيبة الإسكان ويدعو الى
تسريع وتيرة الاستيطان في الضفة الغربية والقدس الشرقية المحتلتين. كذلك يواجه
نتنياهو تهديد الجناح المتشدد في حزبه، حيث حذر نائب وزير الخارجية زئيف الكين وهو
من «الصقور» في «الليكود» من أن تجميد الاستيطان والإفراج عن أسرى «يمكن أن يقلبا
النظام السياسي ويدفعا بإسرائيل الى انتخابات جديدة».
وفي اليسار، قالت زعيمة حزب ميريتس
زهافا غال-اون ساخرة «هناك أمر وحيد أقل مصداقية من تهديدات بينيت بالرحيل (...)
إنها المفاوضات». وكانت جلسة المفاوضات التي جرت أول من أمس الخميس بين الجانبين
الفلسطيني والإسرائيلي بحضور الراعي الأميركي لعملية السلام، أتسمت بالحدة، حيث
كانت صاخبة، لم تحرز أي تقدم أو اختراق، وأظهرت مرة أخرى، مدى تعنت الوفد
الإسرائيلي الذي حاول من جديد ابتزاز الجانب الفلسطيني بربطه الموافقة على الإفراج
عن الدفعة الرابعة من الأسرى، بتمديد المفاوضات.
وأكد كبير المفاوضين الفلسطينيين
صائب لوكالة «فرانس برس» أن جلسة المفاوضات أول من أمس، والتي استمرت حتى المساء،
بحضور الوفدين الفلسطيني والإسرائيلي، وممثل الإدارة الإميركية مارتن انديك «لم
يحدث فيها أي تقدم أو اختراق، بل ما زالت المواقف متباعدة والهوة عميقة في المواقف
بين الطرفين».
من جهته، قال مسؤول فلسطيني آخر
لـ«فرانس برس» طالباً عدم ذكر اسمه، إن «الجلسة كانت صاخبة جداً». وأضاف أن
«إسرائيل تحاول مرة أخرى الضغط وابتزاز الجانب الفلسطيني بربطها الموافقة على
الإفراج عن الدفعة الرابعة من الأسرى بتمديد المفاوضات».
وتابع أن الطرف الفلسطيني يصر على أن
«هناك استحقاقاً على إسرائيل، وهو الإفراج عن الأسرى قبل نهاية فترة المفاوضات
المقررة لتسعة أشهر، والتي تنتهي في التاسع والعشرين من نيسان الحالي، وعلى
إسرائيل أن تنفذه من دون أي شروط»، لافتاً إلى أن «ما زاد من حدة توتر الجلسة، هو
أن فلسطين أصبحت دولة متعاقدة على اتفاقيات جنيف الأربع، وجاءت موافقة سويسرا
حاضنة الاتفاقيات خلال انعقاد الجلسة».
ا ف ب، رويترز