القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي

غزة: همجية العدو تلاحق الأطفال

غزة: همجية العدو تلاحق الأطفال


السفير ـ محمد فروانة

على رمال شاطئ بحر غزة تناثرت أحلام أربعة أطفال بعمر الزهور حاولوا الفرار من الموت فذهبوا للعب هناك، لكنّ الموت لاحقهم بعدما أطلقت القذيفة الأولى تجاههم من بارجة إسرائيلية، فهربوا من المكان، لكنهم لم يهربوا من موت محقق بعدما قررت قوات الاحتلال إطلاق قذيفة ثانية وثالثة، وتحويل أجسادهم إلى أشلاء ممزقة، وأن تُبَعْثِرَ دماءهم في المكان.

هكذا انضم عاهد وزكريا وإسماعيل ومحمد بكر أكبرهم (11 عاما) الى قائمة الشهداء. لكن الاحتلال أبى إلا أن يرتكب مجزرة ثانية مع أطفال عائلة الأسطل في خان يونس جنوب قطاع غزة، حيث أتت طائرات الغدر الإسرائيلية على حلم طفولة الطفلين الشقيقين أسامة (8 أعوام) وياسمين (5 أعوام) الأسطل وعمتهم كوثر (58 عاما) إضافة إلى أحد أقربائهم وهو حسين الأسطل (24 عاما).

وفي منزلهم في مخيم الشاطئ للاجئين في شمال مدينة غزة، وُدّع شهداء عائلة بكر، أمس. وخيّم الحزن على المخيم، وسط بكاء ودموع وأحزان.

وقالت إحدى أمهات الشهداء الأربعة، التي لم تتمالك مشاعرها فأخذت النسوة من حولها يهدئنها، «حسبنا الله ونعم الوكيل، ما ذنب هؤلاء، حسبنا الله ونعم الوكيل»، وهي في حالة بكاء شديد على فراقهم.

وفي تفاصيل مجزرة عائلة بكر التي هزّت العالم، وأظهرت بشاعة الاحتلال في ارتكابها، يروي أحمد بكر لـ«السفير»، وهو أحد أقرباء الشهداء تفاصيلها. ويقول: «كان الأمر طبيعيا، وشاهدتهم حين ذهبوا للعب على شاطئ البحر، لكن في لحظات طالتهم قذائف الغدر، بعدما أطلقت قوات الاحتلال تجاههم قذيفتين بشكل مباشر لتختلط دماؤهم برمال الشاطئ».

ويوضح بكر أنّ «الاحتلال استهدفهم بشكل متعمد، بالرغم من انهم حاولوا الهرب من القذيفة الأولى التي أطلقت تجاه الخيمة التي كانوا يلعبون فيها، لكن قذائف الغدر لاحقتهم».

أما الحاجة أم رضوان بكر، فاكتفت بالقول لـ«السفير»، «لن يهدأ لنا بال إلا بأن تثأر المقاومة لدمائهم ودماء كل الشهداء. إسرائيل استباحت دماءنا ودماء أطفالنا، كل يوم أصبحنا نودع الشهيد تلو الشهيد».

شقيق أحد الشهداء أوجع القلوب خلال التشييع، افتقد أخاه وبكى، ثم نادى عليه: «إسماعيل.. إرجع إلعب معي».

وبينما ووري شهداء عائلة بكر في الثرى في مخيم الشاطئ، كانت عائلة الأسطل في مدينة خان يونس جنوب القطاع تودع شهداءها أيضاً، الذين ذهبوا ضحية مجزرة وقعت أمس الأول. لم تكن تعرف كوثر الأسطل (58 عاماً) أن الشهادة تنتظرها هي وأخوها محمود (32 عاماً) وأولاده أسامة (7 أعوام) وياسمين (5 أعوام)، وابن شقيقها الأكبر حسين (24 عاما)، في منزل عائلتها التي وصلته مساءً بعدما هربت من نيران وقذائف البوارج الحربية الإسرائيلية التي قصفت منازل وأراضي المواطنين في منطقة «المواصي» في غرب خان يونس، ظناً منها أنّ مقصدها أكثر أمناً.

وقبل موعد الإفطار بنصف ساعة، أغارت طائرة استطلاع إسرائيلية بصاروخ واحد على منزل العائلة في خان يونس، فيما كانوا جالسين في فناء المنزل بانتظار آذان المغرب، الذي سبقه صوت الصاروخ وتكبيرات وصراخ أهالي الحي الذين راحوا ينقذون من بقيّ حياً من أفراد العائلة.

ويقول يوسف الأسطل، أحد أقرباء الشهداء: «هربت الشهيدة كوثر من قذائف الاحتلال التي طالت المواطنين في منطقة المواصي غرب خان يونس، بعدما أقنعت شقيقها محمود وزوجته بضرورة أن تأتي بأسامة وياسمين إلى منطقة البلد وسط خان يونس خوفاً عليهم، وفور وصولها المنزل جلست مع أبناء عائلتها وإذا بالصاروخ ينهال عليهم».

ويتابع الأسطل في حديثه إلى «السفير»: «في لحظة سمعنا صوت انفجار كبير وتحولت المنطقة إلى دخان. أخذنا ننادي الإسعافات وتجمع أهالي الحي، لكننا وبعد انقشاع الدخان وجدنا أجسادهم عبارة عن أشلاء وقد استشهدوا». ويتساءل يوسف: «ما ذنب هؤلاء الأطفال، هل كانوا يحملون صواريخ؟ هل هم مقاومون؟ إسرائيل تقتل الطفولة بدماء باردة، ضاربة بعرض الحائط كل القوانين والأعراف الدولية».

أما شقيقة كوثر، وفاء فتقول: «كانت كوثر كالأم الحنون على أبناء أشقائها خصوصاً أسامة وياسمين، وتعيش معهم في منزلهم في مواصي، وتعطف عليهم وتعتبرهم عمرها الذي أفنته في تربيتهم والاعتناء بهم».