القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي

فقراء غزة ومشردو الحرب يواجهون المنخفض الجوي العميق بالأغطية المبتلة والمواقد البدائية

فقراء غزة ومشردو الحرب يواجهون المنخفض الجوي العميق بالأغطية المبتلة والمواقد البدائية

الأربعاء، 27 كانون الثاني، 2016

كما الحال في كل منخفض جوي يضرب المنطقة وتتأثر به المناطق الفلسطينية وقطاع غزة تحديدا، يعاني السكان الفقراء وأصحاب المنازل التي دمرتها إسرائيل في الحرب الأخيرة، المقيمون في «الكرفانات» بشكل كبير، بعدما داهمت المياه مساكنهم، وهاجم البرد القارس أجسادهم.

وكالعادة كان أكثر المتضررين سكان «حي الكرفانات» في بلدة خزاعة الواقعة شرق مدينة خان يونس جنوب القطاع، واشتكى قاطنوها كما المنخفضات السابقة التي ضربت المنطقة بعد حرب عام 2014، من تسرب مياه المطر إلى داخل هذه الكرفانات الحديدية، التي لم تقهم شر برد الشتاء.

وأطلق هؤلاء العديد من المناشدات عبر الإذاعات المحلية التي كانت فرصتهم الوحيدة للحديث إلى المسؤولين، وتخفيف جزء من غضبهم. وعبر إحدى المحطات المحلية قال أحدهم «المية (المياه)» دخلت عندنا (داخل الكرفان)»، وأشار إلى أن الأغطية الشتوية وملابس الأسرة تبللت جراء تسرب مياه الأمطار.

واشتكى كثيرا كباقي سكان قطاع غزة من الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي، أثناء ساعات الوصل المعتمدة وفق البرنامج المعروف، وقال إنه لم يعد أمامهم فرصة للتدفئة من البرد القارس سوى إيقاد مواقد النار، رغم خطورتها الكبيرة، في ظل ما أحدثته سابقا من حرائق أودت بحياة الكثيرين من السكان.

وفي كل مرة يواجه فيها قطاع غزة منخفضا جويا، تنكأ من جديد جروح هؤلاء الذين لجأوا لسكن «الكرفانات» بعدما فقدوا منازلهم في الحرب الأخيرة، بتدمير متعمد من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي.

والسكن في «الكرفانات» غير مقصور على سكان بلدة خزاعة، فقد وزع العديد منها على عدة مناطق مدمرة، وهناك أسر من حي الشجاعية شرق مدينة غزة تسكن هذه البيوت الحديدية.

ودمرت إسرائيل عشرات آلاف المنازل في تلك الحرب، وبعد مرور أكثر من عام ونصف العام على انتهاء الحرب، وعلى مؤتمر المانحين الذي عقد لجلب أموال لإعادة البناء، لم يصل من هذه الأموال التي قدرت وقتها بـ 5.4 مليار دولار إلا القليل.

وفعليا لم تبدأ سوى دولة قطر ببناء 1000 منزل، إضافة إلى عشرات المنازل الأخرى التي تبنى عن طريقة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين «الأونروا» بدعم سعودي وأمريكي وألماني، في حين أن غالبية أصحاب المنازل المدمرة، إما يقيمون في «كرفانات» أو في منازل مستأجرة لا تكفي حاجة الأسر الكبيرة.

وكثيرا ما يشتكي سكان قطاع غزة تأخر عملية الإعمار، وكانوا قد وجهوا في بداية الأزمة انتقادات شديدة للخطة الدولية التي وضعتها الأمم المتحدة لإعمار القطاع.

وفي آخر تقرير قدم أرقاما حول الإعمار، أكد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، أن 40 % فقط من تعهدات المجتمع الدولي لإعادة إعمار قطاع غزة خلال المؤتمر الذي عقد في القاهرة في شهر أكتوبر 2014 تم الالتزام بها حتى مطلع يناير 2016.

يشار إلى أن المنخفض الجوي الجديد، أدى إلى تأجيل بدء الفصل الدراسي الثاني من السنة الدراسية في المدارس التابعة لوزارة التعليم ووكالة «الأونروا» كافة، خاصة وأن العديد من الشوارع والطرقات غمرتها مياه الأمطار، وتسرب بعضها للعديد من المنازل الواقعة في مناطق منخفضة.

وذكر سكان من مدينة رفح أقصى جنوب القطاع، أن هناك عدة مناطق تعرضت للغرق جراء الهطول الكبير لمياه الأمطار.

وسبق وصول المنخفض أن أعلنت بلديات قطاع غزة والهيئات المحلية والدفاع المدني كافة حالة التأهب، وشكلت فرقا للإنقاذ، وأعطت العديد من التوجيهات للسكان، منها الطلب من أصحاب المنازل المسقوفة بالزينكو، بضرورة تثبيتها خشية من أن يقتلعها الهواء، كما دعت السكان الذين يقطنون في منازل تقع في مناطق منخفضة، إلى وضع أكياس من الرمال على مداخلها لمنع عملية الغرق.

وبالعادة يكون أكثر المتضررين من برودة الحرارة أولئك القاطنيون في بيوت غير مسقوفة بأسطح خرسانية، ويشتكون من تسرب مياه المطر من أسطح منازلهم المسقوفة بالزينكو، وهو ما يحول حياتهم في المنازل إلى جحيم، وفي ظل تكرر انقطاع التيار الكهربائي خلال هذا المنخفض، حيث لم يعد يصل السكان سوى ست ساعات يوميا، اعتمد هؤلاء على إيقاد الحطب لتدفئة أطفالهم.

ومن وسط قطاع غزة يشير سلمان أبو حسان، ويقيم في منزل معدم أن موقد النار المشتعل لا يطفأ من منزله، وأن زوجته تستخدمه في طهي الطعام، وتحضير الشاي لأفراد الأسرة، وعددها ثمانية أفراد، في ظل نقص إمدادات الغاز، وانقطاع الكهرباء، رغم أنه يؤكد خشيته من حدوث مكروه بسبب النيران، غير أنه في الوقت ذاته يقول إنه «لا بديل عن ذلك». وقال العميد سعيد السعودي، مدير عام الدفاع المدني في قطاع غزة، إن جهازه يتابع بشكل حثيث حالة المنخفض الجوي التي تتأثر بها الأراضي الفلسطينية، مؤكداً أن الأوضاع مستقرة وتحت السيطرة. وأضاف في تصريح أن أطقم الدفاع المدني منتشرة على رأس عملها في كافة مناطق القطاع استعداداً لأي طارئ، مشيرا إلى انه منذ حلول المنخفض الجوي الحالي تم رفع حالة الجهوزية للتعامل مع أي حوادث نتيجة الأمطار والرياح المتوقعة.

وأكد جهاز الدفاع المدني أن طواقمه نفذت منذ بداية المنخفض 74 مهمة متنوعة، ما بين شفط مياه من المنازل وتفقد منسوب المياه وإخلاء منازل، إلى جانب إخماد حرائق وسحب مركبات عالقة وإزالة أشجار ويافطات عالقة وغيرها.

وأظهرت إحصائية صادرة عن المديرية العامة للدفاع المدني قيام أطقم الإنقاذ بإخلاء سبعة أفراد من منزلهم في منطقة المواصي غرب خان يونس نتيجة ارتفاع منسوب المياه في المنزل بفعل مياه الأمطار إلى جانب إخلاء ثمانية منازل أخرى منذ السبت الماضي.

وتعاملت أطقم الإطفاء مع أربعة حرائق اندلعت في محافظتي غزة وخان يونس، ونقلت ثلاث إصابات طفيفة بالاختناق للمستشفى خلفتها تلك الحرائق، في حين تم شفط مياه الأمطار المتجمعة في منزلين بالمحافظة الوسطى.

كما بيّنت إحصائية الدفاع المدني إزالة ست أشجار ويافطات عالقة سقطت في الشوارع إثر اشتداد الرياح، فضلاً عن تثبيت ألواح معدنية بأسقف منازل ومباني في دير البلح وخان يونس.

وتعاملت أطقم الإسعاف مع حادث سير واحد، كما تم سحب سيارتين عالقتين في المياه المتجمعة في بيت حانون وغزة، وإنقاذ طفلة سقطت في حفرة بئر قديم في خانيونس.

المصدر: أشرف الهور – القدس العربي