القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
السبت 4 كانون الثاني 2025

فلسطيني يتغلب على إعاقته بصناعة معدات لذوي الحاجات الخاصة

فلسطيني يتغلب على إعاقته بصناعة معدات لذوي الحاجات الخاصة

الأربعاء، 16 تشرين الثاني، 2011

على رغم الحادث الأليم الذي أقعده منذ كان في العشرين من عمره، نجح الشاب الفلسطيني مهند الشافعي، ليس في التغلب على الإعاقة فحسب بل أيضاً في تحويلها إلى مصدر لإخراج طاقات كامنة داخله، ترجمت ابتكارات تساعده وغيره من ذوي الحاجات الخاصة.

والشافعي الذي حاز أخيراً جائزة فلسطين للتميز والإبداع، تمكن من ابتكار أجهزة تساعد المعوقين، وخصوصاً الأطفال منهم على الوقوف، وأخرى خاصة بتأهيل السيارات لتناسب حاجات من يعانون من الإعاقة، في حين يسعى للبدء في تصنيع الكراسي المتحركة. والأهم أن صناعاته، التي يحتضنها متجر صغير يملكه شقيقه في مدينة رام الله، تضاهي مثيلاتها العالمية من حيث الجودة، لكنه يبيعها بأقل من ربع أثمانها في ما لو تم استيرادها من الخارج.

ويروي الشافعي (34 عاماً) حكايته مع الإعاقة فيقول: «كنت أعمل في صيانة الآليات الثقيلة عندما وقعت فوقي رافعة معدنية، كانت الإصابة مباشرة في الظهر أدت إلى إعاقة في الرجلين»، مضيفاً: «مررت بوضع نفسي صعب أثناء إعادة تأهيلي في أحد المراكز الخاصة بتأهيل ذوي الحاجات الخاصة بمدينة رام الله، ولكنني كنت أرى أناساً تغلبوا على إعاقتهم وتعايشوا معها، فأستفسر منهم كيف يقودون السيارة وكيف يخرجون وكيف يتعاملون مع الآخرين. كانت استفساراتي كثيرة في تلك الفترة، ومن هنا قررت أن أبدأ حياتي من حيث انتهت، وأن أتغلب على إعاقتي. هذه الوقفة كانت بالفعل حافزاً لي للسير في مسار جديد».

ويضيف: «لم أستطع العودة إلى عملي، لكنني عملت في أكثر من مكان كموظف استقبال، ثم عملت موظف صيانة في مركز خليل أبو ريا لتأهيل ذوي الحاجات الخاصة، لكونه يشبه عملي الأصلي كميكانيكي للمعدات الثقيلة».

وحول اتجاهه لتصنيع المعدات الطبية الخاصة بالمعوقين، يقول الشافعي: «بدأت بتصنيع أول جهاز خاص بذوي الحاجات الخاصة يساعد الطفل المعوق على الوقوف، إذ يجب على المعوق الوقوف على الأقل ساعتين في اليوم لحاجات طبية، وحقق نجاحاً جيداً، وبتكلفة لا تصل إلى ثلث تكلفة الجهاز ذاته لو تم استيراده، وبجودة أفضل إن لم تكن على المستوى نفسه. ويطلب مني البعض صنع أجهزة معينة وبمجرد رؤيتي صورة لجهاز أستطيع تنفيذه».

يبلغ ثمن الجهاز المستورد الخاص بمساعدة المعوق على الوقوف، نحو ألفي دولار تقريباً، في حين لا تزيد تكلفة ما يصنعه الشافعي عن 400 دولار.

ونظراً إلى أن «الحاجة أم الاختراع» حوّل الشافعي سيارة عادية كان اشتراها لنفسه لتتناسب وطبيعة إعاقته. ولأن الأراضي الفلسطينية تخلو من مختصين بتعديل السيارات لتوائم ذوي الحاجات الخاصة، أخذ الشافعي على عاتقه تعديل سيارته بنفسه بدلاً من التوجه إلى خبراء في إسرائيل، فلجأ إلى محل الحدادة الذي يملكه شقيقه، وقام بصناعة وتركيب قطع معينة حتى تحوّلت إلى سيارة لذوي الحاجات الخاصة. ثم قام بتعديل سيارة صديق له يعاني إعاقته نفسها، ودارت العجلة بتكلفة بلغت 10 في المئة من ثمن الجهاز المستورد وتركيبه في إسرائيل. وبذلك بات الشافعي عنواناً ليس لمن يعرفونه من ذوي الحاجات الخاصة بل لعدد من وكلاء شركات السيارات في فلسطين.

التسويق

وفي ما يتعلق بتسويق المنتجات يقول الشافعي: «أركز عملي حالياً على التسويق المحلي وتغطية حاجات ذوي الإعاقة في كل المدن الفلسطينية، وأفكر مستقبلاً في التسويق الخارجي إن استطعت. طلبت قرضاً من وزارة الشؤون الاجتماعية الفلسطينية باثني عشر ألف دولار، لتطوير صناعتي، وإجراءات الصرف تقترب من مراحلها الختامية، والأهم أن الوزارة اقتنعت بأهمية التعاقد معي لتنفيذ حاجات المعوقين من معدات وآليات في فلسطين، بدل استيرادها من الخارج».

ويشير الشافعي إلى الكرسي الذي يجلس عليه وتبلغ تكلفته نحو أربعة آلاف دولار، ويقول: «أفكر الآن بصناعة كراسي للمعوقين، وأقوم حالياً بدراسة مكثفة لكيفية صناعة هذه الكراسي محلياً، وأتوقع ألا تزيد تكلفتها عن ألف دولار... هذا هو مشروعي المقبل».

الشافعي، الذي تقدم للجائزة التي شكلت اعترافاً فلسطينياً رسمياً بإنجازه، قبل يوم من إغلاق باب الترشيح، يطمح إلى دعم أوسع، إقليمي أو عالمي يحول ما يصنعه من معدات إلى خط إنتاج يصدر هذه الصناعات الفلسطينية إلى الوطن العربي بالدرجة الأولى، وربما إلى العالم في فترة لاحقة، مؤكداً أن طموحه لا يحده كرسي متحرك... «فالعجلة تبقى تدور».