القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الأحد 24 تشرين الثاني 2024

في اليوم العالمي للاجئين.. ما هي أسباب هجرة ملايين العراقيين من بلدهم؟


الإثنين، 21 حزيران، 2021

اضطر ملايين العراقيين إلى الهجرة من بلدهم بسبب الظروف السياسية والأمنية والاقتصادية، والاضطرابات التي شهدها خلال العقود الثلاثة الماضية. ومع حلول اليوم العالمي للاجئين في 20 يونيو/حزيران ما يزال مئات آلاف اللاجئين العراقيين يعيشون في ظروف صعبة مع تضاؤل الأمل بمستقبل أفضل.

بلدهم من أغنى بلدان المنطقة.. لماذا يفكر الشباب العراقيون في الهجرة إلى الخارج؟استمرار هجرة مسيحيي العراق لفقدان الأمن وسوء الوضع الاقتصادي العراقي حسنين محسن يتلقى مكالمات تهديد ويحلم بالهجرة تحت وطأة الفساد.. وهذه قصته

دوافع اللجوء

يقول الصحفي العراقي، أحمد سعيد، أن شريحة شبابية واسعة غادرت العراق خلال فترة التسعينيات بسبب الحصار الاقتصادي المفروض، أما بعد الغزو الأميركي عام 2003، فكانت شرائح المسيحين والأقليات الدينية في طليعة المهاجرين نتيجة الاستهداف المباشر لهم.

ويشير سعيد إلى أن شريحة الشباب هم الأكثر تفكيرا باللجوء؛ لأنهم يبحثون عن حياة أفضل وبناء مستقبل لهم في ظل الفوضى التي تعيشها البلاد، وتراجع المستوى الأمني والاقتصادي، وغياب أفق واضح لحل هذه المشاكل.

رحلة المغامرة

في البداية كان العراقيون يحاولون اللجوء بطرق شرعية من خلال السفر إلى تركيا والأردن ومصر وغيرها من الدول أولا، ثم التقديم عبر مكاتب الأمم المتحدة للهجرة إلى أميركا وأستراليا وكندا وغيرها، وكان اللاجئ يمضي نحو عامين لإتمام الإجراءات التي تمكنه من السفر للدول الغربية، كما يوضح رئيس الفريق التطوعي لإنقاذ غرقى اللاجئين أحمد يونس.

ويبين للجزيرة نت أن تأخير الأمم المتحدة لطلبات اللاجئين، دفع أعدادا من طالبي اللجوء العراقيين لسلوك طرق غير شرعية؛ مثل التهريب عن طريق تركيا إلى اليونان، ومن ثم إلى بقية الدول، سواء كان ذلك عن طريق البحر أو البر، رغم مواجهة الكثير من الصعوبات، مجازفين بأرواحهم وأطفالهم وعوائلهم في سبيل الحصول على مستقبل زاهر في المهجر.

ويتحدث يونس عن مخاطر كثيرة تواجه العراقيين في رحلة اللجوء، منها مخاطر الطرق البرية، حيث تواجههم الغابات والأنهار التي غرق فيها الكثيرون، وكذلك مات الكثيرون بسبب الجوع والعطش بعد أن تاهوا في الغابات، والبعض يواجهون قوات عسكرية على الحدود اليونانية، والتي تبطش بالمهاجرين، وتقوم بإرجاعهم إلى تركيا.

ويسترسل بالقول طريق البحر خطرة، حيث يركب المهاجرون العراقيون القوارب المطاطية، ويكون حجمها 6 أمتار، يركب فيها من 50 إلى 60 مهاجرا، ولا تتحمل كل القوارب هذا العدد الكبير، فتنتهي الرحلة بالغرق.

ويتحدث يونس -المقيم في تركيا- عن آلاف الجثث لضحايا هذه القوارب، التي سماها بـ"قوارب الموت"، تملأ المقابر التركية، ومقابر الغرباء في اليونان، حيث تجد أكثرهم من العراقيين والسوريين، إضافة إلى الكثير من المفقودين الذين لا يعرف مصيرهم حتى الآن.

ويلفت إلى تكاليف كبيرة يدفعها اللاجئون إلى المهربين في رحلة اللجوء إلى أوروبا، حيث تصل تكلفة رحلة اليونان بالقوارب المطاطية إلى 1400 دولار للشخص، فيما تصل تكاليف رحلة البر إلى 2500 دولار، بحجة كونه أكثر أمانا، رغم أنه لا يقل خطورة عن البحر، وأما أسعار رحلة قارب (غيت بوت) ذي المحركات، فتصل إلى 1800 دولار.

وأشار يونس إلى أن المهربين عندما يتفقون مع المهاجرين يوهمونهم بأن عملية نقلهم بالبحر ستكون بواسطة يخوت سياحية آمنة من 3 طوابق، بتكلفة تصل إلى 2500 دولار للشخص، وعندما يصل المهاجرون إلى نقطة الانطلاق يجدون اليخت المزعوم إما قاربا مطاطيا أو يختا خشبيا، فيخفضون الأجرة.

خارطة اللجوء

لا توجد إحصائيات دقيقة ومركزية بأعداد اللاجئين العراقيين في الخارج؛ لكنهم قبل 2003 كانوا لا يتجاوزون مليونين، ويضاف إليهم نحو 3 ملايين منذ عام 2014، وكلها أعداد تقريبية، بحسب نائب رئيس لجنة العمل والمهجرين في البرلمان العراقي حسين عرب.

وعن توزيع اللاجئين يقول للجزيرة نت، إن أغلب المهاجرين العراقيين لجؤوا إلى أوروبا وأميركا، وبعض المهاجرين لديهم أعمال في الأردن والإمارات ومصر وغيرها من الدول.

وأضاف أن ألمانيا وأميركا هما أكثر الدول التي استقبلت اللاجئين العراقيين، أما باقي الدول فلديها ضوابط وتعليمات شديدة بالحد منهم، ولفت إلى أن العراق يشجع العودة الطوعية؛ لكنه يرفض الترحيل القسري، الذي تمارسه بعض الدول بحق اللاجئين العراقيين.

وينوه عرب إلى أن السلطات العراقية تدخلت لحل مشاكل المهاجرين العراقيين في بعض الدول؛ لكن الخدمات لا ترتقي إلى مستوى يرضي المهاجرين، لكون أعدادهم كبيرة، والسفارات لا تستطيع أن تصل إليهم بالشكل السريع والمطلوب.

وفي السياق ذاته، أحصت مؤسسة "القمة" المتخصصة بشؤون اللاجئين العراقيين، أعداد اللاجئين خلال 5 سنوات للفترة بين 2015 إلى 2020، وبلغت 562 ألفا و293 شخصا، يتوزعون في 35 دولة حول العالم، مشيرة إلى وفاة 242 منهم خلال رحلة اللجوء، و171 آخرين في عداد المفقودين، ولم تشمل هذه الإحصائية اللاجئين مؤقتا في تركيا وغيرها من الدول.

مستقبل مجهول

يعيش معظم اللاجئين العراقيين اليوم في ظروف أقل ما يقال عنها إنها قاسية؛ لأن الحرمان والجوع والحاجة هي أبرز صفات هذه الظروف التي يعيشونها في بلدان مختلفة، عدا بعض المحظوظين في حالات اللجوء داخل دول يكون مستواها في التعامل مع اللاجئين أفضل من غيرها، بحسب أستاذ علم الاجتماع المساعد الدكتور وعد إبراهيم خليل.

ويضيف للجزيرة نت أن التعليم هو أحد أبرز المشاكل التي تواجه اللاجئين العراقيين، وذلك يرتبط بعدة عوامل، أولها اختلاف أساليب التعليم في تلك الدول، وقد يكون هناك أيضا اختلاف اللغة وصعوبات تتعلق بالجوانب المادية التي ترتبط بالتكاليف الدراسية، والأهم من كل ذلك هو القوانين العراقية، التي لا تعترف ببعض الشهادات التي يحصل عليها الطلبة.

بدوره، يقول الباحث والصحفي محمود النجار إن اللاجئين العراقيين لا يرغبون بالعودة إلى وطنهم رغم ظروفهم القاسية؛ لأنهم يشعرون بأنه لا مستقبل في العراق، بسبب هيمنة الأحزاب السياسية على مقدرات البلد، وعمليات القتل والاعتقال والتصفيات التي تقودها جهات مسلحة.

ويوضح للجزيرة نت بأن اللاجئ العراقي يبحث عن مستقبل أفضل لأولاده وعائلته، أو على الأقل فرصة للعيش بحرية وكرامة لما تبقى من عمره؛ لذلك فهو يرضى بأن يصبر على عدم الحصول على العمل، ويتأقلم ليعيش في بيئة آمنة تحترم الإنسان.

ويبدي النجار استغرابه لعدم اكتراث الحكومة العراقية بأوضاع اللاجئين وتقاعس مكاتب السفارة أو القنصلية العراقية في البلدان الأجنبية في أداء دورهم لحل مشاكلهم، ويستبعد وجود خطط حكومية لتشجيع عودة اللاجئين إلى الوطن، بسبب الاضطراب الأمني والتردي الاقتصادي.

المصدر : الجزيرة