الخميس، 29 نيسان، 2021
قال الرئيس السابق لحركة المقاومة الإسلامية
"حماس" في الخارج، ماهر صلاح: إن شعار "لا انتخابات بدون القدس، لا
يصح أن يتحول إلى شعار لا انتخابات فقط"، فالانتخابات التي ترتهن إلى إرادة العدو
وتستجدي موافقته، وتتصاعد المؤشرات على عدم رغبة إجرائها عند أطراف فلسطينية وإقليمية
ودولية، تخوفا من فوز حماس فيها، لا تعبر عن الإرادة الحقيقية للشعب الفلسطيني".
وأضاف: "هم (السلطة الفلسطينية) لا
يريدون انتخابات حقيقية، تمثل ممارسة ديمقراطية نزيهة وشفافة، بل انتخابات على مقاسهم
بنتائج محددة سلفا".
ورأى صلاح، في حوار خاص مع "قدس برس"،
أن تصاعد الحديث عن تأجيل الانتخابات الفلسطينية، بدعوى تعطيل الاحتلال إجرائها في
القدس، وطرح قيادات من السلطة و"فتح" المبررات التي تمهد لإصدار قرار التأجيل،
"خطوة مستغربة ومستهجنة من أطياف الشعب الفلسطيني كافة في داخل فلسطين وخارجها".
متسائلًا: "كيف نقبل على أنفسنا كفلسطينيين
أن يفرض علينا الاحتلال إرادته، ويتدخل في شؤوننا الداخلية وترتيب بيتنا الفلسطيني".
لن نعدم الوسيلة في إجراء الانتخابات في
القدس
وأضاف "صلاح": "كان يجدر
بالقيادة الفلسطينية أن تجمع الفصائل والقوائم على خوض معركة الانتخابات في القدس،
مثلما خاض أهل القدس معركة باب العامود وأجبروا الاحتلال على التراجع، وليس أن تتخذ
مسألة القدس ذريعة للتأجيل المؤدي إلى الإلغاء من ناحية عملية".
وشدد على أن الفلسطينيين، "سيجدون
الحلول العملية لإجراء الانتخابات في القدس وإجبار الاحتلال على ذلك بإرادة وطنية ثابتة
وموحدة".
وأوضح: "وصلنا إلى مسار الانتخابات
الفلسطينية بمراحلها الثلاث (تشريعية، رئاسية، مجلس وطني) بعد توافق واسع، استوجب جهدا
كبيرا وسعيا حثيثا على مدى قرابة عام، وهو مسار ارتضاه المجموع الفلسطيني بشق الأنفس،
وبعد جهد جهيد للخروج من حالة الانقسام إلى وضع جديد، يسمح بإنشاء حالة وطنية توافقية
في مواجهة صفقة القرن ومخططات الضم، ومشاريع الاستيطان والتهويد، انطلاقا إلى إعادة
بناء منظمة التحرير، وتجاوز أوسلو وتداعياتها الخطيرة على مشروعنا الوطني".
وذكر القيادي الفلسطيني، أن "حماس"
قدّمت كل التسهيلات وتجاوزت كل العقبات والصعوبات، وأبدت أقصى درجات المرونة، واستجابت
لكل ما يلزم لسير العملية الانتخابية إلى منتهاها، وقدمت الصالح العام والمصالح الوطنية
للعب الفلسطيني ومشروعه،على أية مكاسب حزبية تخص حركتنا.
ورأى أن المشهد الذي ارتسم في الفترة الأخيرة،
"أظهر حماس على أنها الحركة المتماسكة الموحدة، الواثقة من نفسها ومن شعبها".
ولفت "صلاح" إلى أن انقسامات
حركة "فتح"، أظهرت مشاكلها الداخلية للعيان، وأبدت للمراقبين الأوزان الحقيقية
للعديد من القوى والفصائل الفلسطينية، قبل إجراء الانتخابات، بل قبل بدء مرحلة الدعاية
الانتخابية.
وزاد: "هذا دق ناقوس الخطر عند الاحتلال
أولا، والذي يتحمل المسؤولية الأولى عن منع الانتخابات وإلغائها لأن استمرار الانقسام
مصلحة له، فاستهدف مرشحي حماس في الضفة الغربية، بالتهديد وبالاعتقال، وحرّض البعيد
والقريب على الحركة، ومارس ضغوطا على السلطة الفلسطينية".
وتابع: "كما مارست أمريكا وبعض القوى
الإقليمية الترهيب والترغيب لثني القيادة الفلسطينية عن المضي في العملية الانتخابية
تخوفا من نتائجها، وهذا لا يعفي القيادة من مسؤوليتها التاريخية إذ كان يجدر بها أن
ترجع إلى شعبها وتتقوى به في مواجهة هذه الضغوط ولو أنها آوت إليه، لوجدته ركنا شديدا
ونصيرا قويا، لكن كيف لمن يقدّس التنسيق الأمني أن يقدّس المصلحة الوطنية واللحمة الشعبية".
وقال صلاح: "إن الهبة المقدسية التي
أطلقها شبان وشابات القدس، شكلّت رسالة قوية لجنود الاحتلال وقطعان المستوطنين بأن
شعبنا يملك الإرادة والقدرة على تحدي الاحتلال وإجباره على التراجع عن مخططاته باتجاه
القدس والأقصى، كما أنجزوا من قبل في معركة البوابات الالكترونية وباب الرحمة وغيرها،
مهما قلّت الإمكانات وعزّ النصير".
الهبة المقدسية
وحول انتصار إرادة الشبان المقدسيين في
باب العامود، بيّن صلاح، أن "المقدسيين أوقفوا مخطط الاحتلال، بالرغم من حالة
التردّي العربي الرسمي وضعف قيادة السلطة الفلسطينية في مواجهة الاحتلال وحلفائه".
ولفت إلى أن الهبة المقدسية "جرس إنذار
وتنبيه للمهرولين إلى التطبيع المذلّ مع العدو المحتل، الذي أظهرت الأحداث وجهه القبيح،
وأنها نهضة إحياء ونبضة وعي لشعوبنا وأمتنا لحقيقة الصراع وجوهر المعركة مع الغاصب
المحتلّ البغيض".
وأكد أن القدس أثبتت المرة تلو الأخرى،
أنها "العنوان الأقوى الذي تجتمع عليه الحالة الفلسطينية بمكوناتها جمعاء، وأنها
كذلك عنوان وحدة أمتنا العربية والإسلامية، وأنها الشرارة التي طالما أطلقت الانتفاضات
المباركة، فالقدس هي المبدأ وهي المنتهى".
وبيّن صلاح أن "الهبة المباركة"
جاءت بمثابة إنذار مبكر وتحضير مسبق ضروري؛ لتحفيز الطاقات وتجميع الجهود أمام التحدي
الأخطر القادم في 28 رمضان.
وأشار القيادي في "حماس" إلى
أن حركته "سبّاقة في نصرة شعبنا وحماية مقدساتنا، ولذلك بادرت كتائبنا (كتائب
القسام) بإرسال التحذيرات شديدة اللهجة للعدو الصهيوني وانطلقت الصواريخ من قلب غزة
العزة، ووصل الشباب إلى السلك الزائل، وتحركت الضفة من شمالها إلى جنوبها، وبادر أهلنا
في الـ48 لنصرة القدس وأهلها، وحماية المسجد الأقصى".
وتابع: "كذلك اشتعلت مخيمات اللجوء
في لبنان والأردن، وخرجت جموع الشعب الفلسطيني في دول الطوق، وفي دولنا العربية والإسلامية،
وكذلك حضر الفلسطيني في الشتات في دول الغرب والشرق قاطبة ليؤكد من جديد أن القدس هي
عاصمتنا الأبدية وقبلتنا الأولى، وتحريرها هو أسمى أمانينا التي نبذل في سبيلها الغالي
والنفيس".
وشدد على أن الشوط المطلوب لا يزال طويلا،
"بالدعم المادي لتعزيز صمود أهل القدس ودعم رباطهم في مواجهة مخططات التقسيم والتهويد
والهدم والاستيطان، وتقديم أشكال التأييد كافة من الحراك الجماهيري الشعبي، والسياسي
الدبلوماسي والقانوني الحقوقي، والإعلامي الثقافي، والجهادي حتى تحقيق التحرير والعودة".
التقارب مع تيارات فتح
وحول تقارب حركة "حماس" مع تيارات
"فتح" المختلفة، بيّن القيادي في الحركة، أن "حماس" حركة مقاومة
وطنية إسلامية تتعامل مع الكل الفلسطيني بشتى تياراته وتوجهاته وفصائله، وتحاول دائما
أن تعظم المشتركات معها، وتقلل مساحات الاختلاف، وتتجاوز عن كثير من المعوقات والحظوظ
الحزبية.
وأضاف في حواره مع "قدس برس":
أن "حماس ترى أنها الحركة الأوسع والأكبر التي تسعى لجمع وتوحيد الجهود الفلسطينية،
في مواجهة الاحتلال وحلفائه".
واستطرد: "لذلك هي تتعامل مع الجميع،
وهذه هي سيرتها وتاريخها في الخارج والداخل، مع الفصائل العشرة، ومع فصائل منظمة التحرير،
ومع فصائل المقاومة، وفصائل التحالف الوطني، وفتح الرسمية، وتيارات فتح الأخرى، وهي
التي بادرت إلى وضع وثيقة الوفاق الوطني لتمثل برنامج الحد الأدنى، وسعت إلى لقاءات
الأمناء العامين للفصائل وخاضت جميع لقاءات وحوارات المصالحة في العواصم العربية وغيرها،
وقدمت الكثير من المحاولات الحثيثة والمستمرة لجمع الصف الوطني وحشد قواه في مواجهة
المشروع الصهيوني".
وأكد "صلاح" على أن مواجهة المشروع
الصهيوني، "هو معيارها ومعادلتها في العمل الوطني طالما أنه يعمل في مقاومة المشروع
الصهيوني وملاحقته بالوسائل المتاحة زمانا ومكانا، وصولا إلى تحقيق هدف التحرير والعودة".
ملف المعتقلين الفلسطينيين في السعودية
وحول ملف المعتقلين الفلسطينيين في السعودية،
بيّن "صلاح" أن، "حماس" بذلت جهودا متواصلة واتصالات ومراسلات
مباشرة ووساطات مستمرة للوصول إلى حلول لقضية المعتقلين الفلسطينيين في السعودية،
"الذين لا ذنب لهم إلا أنهم اجتهدوا في إغاثة شعبهم وأهلهم في فلسطين المحتلة
بما يملكون من إمكانات محدودة مرتكزين إلى تراث وتاريخ السعودية في دعم وصمود الشعب
الفلسطيني واغاثته في مواجهة جرائم الاحتلال بحق المقدسات والانسان والأرض والهوية".
وأشار إلى أنه قد مضى على هذه المشكلة أكثر
من عامين، "عانى فيها المعتقلون وعائلاتهم معاناة كبرى صحيا ونفسيا واجتماعيا،
وخاصة الدكتورمحمد الخضري، ممثل الحركة السابق في السعودية، الذي يعاني من أوضاع صحية
صعبة، مع تقدمه في السن".
وقال: "لا يزال يحدونا الأمل في أننا
سنجد حلا قريبا للخلاف القائم والمشكلة الحاصلة، خاصة في هذه الأيام المباركة في شهر
رمضان الفضيل، ارتكازا على حكمة القيادة السعودية، وإلى رصيد العلاقة الحسنة بين الحركة
والقيادة السعودية التي امتدت لقرابة ثلاثة عقود، واعتبارا للتطورات والتحديات التي
نعيش أجواءها هذه الأيام في المسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، والتي
أعادت كثيرا من الأمور إلى نصابها، ووجهت بوصلة الصراع في الاتجاه الصحيح".
دور فلسطينيي الشتات في نصرة القضية
وعدّ صلاح الأدوار التي قام ويقوم بها الفلسطينيون
في الشتات، من صميم مقاومة المشروع الصهيوني، "انطلاقا من الدور التاريخي لفلسطينيي
الخارج في نشأة وقيادة حركات المقاومة في العصر الحديث، امتدادا إلى الدعم المالي المباشر
للمقاومة، ولصمود الشعب الفلسطيني في الداخل، وتبني الشهداء والأسرى والجرحى وعائلاتهم،
وبناء مؤسساته العلمية والمجتمعية والخيرية وغيرها".
وأشاد "صلاح" بدور فلسطينيي الخارج
في مدّ شبكة العلاقات السياسية والدبلوماسية العربية والإسلامية والدولية، والعمل المتواصل
في المسارات القانونية والحقوقية وملاحقة مجرمي الكيان الصهيوني في كل مكان، وإنشاء
وتفعيل حركات المقاطعة ونزع الشرعية لقطع حبل الناس عن العدو الصهيوني.
بالإضافة إلى تحشيد وتوحيد جهود أمتنا العربية
والإسلامية إعلاميا وشعبيا وعلمائيا وبرلمانيا وغير ذلك لنصرة الشعب والقضية، وتأطير
شعبنا الفلسطيني في الشتات في مشروع المقاومة للتحرير والعودة، وتثبيته على التمسك
بحقوق اللاجئين والعودة، وثوابت القضية الفلسطينية كافة، وفق صلاح.
ولفت إلى دورهم في تربية الأجيال المتعاقبة
على الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني في مخيمات اللجوء وبلدان الشتات وتلبية احتياجاته
بأشكال كافة، ودعم صموده ومقومات حياته الكريمة.
كما أثنى صلاح على المبادرات المهمة في
تأسيس وانشاء أطر وطنية جامعة للفصائل والقوى والشخصيات الفلسطينية في الخارج،
"التي قدمت نموذجا مهما ومتقدما للعمل الفلسطيني المشترك، وخوض معركة الوعي والفكر
والاعلام والثقافة والفن، وتقديم الرواية الفلسطينية الصحيحة المؤكدة لقضيته العادلة
باللغات الحية كافة، وبناء المؤسسات الفلسطينية والعربية والدولية في مواجهة موجات
التطبيع، ومخططات زرع الفتن الداخلية والفرقة والنزاعات الطائفية والمذهبية، وبناء
القوة الرادعة والقادرة على خوض المعارك الأمنية والعسكرية ضد الاحتلال، لتحرير الأسرى
والمسرى.
وبيّن أن الفلسطينيين في الخارج، قد بادروا
في السنوات الأخيرة، بتنظيم جهودهم وتوحيد صفوفهم بشكل أفضل، لاستعادة دورهم الحيوي
في المؤسسات القيادية الفلسطينية، بعد سنوات عجاف منذ اتفاقية أوسلو التي همشتهم وأقصتهم
عن أداء دورهم الضروري والمنشود.