القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الجمعة 10 كانون الثاني 2025

مسيرات العودة إلى حدود فلسطين أبرز المشاهد 2011 … عام "حــق العودة" على أنغـام "الربيع العربي"

مسيرات العودة إلى حدود فلسطين أبرز المشاهد 2011 … عام "حــق العودة" على أنغـام "الربيع العربي"

العودة / غزة

لم يكـن عام 2011 عاماً عادياً بالنسبة إلى اللاجئين الفلسطينيين؛ فقد كان بتأكيد مراقبين ومختصين بشؤون اللاجئين عاماً مميزاً انسجم مع عام الربيع العربي وثورات الشعوب. فعلى غير العادة، وبعيداً عن لغة الصمت، شهد عام 2011 فاعليات شعبية عربية واسـعة جاءت من العديد من الدول العربية لتنطلق نحو الحدود مع فلسطين.

وقـد انطلقت الفاعليات الواسعة في 2011/5/15 في ذكرى النكبة الثالثة والستين للشعب الفلسطيني وتهجيـره قسراً من أرضـه وطرده إلى منافي الشتات وخيام اللجوء، وقام اللاجئـون بالزحف تجاه فلسطين لرفع أصواتهم عالياً، مطالبين بحق العـودة رغم تنكيل الاحتلال بهم وإطلاق النار صـوبهم ليسقط عشرات الشهداء والجرحى.

وقد شكّل هذا الحدث علامة فارقة في تاريخ فاعليات حق العودة التي لم تكن تحظى بأي اهتمام عربي، ولو على شكل بيانات تطالب بعودة اللاجئين إلى قراهم ومدنهم المهجرة.

وفي حديث خاص مع عضو اللجنة التحضيرية لمسيرة العودة "أحمد أبو رتيمة"، قال إن مسيرات العودة كانت بمثابة الحدث التاريخي الذي يستحق التقدير والتأريخ والذكرى، مشيراً إلى أن تلك الفاعليات بينت بنحو ملموس مدى التطور في فكر الشعوب العربية وأضاف: "واليوم مع ما نشهده من تغيير في الأنظمة العربية وثورات تعيد للقضية الفلسطينية بريقها، فإنّنا أمام واقع جديد ستشهده الأعوام القليلة المقبلة، وبالتأكيد سيعلو صوت الشعوب التي ستطالب بالعودة".

الشعب يريد أن يعود

وقـد شكّل حق "العودة" هماً لطالما شغل بال اللاجئين الفلسطينيين على مدار 63 عاماً، في كل مرة كانوا يجددون العهد على التمسك به. وطوال سنوات اللجوء والشتات كانوا، في جميع أماكن وجودهم، مواظبين على تلقين أبنائهم وأحفادهم حبّ فلسطين والتمسك بالعودة إليها.

وقال أبو رتيمة إن مسيرات العودة من أهم الأحداث التي شهدها ملف "اللاجئين" في عام 2011، وأوضح أن تلك المسيرات جاءت لتقول للعالم إن ملايين المشردين يريدون العودة إلى بيوتهم وأراضيهم وإنها تأتي لرفع صوت اللاجئ الفلسطيني عالياً، وتابع: "مسيرة العودة هذه كنا نتمنى أن تكون في سائر الأعوام الماضية، لكن الآن في عصر ثورات الشعوب وانتفاضة الإرادات صار الوسط والمناخ مناسباً للتحرك في هذا الاتجاه

وشدد على أن التغيير الذي تشهده المنطقة العربية أوجد في الأمة روحاً غير مسبوقة من الثقة في النفس والتحلي بالعزيمة، ومن هنا قررت مجموعات من الشباب الفلسطيني استلهام الثورات الشبابية عبر دعوات أطلقتها على مواقع التواصل الاجتماعي والمنتديات الحوارية لمسيرات ضخمة وحاشدة في 15 أيار المقبل لنطالب بحق العودة، هذا الحق الذي كفله القانون الدولي وكافة قرارات الأمم المتحدة.

وأشار إلى أن المسيرات بصغارها وكبارها أرادت أن تثبت للاحتلال أن نظرية "الكبار يموتون والصغار ينسون" لم يعد لها أي قيمة؛ فالصغار الآن يقودون ثورات التغيير وثورات صناعة التاريخ، وأن هذا الشباب الذي خرج من كل شارع وزقاق يريد حقه وإعلاء صوته بأعلى درجة ممكن أنه صاحب حق وصاحب قضية عادلة، وأن مسيرات العودة ستكون بمثابة رسالة التحذير للاحتلال بأن هذا الجيل يريد حقه المسلوب، وأنه شباب لم يعد يرتقب الحدث، بل يريد صناعته.

من كل مكان خرجوا

وقال إن مسيرات العودة حققت نجاحات هائلة؛ فهي عملت على إحياء أهم قضية في تاريخ الشعب الفلسطيني، وهذه القضية العادلة التي يجتمع حولها كل فلسطيني مهما كان اسمه ولونه.

وفي 2011/5/15 تحرك عشرات آلاف الفلسطينيين، من قطاع غزة ومصر والأردن وسوريا ولبنان، في مسيرات شعبية سلمية نحو الحدود مع فلسطين المحتلة عام 1948، ورددوا جميعاً شعاراً واحداً قالوا فيه: الشعب يريد العودة إلى فلسطين.

وبعد 63 عاماً من اللجوء، تحركت جموع كبيرة من الفلسطينيين نحو الحدود لتأكيد حق الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم. ولم تكن الطريق نحو فلسطين ممهدة، بل كانت محفوفة بالتهديد والوعيد الإسرائيلي، وقد أحصت التقارير الطبية الفلسطينية نحو15 شهيداً وأكثر من 572 جريحاً.

وحظيت المسيرات بدعم جماهيري عريض من مختلف دول العالم؛ فقد تحركت مسيرات في كل من دول المغرب العربي، مثل تونس وموريتانيا، ومن دول العالم الإسلامي مثل تركيا وإيران، ومن الدول الغربية مثل المملكة المتحدة وغيرها.

وقد تمكنت مسيرات لبنان وسوريا من الوصول إلى الشريط الحدودي مع فلسطين، وتمكن عدد من المشاركين من ملامسة الشريط، بل استطاع العديد من الأفراد تجاوزه لأمتار، سوى رجلٍ واحدٍ تمكن من الوصول إلى يافا مدينة أبويه. بينما غيّرت مسيرات مصر وجهتها، بعد "مناشدة" الحكومة المنظمين مراعاة "الأوضاع الخاصة التي تمر بها البلاد"، وجرى التوجه نحو السفارة الإسرائيلية. ولم تستكمل المسيرات في الأردن، هي الأخرى، خط سيرها، بسبب منع الأجهزة الأمنية لها وتوجهت أعداد من المشاركين للاعتصام أمام السفارة الإسرائيلية في عمان.

وقد تحركت مسيرات الضفة الغربية في مختلف المدن والبلدات، وجرت مواجهات دامية مع قوات الاحتلال الإسرائيلي في أكثر من موقع، وخصوصاً عند معبر قلنديا.

وعلى الحدود الشرقية لقطاع غزة، تعرضت حشود المتجمهرين لقصف مدفعي إسرائيلي وبالأسلحة الرشاشة، ما أدى إلى وقوع العديد من الشهداء والجرحى.

الكبار يموتون والصغار لا ينسون

وبالتزامن مع مسيرات العودة، شهدت مدن الضفة الغربية حراكاً كبيراً في المطالبة بحق العودة إلى جانب تنظيم العديد من المؤتمرات والفاعليات المطالبة بحق العودة.

وقد أعدّ المركز الفلسطيني لمصادر حقوق المواطنة واللاجئين «بديل»، وهو (مؤسسة أهلية فلسطينية) العديد من الدراسات والندوات عن قضايا اللاجئين الفلسطينيين والتعريف بحقوقهم المشروعة والثابتة.

وفي غزة والضفة رسمت العديد من المؤسسات والجمعيات المهتمة بشؤون اللاجئين وقضاياهم جداريات عند مداخل المخيمات الفلسطينية ومخارجها، تؤكد حق عودة الشعب الفلسطيني إلى أراضيه.

وحملت الجداريات العديد من الشعارات المؤكدة لحقوق الشعب الفلسطيني في العودة إلى أراضيه التي هُجّر منها عام 48 وحقه الكامل في تقريره مصيره، حيث كان أبرزها "من جاء أخيراً فليرحل أولاً" و"63 عاماً من الاحتلال والتشريد والتطهير العرقي... كفى".

وأكد القائمون على تلك الفاعليات أن رسم الجداريات يسهم كثيراً في تدعيم المفاهيم الوطنية وفي التأكيد أن حق العودة لا يسقط بالتقادم، وأن الشعارات والرسوم تحث الأجيال القادمة على التمسك بالثوابت الوطنية وعدم التفريط بحقوقهم الأساسية.

وفي حديث خاص مع الباحث والخبير في قضايا اللاجئين الدكتور "عصام عدوان"، أكدّ أن مسيرات العودة هي من ميزات التضامن والتفاعل مع قضية اللاجئين في عام 2011 وأضاف: "العام الماضي شهد حدثاً تاريخياً استطاعت خلاله الشعوب إيصال رسالة قوية لصناع القرار بأنه ما من أحد يملك حق التنازل عن حق العودة".

وأشار إلى أن هذا الحدث المهم يجب أن يتكرر سنوياً، وأن يُستفاد من انتفاضة الشعوب العربية لدعم قضية اللاجئين وأن تُوسَّع فاعليات دعم حق العودة في دول الشتات وفي كل أماكن وجود اللاجئين، سواء في الدول العربية أو الغربية.

ودعا عدوان إلى تفعيل أكبر لقضية اللاجئين، وأضاف: "للأسف، الفاعليات خجولة إن استثنينا مسيرات العودة؛ فقضية اللاجئين ومؤتمرات تعقد هنا وهناك، وفاعليات تنادي بحق العودة، يجب الاهتمام بقضية اللاجئين بكافة تفاصيلها إعلامياً وسياسياً، وعلى كافة الصعد والمجالات".

المصدر: مجلة العودة