القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الثلاثاء 24 حزيران 2025

فلسطين من البحر إلى النهر... شعار بين الواقع والتطبيق

فلسطين من البحر إلى النهر... شعار بين الواقع والتطبيق
 

الخميس، 20 كانون الأول، 2012

بات سقف المطالب والشعارات الفلسطينية أعلى مما مضى، فالعدوان على غزة، والانتصار الذي حققته المقاومة في صده، وصمود المواطنين، والتفافهم الواضح حولها، جعلت السقف الأعلى والثابت الأكبر يعود مجدداً بعد ظهور السقف الأدنى والقبول بالمرحلية.

وفي خطابات ما بعد انتصار غزة، عاد شعارا «فلسطين من البحر إلى النهر» و«فلسطين التاريخية» إلى المشهد، بعد أن قبل بعض الفلسطينيين بالحلول المرحلية وبدولة فلسطينية على حدود العام 1967.

إن عودة الشعارين إلى الواجهة فرضته معادلة الانتصار في قطاع غزة، رغم أن المقاومة لم تكن يوماً قد تخلت عنه، وإن قبلت حماس تحديداً قبل ذلك بالمرحلية، لكن شعارها بعد الانتصار أضحى أكثر وضوحاً بفلسطين كل فلسطين.

وفي الشارع الغزي والفلسطيني عموماً بات الشعار المرفوع هو الأعلى، لما يراه الناس من إمكانية انجازه بعد الانتصار الذي حققته غزة في عدوان الأيام الثمانية، والالتفاف الواسع حول المقاومة وخياراتها.

ويقول القيادي البارز في حماس صلاح البردويل إن الشعار ليس جديداً، وإن نشوة الانتصار في غزة أظهرته مجدداً بعد أن كان كامناً، موضحاً أن كل أدبيات حركته وفصائل المقاومة تؤكد أن فلسطين من البحر إلى النهر هي للفلسطينيين والعرب والمسلمين.

وأضاف البردويل لـ«السفير»: ان الاحتلال في نظر الفلسطينيين سيبقى احتلالا غير شرعي ومنتهكا للمقدسات ومحتلا للأرض، وانه في لحظات الانتصار تتكشف مكامن الشعارات العميقة وبعدها السياسي.

وبينّ البردويل أن اللغة السياسية الفلسطينية قديماً كانت تحمل كلمة التحرير، فكل التنظيمات في أسمائها لفظ التحرير، لكن أوسلو والبرامج المرحلية التي خطتها أبرزت الحديث عن الدولة المرحلية، لكن حماس تؤمن بأن التحرير أولاً ومن ثم الدولة. وشدد على ضرورة إعادة إنتاج الخطاب الوطني الفلسطيني وإلى تعاون كامل مع المقاومة.

ورفض سؤالاً عن الغضب الغربي من هذا الشعار، وقال إن الفلسطينيين ليسوا بحاجة إلى أن يستحضروا الغرب في خطاباتهم وشعاراتهم وتفكيرهم.

أما القيادي والمتحدث باسم حركة الجهاد الإسلامي داود شهاب فأكد لـ«السفير» أن الشعار غاب أو تراجع لدى بعض القوى السياسية في لحظة ضعف ووهن كانت تعيشها، مؤكداً ان تلك الشعارات هي ثوابت من أهداف وثوابت الشعب الفلسطيني.

وأضاف شهاب ان أحداً في الساحة الفلسطينية لا يمكن أن يتنازل عن ذرة تراب واحدة من فلسطين، كل فلسطين، مشدداً على أن المرحلية لم تحقق للشعب الفلسطيني أي شيء، وأن ذلك استغرق وقتاً طويلاً من الشعب وبعض القوى من دون أي انجاز.

ودعا شهاب إلى تصليب الموقف الفلسطيني لمواجهة التطرف الإسرائيلي المتزايد، وإلى التمسك بالثوابت الفلسطينية وحمايتها والحفاظ عليها في وجه المخططات الهادفة إلى جعل الذاكرة الفلسطينية تنسى.

بدوره، قال الكاتب والمحلل السياسي إبراهيم المدهون إن شعارات الحد الأعلى لم تغب عن الساحة الفلسطينية، وكان كثير من الأصوات ينادي بها رغم القبول بحلول مرحلية نتيجة ترهل النظام العربي والنكسات التي أصابت الشعب الفلسطيني.

وأضاف المدهون لـ«السفير»: ان انتصار غزة وتعزيز صمود القطاع كانا العامل الأبرز لإعادة إعلان الشعارات الكبرى، لأن الأمل أصبح أكبر بقوة هذا الشعار وبإمكانية إعادة القضية الفلسطينية إلى سِكًّتها الحقيقية.

ورغم ذلك، ذكر المدهون أن «هناك من يدعو للمرحلية والقبول بالحد الأدنى للمطالب والحقوق الفلسطينية، وخاصة السلطة الفلسطينية وحركة فتح»، مشدداً على أن المقاومة حققت من وراء رفعها الشعارات الأعلى جماهيرية لافتة. ويعتقد أن خيار القبول بدولة على حدود 1967 بعد عدوان غزة والانتصار الذي حققته المقاومة لن يكون مقبولاً، ومن قَبِلَهُ سابقاً سيعرف أن المعادلات تغيرت، وأن الخيار أضحى من الماضي.

على الجانب الآخر، قال المحلل السياسي ثابت العمور إن الشعار يعبر عن سقف عالٍ جداً، وهو شعار تعبئة أكثر منه شعار استراتيجية واقعية قابلة للتطبيق والتنفيذ، لأن شعار فلسطين من البحر إلى النهر يعني نهاية إسرائيل وزوال كيانها، وهو الأمر غير الممكن نتيجة المعطيات والتوازنات الحالية.

وأضاف العمور في حديث لـ«السفير» ان حركة حماس استدعت الشعار القديم من النهر للبحر حتى لا يقال بأنها قبلت بالحد الأدنى، وأنها وافقت على دولة العام 67 على حساب كل فلسطين، ولكن الواقع يؤكد انها باتت جزءاً من المعادلة وانها كحكومة وكشريك سياسي يدير غزة منذ خمسة أعوام لم يعد بمقدورها المطالبة بفلسطين التاريخية.

وبينّ العمور ان منهج حماس واستقطابها لا يتيحان لها القول والقبول بحدود العام 67، وبالتالي هناك ازدواجية لديها، فالمعلن فلسطين التاريخية، والمبطن قبول حماس كشريك سياسي له امتداداته وعلاقاته مع الغرب ومع أوروبا ومع العرب أيضاً.

ويرى أن حماس تريد أن تكون شريكا، وشعار فلسطين التاريخية يعيق أي شراكة وأي تحاور، لا سيما مع الغرب، مشيرا إلى أن حماس تدرك انها الآن مرشحة لتكون الفاعل الأبرز، بل والوحيد في الساحة الفلسطينية، بموافقة ومباركة غربية وأميركية وغض طرف إسرائيلي.

المصدر: السفير