القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي

عباس يراهن مجدداً على طلب العضوية: «الدولة» مقابل الأرض؟

عباس يراهن مجدداً على طلب العضوية: «الدولة» مقابل الأرض؟
 

الجمعة، 28 أيلول، 2012

لا تملّ السلطة الفلسطينية بقيادة محمود عباس من «معاركها السياسية» في السعي إلى الحصول على اعترافات «صورية» بالدولة الفلسطينية، على اعتبار أنها مكاسب سياسية، أو ورقة ضغط تستطيع استخدامها لإقناع إسرائيل بالعودة إلى طاولة المفاوضات، أو لإثبات قدرتها أمام شعبها الذي انتفض مؤخراً على سوء إدارتها مطالباً برحيل عباس ورئيس حكومته سلام فياض.

وتتجاهل السلطة «العتيدة» أن ملفها في الجمعية العامة ليس كاملاً أصلاً، فهي دولة بلا حدود، ولا مؤسسات، ولا جيش، ولا حتى سلاح، وإن اعترفت بها عشرات الدول وأكثر، فهي بحسب القانون الدولي الذي وضعته القوى الاستعمارية التي تستجدي السلطة موافقتها ليست بـ«دولة».

وبعد عام على تقديم الطلب «المرفوض مسبقاً» لعضوية دولة فلسطين في الأمم المتحدة، عاد عباس متنازلاًَ أكثر ليطلب الحصول على صفة دولة غير عضو في الجمعية العامة، الأمر الذي تتوقع السلطة الفلسطينية «إنجازه» بالحصول على دعم غالبية الدول الأعضاء.

ومن وجهة نظر الأستاذ في القانون الدولي شفيق المصري، في حديثه إلى «السفير»، فإن «الطلب الجديد أمام الجمعية العامة ليس له قيمة لأنه سبق أن وافقت الجمعية منذ العام 1988 على تغيير اسم منظمة التحرير إلى فلسطين، وأعطتها صفة مراقب في الجلسات، كما أنها في العام 1991 أعطتها حق مناقشة أي موضوع يتعلق بالشأن الفلسطيني والشرق أوسطي المرتبط بفلسطين فقط». الأمر الذي يؤكد عليه الإعلامي الفلسطيني نافذ أبو حسنة وإن من وجهة غير قانونية، بل وطنية، إذ يقول لـ«السفير» إن «تكرار الموضوع مرتبط بانسداد الأفق السياسي أمام السلطة، وليس سوى مجرد تلويح أمام الأمم المتحدة، لعلّ (رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو يعود إلى طاولة المفاوضات... فالغاية دائماً المفاوضات، والغاية من وجود السلطة أصلاً هو التفاوض».

«حتى الآن، أطلقت السلطة الفلسطينية محاولات عديدة لإطلاق المفاوضات، حتى أنها تراجعت عن مواقف عدة في سبيل ذلك، من بينها موضوع الاستيطان»، بحسب أبو حسنة، الذي يشدّد على أنها «محاولة سياسية تجعلها في دائرة الحراك الدولي، وبالتالي فإن لا قيمة لها لأن توصيفها لن يختلف، ويوازي أي شيء قد تحصل عليه مستقبلاً».

وبما أن الطلب لن يغيّر من موقع فلسطين في الأمم المتحدة، يعتقد المصري أنه كان الأجدى على السلطة الفلسطينية «أن تطلب تأكيد قرار العام 1988، من خلال مراجعة الدول المعترفة بالدولة الفلسطينية وهي 108 دول»، وبالتالي فإنها «عجلت في اتخاذ السلوك الخاطئ، خصوصاً بعدما ذهبت إلى مجلس الأمن العام الماضي وهي مدركة تماماً الموقف الأميركي، وموقف لجنة القبول بعضوية الدول التي اعتبرت أن فلسطين لا تستوفي الشروط الكافية لتصبح دولة، حيث إن اتفاق أوسلو بحد ذاته لم يؤكد على حق تقرير المصير»، ليعود ويؤكد أنه كان من الممكن أن تسعى إلى تأكيد اعترافات الدول الـ108 لتثبت شروط الدولة، «فالدولة لا تشترط عضوية الأمم المتحدة لتكون مستقلة، وهذا حال الفاتيكان اليوم وسويسرا سابقاً».

ويستبعد المصري تطوير صفة فلسطين عن العام 1988، أي بالحصول على حق مناقشة جميع القضايا المطروحة في الجمعية العامة، أو التصويت عليها، بل لن تحصل سوى على صفة مراقب للسلطة الفلسطينية، فإن ملف فلسطين لدى الأمم المتحدة ليس كاملاً، فهي دولة بلا حدود، وبالتالي لا تستوفي شروط لجنة القبول بعضوية الدول أو الجمعية العامة، لذلك فإن وافقت الجمعية على صفة العضو المراقب ففلسطين تبقى ضمن «السلطة الفلسطينية»، وليس «الدولة».

وفي ظلّ ما يتم تداوله مؤخراً عن احتمال حل السلطة الفلسطينية، يرى أبو حسنة أن هذا أصلاً «مطلب وطني عام وضروري، لكن في المقابل السلطة لا تريد القيام بمثل هذه الخطوة، لأنها ستؤثر على مجموعة المصالح التي أنشأتها»، ليعود إلى المشكلة الأساسية وهو اتفاق أوسلو الذي «خلق للفلسطينيين وهم دولة وسلطة»، وبالتالي فإن الحل الوحيد برأيه هو «إعادة فلسطين إلى قضية تحرر وطني، فنحن شعب تحت الاحتلال».

ويوافق مسؤول الخارج في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ماهر الطاهر على هذا الطرح، إذ يؤكد لـ«السفير» أن «الهدف الكفاحي لا يتحقق عن طريق أوسلو والمفاوضات على طريق المرجعية الأميركية»، ولذلك يجب أن «تستخلص السلطة دروساً باستحالة الوصول إلى حل سياسي، منذ اتفاقية مدريد مروراً بأوسلو حتى اليوم. فهي قد توهمت بأنها قادرة على إقامة المؤسسات، وهذا ما كان وعد به سلام فياض خلال سنتين، ولكنه اليوم ليس قادراً حتى على دفع مرتبات الموظفين، ويعتمد بالكامل على المساعدات».

يبدو أن السلطة الفلسطينية ما زالت مصرّة على الحفاظ على مصالح «شخصياتها» وقادتها، التي تراكمت منذ البدء في طريق المفاوضات، ويبدو أن إسرائيل هي سبيلها إلى ذلك إن تنازلت ووافقت على الجلوس على طاولة واحدة، وذلك عبر البحث عن مجرد «لقب الدولة» للضغط عليها. ولكن السلطة المرفوضة أصلاً تتجاهل أن هذا الشعب لا يريد إلا أن تفتح له طريق المقاومة ليستلم زمام الأمور.

المصدر: السفير