فلسطينيو 48.. للعيد بهجة رغم المعاناة
السبت، 3 أيلول، 2011
يبدو العيد في أراضي الـ48 المُحتلة حيث يعيش نحو مليون ونصف عربي فلسطيني وسط 6 ملايين إسرائيلي، مُختلفا عما يبدو عليه في جميع الدول العربية والإسلامية حول العالم، فقد كانت 63 عاما من الاحتلال كفيلة بتغيير مذاق العيد وسلب بهجته من قلوب الشعب المحاصر بين جدران الاحتلال. ورغم الأوضاع الاقتصادية القاسية، وارتفاع نسبة البطالة إلى نحو 53% في صفوف الأقلية العربية في الداخل، وإلى جانب أجواء العيد المفقودة، إلا أن التحضيرات لعيد الفطر المبارك، من التبضع واقتناء المستلزمات من ملابس وحلوى وزينة، تسير على قدم وساق. ولم تستطع الظروف الحالكة والحياة المقيتة، أن تحد من فرحة الفلسطينيين بعيدهم، فزُينت المساجد والمنازل، ومُلأت الشوارع والأحياء بالأضواء الزاهية، وعمت مظاهر العيد أكبر المدن وأوسعها. لكن هذه المظاهر تبدو مختلفة نوعا وكما عن الدول العربية، فهنا مدن زرعت بينها المستوطنات، وشعب لا يجد حكومة ولا مؤسسات تهنئه، وتغلق أبوابها في يوم عيده بشكل رسمي ولا سوى ذلك من المظاهر المعتادة. أم احمد، أرملة فلسطينية، تعيش وخمسة من أبنائها لم يتجاوز أكبرهم العاشرة من عمره، في أحد منازل قرية مسير في منطقة المثلث المحتلة عام 1948، بحالة اقتصادية، يرثى لها "كما جاء على لسانها". وأشارت أم احمد التي توفي عنها زوجها وهو مواطن من قطاع غزة بمرض عضال قبل نحو ثلاثة سنوات، إلى أنها " لا تأبه بقدوم العيد أو فرحته، ولا تنتظر تزين منزلها والذي لا يتجاوز عدد غرفه 3 ، إنما هي تبحث عن قوت يوم أطفالها، ولقمة العيش، "كل ما أريده هو أن لا يناموا وهم جوعا". وأكدت المواطنة الفلسطينية في حديث هاتفي لـ "صفا" أنها تحصل على دعم مادي من لجنة الزكاة المحلية في قريتها، "ولكن هذا لا يكاد يكفي لشراء الخبز والأرز واللحوم". وقالت "هذا العيد الثالث الذي يمر علي دون اقتناء الملابس الجديدة والألعاب لأطفالي، زوجي كان مقاول بناء وكان دخله متوسط، وكنا نحيا حياة طيبة، ولكنني الآن لا أستطيع حتى شراء الكتب المدرسة لأبنائي". وأوضحت أنها تعمل خياطة للملابس في القرية، "لكن ذلك لا يكاد يكفيني فراتبي لا يتجاوز ألف شيكل شهريا، وما احصل عليه من الزكاة لا يتجاوز الألف كذلك، وأبنائي لا يحزنهم أمر سوى أن العيد يدق بابهم ولم يحضروا له الملابس ولا الألعاب كغيرهم من أقرانهم". وتابعت تقول "نحن هنا مظلومين، كان يجب أن أحصل على راتب شهري من الحكومة الإسرائيلية لأنني أرملة، ولكن، ولأن زوجي كان من سكان غزة، منعوا عني الراتب أو الميزانية الخاصة، وتركوني ألهث وراء لجان الزكاة، حتى إنهم لم يقبلوا توظيفي بأي عمل، فكنت تقدمت للعمل في قسم النظافة المستشفيات، إلا أنهم رفضوني". بهجة رغم الفقريقول السكرتير العام للجنة الزكاة القطرية في الداخل الفلسطيني باسم غريفات إن "معدل الفقر في الداخل بلغ نحو 53%"، مشيرا إلى أن عدد العائلات الفقيرة تعدى الـ100 ألف عائلة، وهي عائلات تستعين بلجنة الزكاة وغيرها من أجل سد رمق عيشها". وأوضح في تصريح لـ"صفا" أن "لجنة الزكاة ورغم عملها الدؤوب على مدار العام كله، وبخاصة خلال شهر رمضان لم تستطع الوصول إلى جميع هذه العائلات، فقد وصلنا إلى نحو 30% منها فقط، وهي العائلات التي حصلت على مساعداتنا". وأشار إلى أن كل عائلة استطاعت الحصول قبل العيد على مبلغ مادي يقدر بـ250 دولار، إلى جانب العائلات التي حصلت على اللحوم، والطرود الغذائية وغيرها من المواد التموينية". "نحاول سد بعض الفجوات بين العائلات في مجتمعنا، وخاصة عند حلول الأعياد"، قال غريفات، وأضاف "هناك من يساعد بأمواله وهناك من يساعد بجهوده الشخصية، فالخير ما زال في مجتمعنا". وقال: "إن مأساة العائلات الفقيرة وهي أكثر من نصف عائلات فلسطينيي48 في هذا العام، هي تزامن العيد من افتتاح السنة الدراسة، وشهر رمضان، وفصل الصيف الذي تكثر فيه المناسبات والأفراح، ولذلك لمسنا ارتفاعا حادا بعدد العائلات المحتاجة هذا العام". وأكد سكرتير لجنة الزكاة أن السبب الرئيس في ارتفاع معدل الفقر هو "سياسة الحكومات الإسرائيلية، التي تضيق على الشعب من حيث توفير فرص العمل، إلى جانب تخفيض قيمة التأمين التي يحصل عليها العربي، وبالتالي ارتفعت نسبة البطالة، وزادت حدة الفقر، مما جعل العربي يقضي يومه بالتسول بين لجان الزكاة والمكاتب الحكومية". وخلص بالقول :" رغم المعاناة، إلا أن الشعب في الداخل يفرح للعيد ويستقبله كغيره من الشعوب، فنحن شعب تعود على الوقوف على رجليه عند الأزمات، وأن يفرح وقت الفرح، حتى عند سقوط شهداء نجدهم يفرحون في غزة، هذا نوع من الصمود والتحدي، وستبقى هذه المظاهر أبد الدهر رغم ظلم الاحتلال". وفي سياق ذو اتصال، أشارت الحاجة رقية بيادسة وهي رئيسة ومؤسسة جمعية الوفاء والأمل الخيرية في الداخل، إلى أن نسبة العائلات الفقيرة ارتفعت بشكل يصعب تجاهله هذا العام، لافتة إلى أن تزامن العيد مع السنة الدراسة كان السبب في تردي الحالة الاقتصادية. وتعتقد بيادسة، أنه ورغم النشاط الكبير للجان الزكاة واللجان الخيرية في الداخل، إلا أنه يصعب تغطية جميع العائلات، "للأسف هناك عائلات لن تستطيع شراء ملابس العيد ولا الكتب المدرسية لأبنائها هذا العام".
وترى أن الأوضاع الاقتصادية السيئة دفعت المئات من العائلات في أراضي الـ48 المحتلة إلى التوجه إلى أسواق الضفة الغربية التي هي أقل جودة وبضاعتها أبخس أثمانا، وذلك في مسعى إلى اقتناء مستلزمات العيد والدراسة بأقل ثمن.
المصدر: وكالة صفا الاخبارية