يتحدون مخاطر الاحتلال
مزارعو "التماس".. رغم المخاطر سنحيي
أرضنا

الثلاثاء، 31 آذار، 2015
وقف المزارع يوسف شاهين (39 عاماً) إلى جانب أرضه
ليتابع مجموعة من الشبان الذين تجاوزه باتجاه السياج الأمني الصهيوني شرق خان يونس
جنوب قطاع غزة؛ لإحياء ذكرى يوم الأرض بفعاليات ميدانية في مواجهة الاحتلال.
وقال شاهين لـ"المركز الفلسطيني للإعلام"،
وهو يشير إلى عدد من الجيبات العسكرية الصهيونية وإلى جوارها برج مراقبة اسطواني الشكل
تحيط به الكتل الخرسانية الكبيرة داخل السياج
الأمني الفاصل "ربنا يستر .. الآن ستبدأ الحفلة .. هم أصلاً ينغصون حياتنا دوماً،
ويحرمونا من حريتنا في أرضنا"..
ولم يكد شاهين يكمل حديثه حتى دوى أزيز الرصاص
وصوت القنابل المسيلة للدموع التي أطلقها جنود الاحتلال وامتزج دخانها بسحب الإطارات
التي أشعلها الشبان، لينحني بطريقة سريعة بدا أنه معتاد عليها وهو يقول :"ألم
أقل لك أن الحفلة ستبدأ" في إشارة إلى بداية المواجهة ما بين جنود الاحتلال والشبان
الرافضين لتوجدهم قرب السياج الحدودي.
استهدافات متعددة
ويشير المزارع شاهين إلى أرضه التي بدا جزء منها
مزروعاً والآخر مهملاً، وهو يضيف "هذا الموقع بدد حلمي في العمل بشكل طبيعي في
أرضي فبمجرد اقترابي وعملنا حتى نتعرض لإطلاق النار ما يضطرني والعمال في الكثير من
الأحيان لمغادرتها حرصاً على السلامة".
ويملك المزارع شاهين قطعة أرض مساحتها 36 دونماً
لا تبعد سوى 250 متراً عن السياج الأمني وهي مزروعة بالبقدونس والقمح، ويعمل فيها
10 عمال.
ويؤكد شاهين أن أرضه تعرضت لاستهدافات متعددة
الأشكال من قوات الاحتلال فتارة بالتجريف، وأخرى بإطلاق النار وفرض منطقة عازلة من
الاحتلال وصوله إلى أجزاء من أرضه، فضلاً عن إطلاق الكلاب، أو الرش بالمبيدات ما يحرق
المزروعات".
ويرى أن إصراره على الفلاحة في أرضه وزراعتها
بعد كل عملية تجريف، والمخاطرة في الوصول اليومي إليها يشكل جوهر إحياء ذكرى يوم الأرض
"فهذه أرضنا ولا نبخل عليها بعرقنا أو حتى دمنا سنعمرها مهما خربها الاحتلال،
وكما انتفض أجدادنا ضد مصادرة أرضهم وللحفاظ عليها نسير نحن على الدرب مهما كان الثمن".
وأحيا الفلسطينيون يوم الأرض، الذي يصادف 30 آذار
(مارس) من كل عام، والذي يعود لعام 1976 بعد أن صادرت قوات الاحتلال آلاف الدّونمات
من الأراضي الفلسطينية، ما نجم عنه إضراب عام ومسيرات من الجليل إلى النقب سرعان ما
تحولت إلى مواجهات مع قوات الاحتلال استشهد خلالها 6 مواطنين وأصيب واعتقل المئات.
رغم المخاطر .. سنحيي أرضنا
وغير بعيد من شاهين، أنهى المزارع "محمد
سمور" عمله بسرعة مع تكرار إطلاق النار من جهة الاحتلال، وقال :"هناك إطلاق
بصورة شبه يومية، يزيد إذا شاهد جنود الاحتلال مزارعين أو شبان في المنطقة القريبة
من السياج الأمني .. هم يريدون إخافتنا لمنع إحياء هذه الأرض".
وأضاف "نحن نقدر الأمور .. صحيح نخاف من
رصاصهم؛ لأنه غادر وتسبب بقتل وإصابة العديد من المزارعين؛ ولكن ذلك لا يمنعنا من مواصلة
العمل فنحن ماضون في إحياء هذه الأرض وزراعتها مهما كانت التضحيات".
ويعمل سمور في قطعة أرض على مساحة 10 دونمات استأجرها
من أحد المالكين ويزرعها بالسبانخ الذي يسوقه في الأسواق المحلية.
17 % من الأراضي مقيدة الوصول
ووفق تقديرات "المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان"
فإن قوات الاحتلال تفرض منطقة عازلة بعمق يتراوح بين (300 – 2000) متر شرق القطاع بما
يشكل 17 % من مساحة قطاع غزة
وبحسب ذات المؤشرات الإحصائية فإن نحو 27 ألف
دونم من الأراضي التي تمثل 35% من مساحة الأراضي الزراعية في القطاع ، يمكن الوصول
لها فقط تحت مخاطر كبيرة، حيث من الممكن أن تسفر اعتداءات قوات الاحتلال عن شهداء أو
جرحى في صفوف المواطنين.
ساعدونا لنعزز صمودنا
ويقول المزارع عبد الرحمن العمور (55 عاماً) الذي
يملك قطعة أرض مساحتها 15 دونماً شرق الفخاري، إن خسائرهم جراء اعتداءات قوات الاحتلال
كبيرة، مشدداً على ضرورة أن يكون يوم الأرض مناسبة لتعزيز صمود المزارعين ودعمهم وتعويضهم
كي يتمكنوا من الاستمرار.
وأشار إلى مساحات كبيرة من الأراضي الخالية على
امتداد السياج الأمني، قائلاً:" العديد من المزارعين اضطروا لهجر أراضيهم بسبب
تجريفها أو تعرضهم لإطلاق نار لدى محاولتهم الوصول إليها، وكذلك لعدم وجود تعويض فعلي
ومناسب حال وقوع خسائر".
وعبر عن أسفه أن الكثير من المسؤولين يتحدثون
عن الأرض والصمود ولكن لا يوجد ترجمة لذلك لتعزيز صمود المزارع وتمكينه من الثبات في
أرضه وتحدي سياسات الاحتلال.
وفيما يصر غالبية المزارعين على فلاحة أرضهم وإعمارها
وإفشال مخططات الاحتلال الرامية لتجفيفها؛ فإنهم في نفس الوقت ينشدون مساعدتهم وتعزيز
قدرتهم على الصمود والتحدي وإعمار الأرض.
المصدر: المركز الفلسطيني للإعلام