محللون: المصالحة الفلسطينية معلقة حتى إشعار آخر
الخميس، 14 تموز، 2011
تكاد جهود تنفيذ أولى خطوات المصالحة الفلسطينية (تشكيل حكومة توافق) تضيع في مهب الريح، وتتأرجح بين عباس الذي لا يريد غير فياض رئيسًا لها، و"حماس" التي ترى فيه "رجلاً أرهق السلطة بالديون وحارب المقاومة، وقضى على آمال الفلسطينيين في التحرر".
ولم يجد محللان أيسر من شعار (معلقة حتى إشعار آخر) لوصف الحالة التي تمر بها المصالحة الفلسطينية في هذه الأيام، رغم اختلافهما في تفسير (الإشعار الآخر) .
فبينما رأى الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني مصطفى الصواف أن المصالحة تنتظر تغييرًا في عقلية الرئيس محمود عباس لتصبح موافقة لما يخدم الشعب، عد الكاتب والمحلل السياسي هاني المصري أن المصالحة متوقفة على التطورات التي ستحدث على صعيد المفاوضات والثورات والحراك الشبابي و"أيلول".
يُشار في هذ الإطار إلى أنَّ اتفاق المصالحة ينص على أن تعيين رئيس الوزراء في حكومة المصالحة يكون بالتوافق بين الحركتين، الأمر الذي تجاوزه الرئيس عباس، وأثار استغراب المراقبين والمتابعين للشأن السياسي الفلسطيني.
وقال الصواف: "إذا بقي عباس يصر على فرض سلام فياض على اتفاق المصالحة، الأمر الذي يخالف ما تم التوقيع عليه، فالمصالحة لن تتحقق".
"لكن على ما يبدو أن عباس يريد استثمار هذه الفترة الزمنية لاختبار فرض خياراته من خلال التوجه للأمم المتحدة، ربما يعيد التفكير من جديد لو فشل في ذلك، رغم استبعادي لهذا الاحتمال"، حسب الصواف.
وعدَّ أن عباس يحاول بفرض فياض وخضوعه تحت الابتزاز الأمريكي، والرغبة الأوروبية أن يفرض وجهة نظره، حتى على تشكيل الحكومة الانتقالية برئيس وزرائها ووزرائها وبرنامجها السياسي، وهذا يناقض بالكلية اتفاق المصالحة الذي وقع في القاهرة، وهذا ربما هو الخلل الأكبر الذي يعيق الاتفاق".
لكن المصري، يرى أسبابا أخرى تعرقل المصالحة، وتؤخر الحكم عليها، وأهمها التطورات التي ستحدث على صعيد المفاوضات وعلى صعيد الثورة العربية لا سيما في مصر وسوريا، وعلى الحراك الشبابي وعلى صعيد التوجه إلى الأمم المتحدة".
وأشار إلى أن تعليق وتجميد المصالحة لا يعني انهيارها بالكامل، فهي في لحظات انتظار لما ستتمخض عنه التطورات.
وانتظار التطورات خطأ من وجهة نظر المصري الذي لفت إلى أنه بالإمكان التعامل مع المصالحة كبديل تكتيكي وضرورة وطنية، محملا مسؤولية هذا التأخير لطرفي المصالحة، الذين قال إن كلا منهما يريد للمصالحة أن تبقى دون تطبيق، مع نتائج وثمار يحققانها من جراء هذا الوضع.
"فالرئيس عاد ليمثل الفلسطينيين ككل، وأخذ تفويضًا من حماس بمهلة جديدة للمفاوضات، و"حماس" حصلت على تخفيف القيود على معبر رفح وعلاقة جيدة مع مصر، هذا الوضع دون تطورات ضاغطة شعبية أو خارجية من الممكن أن يستمر، وإذا استمر فسينهار"، كما عبَّر المصري.
وثمة دواعٍ أخرى لتأخير المصالحة، مرفوضة من وجهة نظر المصري، وأهمها الخوف من أن تشكيل الحكومة قد يؤدي إلى معاقبة السلطة من قبل أمريكا و"إسرائيل" والمجتمع الدولي، والخوف من أن يؤثر ذلك على معركة التوجه إلى الأمم المتحدة.
لكنه استدرك "إنَّ هذه مخاوف غير مبررة، لأننا لن نستطيع أن نحقق مالم نقدر على تحقيقه ما لم نكن موحدين، أما بالنسبة للابتزازات الأمريكية والإسرائيلية إذا خضعنا لها سنبقى منقسمين إلى الأبد".
واتفق المصري والصواف على أنه لا يمكن القفز عن ملف تشكيل الحكومة إلى ملفات أخرى بدعوى كسب الوقت، فبالنسبة للصواف، فإن تشكيل الحكومة يمثل بنية تحتية لباقي الملفات، أما المصري فأشار إلى أن الملفات الأخرى معقدة أكثر، فلا يجوز القفز من الصعب إلى الأصعب.
ونوَّه الصواف إلى أن اتفاق القاهرة ينص على العمل في كافة المسارات بالتوازي، وأضاف: "تعطيل أي مسار من هذه المسارات يعني تعطيل اتفاق المصالحة، وأعتقد أن سقوط عنصر من عناصر المصالحة (الحكومة-والاعتقالات السياسية-والأجهزة الأمنية-والمنظمة-وغيرها) هو سقوط لبقية العناصر كلها".
"لا تُحمِّلوا مصر أكثر مما لا تحتمل"، بهذا رد الصواف على سؤال حول الدور المصري المأمول في هذه المرحلة الحرجة، وأوضح "لا تزال مصر غير واضحة المعالم سياسيًا، حتى في ظل وجود الثورة".
وتابع: "ما زال المجلس العسكري هو الذي يسيطر على الحكم في مصر، والمجلس العسكري هو نسخة عن نظام حسني مبارك، لذلك الآن مصر لا تستطيع أن تتدخل كثيرًا لأنها تعلم أن التدخل سيكون في غير صالح عباس، والمجلس العسكري لا يريد أن يكون ضد مصلحة عباس، فلذلك يؤثر الصمت على التدخل".
أما المصري، فرأى من الضرورة الاتكاء على الدور الشعبي والرسمي الفلسطيني أكثر من الدور المصري، حيث دعا القوى والشعب والشباب للتحرك، "يجب أن نتحرك جميعا لإعطاء المصالحة أولوية، ثم نتوجه للعرب لتنفيذ دورهم لتطبيق وتطوير المصالحة".
وعن جدوى مشاركة وسيط جديد لتخفيف الضغط عن المشرف المصري، قال الصواف: "المشكلة ليست في المشرف المصري، ولا في اتفاق المصالحة، ولا في حركة حماس، المشكلة في شخصية عباس والعقلية التي تحكمه، المسألة بحاجة إلى إعادة تفكير من قبل عباس لتغيير مواقفه بما يخدم الشعب الفلسطيني".
المصدر: السبيل