القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
السبت 23 تشرين الثاني 2024

مؤتمر حول الاستيطان لـ«المجلس الأوروبي الفلسطيني» في بروكسل


الأحد، 16 تشرين الأول، 2022

أكد سياسيون وبرلمانيون أوروبيون وفلسطينيون أن الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة هو الأساس الأول للاحتلال "الإسرائيلي"، لأنه مبني على فكرة ترحيل الشعب الفلسطيني، وسلب ممتلكاته الخاصة والتاريخية والدينية، والبناء على أنقاضها كيانا إحلاليا، لإسكان المهاجرين اليهود من حول العالم في فلسطين.

جاء ذلك في خلاصة مؤتمر سياسي قانوني نظمه المجلس الأوروبي الفلسطيني للعلاقات السياسية UPAC بعنوان "المستوطنات الإسرائيلية والاتحاد الأوروبي: الواقع والآفاق"، في مقر نادي الصحافة في العاصمة البلجيكية (بروكسل)، في باكورة فعالياته في القارة الأوروبية، وشكل بداية انطلاقة عمله لتحقيق أهدافه.

وشارك في المؤتمر عدد من كبار المتحدثين الأوروبيين، أبرزهم فريدرك سيبنس ممثلا عن وزارة الخارجية البلجيكية، وتوماس هامر بيرغ الدبلوماسي السويدي والبرلماني السابق والرئيس الأسبق لمنظمة أمنستي، وماتشي كونيتشني رئيس لجنة فلسطين في البرلمان البولندي، وجمال اكازيان رئيس كتلة الحزب الاشتراكي في البرلمان البلجيكي، وبيوتر اكونوفيش رئيس حزب اليسار البولندي وبرلماني سابق، وآريك ديفرز أستاذ القانون الدولي في بلجيكا، وخليل التفكجي رئيس قسم الخرائط بمركز الدراسات العربية في القدس، وحمدان الضميري ممثلا عن اللجنة الأوروبية ضد المستوطنات والابارتهايد من بلجيكا، وعدنان صبّاح المحامي والناشط من بريطانيا.

من هنا نبعت الفكرة

وأكد ماجد الزير، الرئيس التنفيذي للمجلس في كلمته الافتتاحية، أن المجلس يهدف لإيجاد موقف أوروبي داعم للقضية الفلسطينية، ومنتصر للحق الفلسطيني الذي يتعرض للظلم والاضطهاد من الاحتلال "الإسرائيلي" عبر انتهاكات ممنهجة وممأسسة.

وذكر أن فكرة إنشائه نبعت من التقاء العديد من الشخصيات الأوروبية والأوروبية الفلسطينية والعربية، فتوحدت جهودها من أجل إنشاء المجلس، للدفاع عن القضية الفلسطينية، بما يتلاءم مع القوانين والمواثيق الأوروبية، والقيم التي ترفعها.

وأشار إلى أن أهمية عمل المجلس تنطلق من كون هذه العلاقات قابلة للتطوير دائما بحكم العوامل الكثيرة، مما يدفع المجلس للعمل على الاستثمار في المكانة الجيو- استراتيجية التي تحوزها منطقة الشرق الأوسط، ودورها التاريخي، وما يربطها عامة من علاقات سياسية وثقافية وإنسانية مع أوروبا.

وبيّن أنه يسعى للعلاقات السياسية لإيصال أفكاره وأهدافه لدوائر صنع القرار في الاتحاد الأوروبي، بما يتعلق بالقضية الفلسطينية وتطوراتها، مؤكدًا أنه يعمل بكل الوسائل السياسية والقانونية والدبلوماسية والإعلامية لتحصيل الدعم الأوروبي اللازم لإسناد مطالبه العادلة.

وأوضح أن المجلس يسعى لبناء المزيد من جسور التقارب مع المحافل السياسية والدبلوماسية في الاتحاد الأوروبي لتقريب وجهات النظر، وتجسيد الفهم الصحيح لما تواجهه القضية الفلسطينية من تحديات على مختلف الأصعدة، من أجل الوصول للأداء السياسي والإنساني والمجتمعي الأوروبي والفلسطيني، والحفاظ على قنوات التواصل بكل أشكالها.

وأضاف أن المجلس، وانطلاقا من أهم أهدافه المتمثلة بإيصال المعلومة الصحيحة عما تشهده الأراضي الفلسطينية من انتهاكات "إسرائيلية" على مختلف الأصعدة.

وبين أنه يهدف لوضع صناع القرار الأوروبي في صورة ما يحدث من انتهاكات وخروقات لحقوق الإنسان الفلسطيني من الاحتلال الإسرائيلي، بما يخالف القانون الدولي والمواثيق الأوروبية، واعتماد التواصل المباشر مع المسئولين الأوروبيين، وجعلهم في صورة الأحداث المتلاحقة في فلسطين.

وختم بالقول أن المجلس اختار عنوانا لأول فعالياته المتعلقة بالاستيطان الإسرائيلي غير القانوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والمواقف الأوروبية منه، وقال: سعدنا بحضور نخبة من دوائر صنع القرار الأوروبي من مسئولين وبرلمانيين ونشطاء حقوقيين ومجتمع مدني.

مشاركات الحضور

على صعيد المشاركات التي تقدم بها عدد من الضيوف الفلسطينيين والأوروبيين، فقد أكدوا أن القبول بالاستيطان "الإسرائيلي" غير القانوني ونتائجه على الأراضي الفلسطينية مع كل تبعاته من قتل وحصار واعتقال، صعب جدا على سياسيي العالم أجمع، ومنهم الأوروبيون وأعضاء البرلمان الأوروبي، الرافضون للاستيطان، ويرونه عقبة حقيقية في وجه تحقيق أي حل للصراع في فلسطين.

وأشاروا أن واقع الاستيطان يزداد خطورة كل يوم، ويثبت أن الرفض السياسي الأوروبي له لم يثمر شيئا بالنسبة للفلسطينيين، خاصة مع استئناف وتطوير العلاقات الأوروبية مع دول الاحتلال في المجالات الاقتصادية والسياسية والأمنية، مما يعدّ تجاوزا للاتفاقيات الموقعة بينهما، ولقوانين وقيم الاتحاد الأوروبي، مما يجعل من التماهي مع آثار الاستيطان، وعدم إغلاق باب الاستثمار فيه، يترك ثغرة بين الخطاب السياسي الأوروبي والواقع المعاش على الأرض.

وأوضحت الأوراق المقدمة أن المجلس يولي اهتماما خاصا بقضية الاستيطان على الصعيد الأوروبي سياسيا وقانونيا، من أجل الاستماع لآراء السياسيين والمختصين في العلاقات الدولية والقانونية، واستعراض كل الأدوات الممكنة أوروبيا، واستخدامها للوقوف في وجه الاستيطان، وتعطيله، من أجل العدالة والسلم والأمن للمواطنين الفلسطينيين.

ودعت المعنيين الأوروبيين من السياسيين وأصحاب القرار والمنظمات المختصة، لاتخاذ الخطوات اللازمة ضد الاستيطان، ومقاطعته، كي يشعر الفلسطيني الذي صادر المستوطنون أرضه، وهدموا بيته، وهجروه منها، أن هناك نتيجة لهذه الجهود على الأرض، وسيظل المجلس على تواصل دائم مع هذه الجهات للحفاظ على السردية والهوية الفلسطينية، وتمتين العلاقات الأوروبية الفلسطينية التي من شأنها أن تسرع في إحقاق حقوق الشعب الفلسطينية والعدالة له.

وأوضح الحضور أنه رغم أن الاستيطان الإسرائيلي مرفوض سياسيا في الدوائر التشريعية الأوروبية، لكن الدوائر الرسمية والتنفيذية والحكومات في الاتحاد الأوروبي تترك هوة بين الخطاب السياسي والقانوني لمواجهة الاستيطان الإحلالي في فلسطين، رغم أنه يتوسع بإيقاع يسبق كل الخطوات السياسية بهدف نهب الأراضي الفلسطينية، والسيطرة على الممتلكات، وتزوير الخرائط والوثائق، مما يكشف عن ازدواجية المعايير الأوروبية في التعاطي مع الفلسطينيين مقارنة مع تعاطيها مع حرب أوكرانيا.

إدانة الانفتاح الأوروبي مع الاحتلال

وأبدوا عدم رضاهم عن انفتاح العلاقات الأوروبية مؤخرا مع "دولة الاحتلال"؛ لأن ذلك يجعلها تتفلت من العقاب، رغم كل الجرائم التي ترتكبها، مما يستدعي مطالبة بأوروبا بالدفاع عن حقوق الإنسان، ومعارضة التطهير العرقي والاحتلال، وهنا يظهر دور البرلمانات الأوروبية المطالبة بتطوير عملها للدفاع عن حقوق الفلسطينيين، والتوقف عن النفاق السياسي مع دولة الاحتلال، والاستمرار بالدعوة لتحقيق العدالة من أجل فلسطين والفلسطينيين.

وأكدوا حاجة الساحة الأوروبية للمجلس كمنظمة سياسية أوروبية فلسطينية، من أجل زيادة الوعي الأوروبي بتفاصيل جرائم الاحتلال في فلسطين، مع التشديد على مواصلة المطالبة بمقاطعة منتجات المستوطنات، وطرح أفكار جديدة لتجديد وتطوير الأداء السياسي الأوروبي بالتعامل مع المستوطنات على أصعدة مختلفة سياسية واقتصادية وثقافية وأكاديمية ورياضية، خاصة مع تنامي حالة الرفض الأوروبية للأبارتهايد الإسرائيلي كاحتلال في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ومعارضة الشراكة الأوروبية "الإسرائيلية" التي استؤنفت مؤخرا، رغم عدم زوال أسباب تجميدها لعشر سنوات.

وأشاروا أن الفلسطينيين يشعرون بخيبة أمل من عدم توقف الاستيطان، واستمرار مصادرة أراضيهم، ويجدون أن الدور الأوروبي الحالي غير كاف، ولابد من وقف الاستثمار الأوروبي في المستوطنات، وقطع كل أشكال المعاملات معها، لأنها تعطيها صبغة شرعية، رغم أن الخطاب السياسي الأوروبي يقر بأن المستوطنات غير شرعية.

وأضاف المتحدثون أن إقامة المستوطنات يعدّ مخالفة للقوانين الدولية والاتفاقيات الأوروبية الإسرائيلية والتصريحات السياسية الأوروبية التي يفرغها الاحتلال من مضمونها بعدم احترامها، مما يؤكد وجود ثغرة بين الخطاب السياسي الأوروبي والقانون الأوروبي تجاه النظر لجرائم الاحتلال ضد الفلسطينيين، بل إن القوانين الأوروبية تمكن المواطن الأوروبي من مقاضاة المؤسسات الأوروبية التي تتعاون مع الاستيطان غير الشرعي، لأن التعامل معه في أي مجال غير قانوني حسب القوانين الأوروبية، وفي هذه الحالة يمكن استغلالها لتجريم هذا التعاون.

رفض المعايير المزدوجة

ورفض الحضور المعايير المزدوجة التي يطبقها الاتحاد الأوروبي والدول الأوروبية الفردية على فلسطين؛ لأن النهب الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية غير قانوني، والتطهير العرقي وممارسة تقسيم الأراضي الفلسطينية الذي يمارسه الاحتلال الإسرائيلي يهدفان لمنع قيام دولة فلسطينية، ورغم ذلك، فلا تعاني إسرائيل من أي عواقب لنشاطها غير القانوني، ويواصل الاتحاد الأوروبي علاقته الطبيعية معها، بل إنه أكبر شريك تجاري لها، ويملك الأدوات اللازمة لتطبيق القانون على المحتل الإسرائيلي بشكل فعال، لكنه لا يفعل ذلك، ولا تزال المنتجات المصنعة في المستوطنات غير القانونية متوفرة في السوق الأوروبية.

وأشاروا أن الفلسطينيين الذين ينظرون إلى استجابة أوروبا القوية والواضحة للهجوم الروسي على أوكرانيا غالبًا ما يتفاعلون بالإحباط والغضب، ويسألون: لماذا يظل الغرب أعمى وسلبيًا في حالة فلسطين، مع أن أوروبا تدافع باستمرار عن حقوق الإنسان، وتعارض التطهير العرقي والاحتلال غير القانوني، والاستيلاء على الأراضي في جميع الحالات.

وأكدت توصيات المؤتمر أن المجلس الأوروبي الفلسطيني للعلاقات السياسية، سيواصل مشواره في مواجهة الاستيطان، وغيرها من جرائم الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني، من خلال التواصل مع صانعي القرار والبرلمانات والمفوضية الأوروبية والمنظمات الأهلية، بحيث تتكامل الجهود حتى يشعر بها المواطن الفلسطيني، وهو الذي يشعر بالتهديد اليومي من الاحتلال بفقدان بيته، ومصادرة أرضه وموارده الطبيعية.