القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الإثنين 13 كانون الثاني 2025

مؤتمر دولي حول اللاجئين يسبق اجتماع المانحين

مؤتمر دولي حول اللاجئين يسبق اجتماع المانحين

الأربعاء، 21 آذار، 2012

تحضير مشهد مسرحي لمؤتمر رسمي يجلب أجل «الروح العفوية»، لكن الامر لم يكن بهذا السوء. أظلمت الاضاءة، وسُلّطت بقعة ضوء على وسط حلقة مستديرة شكّلتها طاولة المؤتمر. كان ذلك قبل أن يهم كبار مسؤولي الامم المتحدة والاتحاد الأوروبي والجامعة العربية بالقاء كلماتهم.

مشى شاب فلسطيني ببذة رسمية، ومن الجهة الاخرى، اتجهت اليه ياسمينة حاملة مجموعة جوازات سفر، ولوّحت بها ليراها الجميع. كانت جوازات زملاء لها جاؤوا ضمن وفد من 24 شاباً لاجئاً في دول تستضيف مخيمات الشتات. رددت بالتناوب مع زميلها: «لا نريد كل هذا... نريد هوية واحدة، جواز سفر واحداً، وطناً واحدا». من وجد المشهد ثقيلا، كان عليه رؤية بعض المشاهدين البلجيكيين متأثرين به خلال مروره في تقرير على شاشاتهم.

المؤتمر الذي عقد ليومين، واختتم أمس، خصص لبحث أوضاع اللاجئين الفلسطينيين الشباب تحديدا.

ويبلغ عدد اللاجئين المسجلين حوالي خمسة ملايين لاجئ، معظمهم الآن من الشباب. وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين التابعة للامم المتحدة («الاونروا»)، التي نظمت المؤتمر، خلص مفوضها العام فيليبو غراندي إلى القول «يجب تحقيق السلام لحل قضية اللاجئين»، ولكن حتى ذلك الوقت «يجب إيجاد ظروف أفضل للشباب».

أما منسق الأمم المتحدة لعملية السلام روبرت سيري، لفت إلى أن الخيارات المطروحة أمام الشباب الفلسطيني اللاجئ «محدودة»، متحدثا عن أوضاع صعبة يعيشونها بسبب «الاحتلال والتهميش والفقر».

لدعم الشباب، واللاجئين في العموم، حث المتحدثون على ضرورة مواصلة دعم مشاريع «الأونروا»، لكن هناك من تمنى أن يأتي اليوم الذي تختفي فيه الوكالة من اساسها، كما قال وزير الخارجية البلجيكي ديديه ريندرز «لأن حصول ذلك سيعني أن مشكلة اللاجئين قد تم حلها». وبحسب الوزير البلجيكي فإن هذه القضية تحتاج حلا سياسيا في الاساس لكن هذا «لا ينبغي أن يكون ذريعة تحول دون تمتع الفلسطينيين بحياة حرة وكريمة».

ربما كانت آذان مسؤولين لبنانيين تطن في تلك الأثناء. لكن وزير الشؤون الخارجية في السلطة الفلسطينية رياض الملالكي أعرب، في حديث لـ«السفير»، عن «تفهمه»، وقال «نحن نعمل على تحسين أوضاعهم المعيشية وتوفير فرص العمل للفلسطينيين في لبنان، ريثما يتم انتقالهم إلى دولة فلسطين، ولكن حتى ذلك الحين يجب تطوير حياتهم ومستوى معيشتهم بطريقة انسانية مقبولة»، قبل أن يستدرك «مطلوبة». مطلوبة أو مقبولة، ما الفرق هنا؟!

في هذا الوقت كانت رؤوس المسؤولين الذي ينتظرون كلماتهم تهتز موافقة ومعبرة عن الأسف. الامين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي تحدث عن «الاعجاب والتقدير» لأجيال من الشباب «الواعي» الذي ولد لاجئا خارج أرضه «بالرغم من أنه شعب له حق قانوني في تقرير مصيره». وشد العربي على ضرورة مشاركة الشباب الفلسطينيين في صناعة «الشرق الاوسط الجديد» الذي يولد بعد أحداث «الربيع العربي»، ولذلك اقترح مؤتمرا برعاية الجامعة ليلتقي شباب فلسطينيون وعرب ويطرحوا تصوراتهم لهوية المنطقة.

وزير خارجية السلطة الفلسطينية قال، إن ما فعله الشباب العرب «لتحقيق الحرية والديموقراطية»، سيكون «مثالا للشباب الفلسطيني لمقاومة الاستعمار والاستبداد». للدقة، بعض الرؤوس التي كانت تهتز، توقفت عند تلك العبارة.

لكن مؤتمر المانحين للسلطة الفلسطينية على الابواب، ويعقد اليوم الاربعاء. المالكي سلّط الضوء على أن «الاقتصاد الفلسطيني» تعرض لخسائر بحوالي 7 مليارات دولار، منها 4,5 مليارات نتيجة مباشرة للاحتلال ولمنعه الشعب الفلسطيني من الوصول إلى مصادره الاقتصادية، إضافة إلى خسائر ناجمة عن القيود والحواجز ومنع الحركة. خسائر لشعب ولشبابه، والمالكي يقترح تخصيص صناديق مالية لانجاز مشاريع لصالح الشباب، إضافة إلى التركيز على التعليم وتقديم المنح الدراسية.

نسأل شابا جاء من غزة، هل يقبضون هذا الكلام عن الدعم، فيقول علي شحادة: «نحن ننتظر من مؤتمر كهذا أن يرى صنّاع القرار الشباب على أرض الواقع، وبناء على هذا يصنعون قراراته». وأضاف «لا نريد أن تكون القصة اعلامية، وخلف الابواب المغلقة يكون صنع القرار مختلفا». الوزير الفلسطيني يرد بالقول إن «الفجوة» بين ما يقال وما يطبق «موجودة في كل المؤتمرات»، قبل أن يضيف «لكن هذا لا يعني أن عليهم أن يفقدوا الثقة والقناعة بامكانية عمل شيء». حديثه يجعل مربط الثقة والقناعة هو أنهم سيتابعون مع الشباب لتنفيذ اقتراحات وتوصيات المؤتمر. وأساسا، هذا مربط القلق الذي عبّر عنه الشاب مسبقا.

واستبق صندوق النقد الدولي مؤتمر المانحين بأن أصدر تقريراً يتحدث عن عجز بقيمة 500 مليون دولار في ميزانية السلطة الفلسطينية للعام الحالي. وقال المالكي لـ«السفير» إأن «العجز متراكم» وسببه «عدم وفاء دول مانحة، عربية وأجنبية، بالتزاماتها المالية تجاه السلطة الفلسطينية»، وأضاف إن «هذا لا يعني أن هناك خطأ ما ارتكب في ما يتعلق بالاداء المالي للسلطة الوطنية الفلسطينية». الجملة الاخيرة تأتي أشبه برد على جانب من التقرير الاسرائيلي للدول المانحة، والذي يقول أن الاقتصاد الفلسطيني ليس مستقرا بما يسمح بإقامة دولة فلسطينية مستقلة. ويرد المالكي على هذا بالقول إنه: «شيء طبيعي من اسرائيل»، وأضاف: «السبب بسيط وهو أن اسرائيل ترفض حتى الان مبدأ حل الدولتين، وتريد الهرب من هذا الاستحقاق وتأجيله دوليا واطالة أمد الاحتلال أكثر ما يمكنها لتخلق وقائع على الارض تمنع اقامة الدولة الفلسطينية القابلة للحياة والمتواصلة جغرافيا».

المصدر: وسيم ابراهيم – السفير