القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي

غزة: لاجئون فلسطينيون لا يجدون سوى التظاهر أمام مقار الأمم المتحدة للمطالبة بالعودة

غزة: لاجئون فلسطينيون لا يجدون سوى التظاهر أمام مقار الأمم المتحدة للمطالبة بالعودة
 

الأربعاء، 22 حزيران، 2011

لا يترك المسن الفلسطيني عبد المجيد جبر (65 عاما) مناسبة للاعتصام أمام مقر الأمم المتحدة في غزة إلا ويشارك بها للمطالبة بما يراه حق طال أمد تنفيذه بالعودة إلى بلدته التي هجرها قبل أكثر من ستة عقود.

ورغم كهولته وضعف جسده يصر جبر على تذكير العالم بمطالبه وهو يرفع خلال اعتصامات دورية أمام المنظمة الدولية لافتات تطالب بالعودة لبلدته (أسدود) الذي هجر منها رضيعا مع أسرته في العام 1948.

يقطن هذا المسن مخيم (جباليا) للاجئين في شمال قطاع غزة حيث يصر على أنه المأوى المؤقت له قبل أن يعود إلى بلدته، وحتى وإن طال انتظاره كل هذه السنوات فإن ثقته بالعودة تبدو وكأنها لم تتزعزع.

يقول جبر بينما كان يشارك امس الاول(الاثنين) في اعتصام آخر بمناسبة يوم اللاجئ العالمي قبالة مقر الأمم المتحدة في غزة «حلمنا واحد ولن يتغير أو يتنازل عنها، نريد العودة لأرضنا».

وتابع وهو يمسك بيديه اللتين طغت عليهما مظاهر الكهولة « كل إنسان هجر من أرضه قسرا وصودرت أرضه وممتلكاته لا يمكن إلا أن يحلم بالعودة إلى دياره وبلدته التي هجر منها».

ويحيي الفلسطينيون يوم اللاجئ العالمي سنويا بتظاهرات قبالة المقرات الدولية للمطالبة بحل ينصف اللاجئين الذين شردوا في مخيمات للجوء وفي أنحاء متفرقة من العالم في وقت تزداد تعقيدات ملفهم.

وهاجر عام 1948 ما يقارب 750 ألف فلسطيني ودمرت 531 مدينة وقرية، من بلدانهم عنوة وقسرا، من قبل جماعات صهيونية مسلحة، ليستقر بهم الحال في المخيمات الفلسطينية.

وتبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الثالثة بتاريخ 11 كانون الارل من عام 1948 القرار رقم 194، الذي تنص الفقرة (11) منه على ضرورة عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى بيوتهم وقراهم الأصلية التي هجروا منها جراء الحرب.

ويحلم المسن جبر باليوم الذي سيعود فيه إلى مسقط رأسه (أسدود)، ويدخل البيت الذي تركته عائلته قسرا من دون سابق إنذار حفاة عراة لا يحملون سوى ما يعيلهم من طعام ظنا منهم أنها أيام معدودة وسوف يعودون إليها.

لكنه وبعد هذه العقود يجهل أكثر كيف يمكن له أن يعود هنالك، يقول « عندما هجرنا كنت صغيرا، أتذكر جيدا كيف ظل أبي يردد أننا سنعود، لقد توفي دون أن يتحقق ذلك لكني متمسك بالأمل».

ويتساءل جبر بغضب عن حقه في العودة إلى أرض أجداده التي تركها والده رغما عنه تحت تهديد السلاح، فيما يغلب البؤس حديثه عن مضي 63 عاما وقضية العودة ما زالت تراوح مكانها.

إلا أن جبر يؤكد أنه لم يفقد الأمل وأن حلم العودة حتما سيتحقق يوما ما بينما كان ينظر إلى عشرات الشبان الذين وقفوا يهتفون دعما لحق العودة إلى أراض لم يروها قط، وهو يقول « إن الأمم المتحدة طالما خذلت الفلسطينيين في مطلبهم لإنصافهم من أجل تمكينهم من العودة لديارهم، لكنه رغم ذلك سيبقى يعتصم في كل مناسبة لتجديد مطالبتها بفعل ذلك».

وردد الشبان خلال الاعتصام هتافات تطالب الأمم المتحدة بتنفيذ قراراتها بخصوص ملف اللاجئين الفلسطينيين خاصة عند إحياء يوم اللاجئ العالمي الذي يشكلون أبرز مظاهره.

ويحتفل دوليا بيوم اللاجئ العالمي في 20 حزيران من كل عام، ويخصص لاستعراض هموم وقضايا ومشاكل اللاجئين والأشخاص الذين تتعرض حياتهم في أوطانهم للتهديد، وتسليط الضوء على معاناة هؤلاء وبحث سبل تقديم المزيد من العون لهم وذلك برعاية من المفوضية العليا لشئون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة.

وعشية هذا اليوم، قال الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، إن عدد اللاجئين الفلسطينيين حتى منتصف العام 2010 وصل إلى 4.8 مليون لاجئ بما يمثل الحد الأدنى لعددهم في مختلف أنحاء العالم.

ويرى كمال الشرافي وهو مستشار للرئيس الفلسطيني محمود عباس لحقوق الإنسان، أن يوم اللاجئ العالمي هو رسالة تذكير للأطراف الدولية بضرورة تحمل مسئولياتها تجاه ملف اللاجئين الفلسطينيين ومطلبهم بتنفيذ قرارات الشرعية الدولية لإنصافهم.

وقال الشرافي لوكالة أنباء (شينخوا) « رسالتنا واضحة بأننا في هذا اليوم نجدد العهد والوعد بالتمسك بحقوق شعبنا باعتبار حق العودة أحد الثوابت الوطنية وهو لا تنازل عنه مهما طال أمده».

ويؤمن الشرافي بـ»عدالة» قضية اللاجئين ومطلبهم بالعودة «فنحن نستمده من الشرعية الدولية التي أكدت لنا حقنا في العودة وهو حق يؤكده كل أحرار العالم وسنبقى نسعى لتحقيقه سلميا».

يذكر أن اللاجئين الفلسطينيين حسب وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) هم أولئك الأشخاص الذين كانوا يقيمون في فلسطين خلال الفترة ما بين حزيران عام 1946 وحتى ايار 1948، والذين فقدوا بيوتهم ومورد رزقهم نتيجة حرب 1948.

كما أن ذرية أولئك اللاجئين الفلسطينيين الأصليين يستحقون أن يتم تسجيلهم في سجلات الوكالة الدولية (أونروا) كلاجئين أيضا.

ويحيي الفلسطينيون في الخامس عشر من ايار من كل عام ذكرى ترحيل آلاف الفلسطينيين عن بلداتهم وقراهم في عام 1948، ويطلقون على هذا اليوم (ذكرى النكبة)، ومنذ ذلك الحين يعيش هؤلاء وأبناؤهم في مخيمات في لبنان وسوريا والأردن وعدد من الدول العربية والضفة الغربية وقطاع غزة.

ويظل ملف اللاجئين وحق العودة الذي يطالب به الفلسطينيون وترفضه إسرائيل أكثر ملفات عملية السلام تعقيدا بين الجانبين اللذين حكم العنف علاقتهما طوال السنوات الأخيرة.

ويقول المسن جبر إن أكثر ما يخشاه هو «أن يتحول حق العودة إلى مجرد مناسبات تحدث بشكل موسمي عبر فعاليات لا تجد صدى لها في تنفيذ مطالبها»، لكنه يصر على أنه سيورث أبنائه وأحفاده هذا الحق وسيبقى يدعوهم إلى مطالبة المؤسسات الدولية بحمايته وتنفيذه ورفض أي محاولات لشطبه «لأن الكبار قد يموتون لكن الصغار يورثون ولا ينسون».

المصدر: جريدة الرأي الأردنية