القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي

مصـر بيـن الداعم الإنســاني والوسـيط الأمنـي.. «سـباق مـع الزمـن» لوقـف العـدوان خـلال 24 سـاعـة

مصـر بيـن الداعم الإنســاني والوسـيط الأمنـي.. «سـباق مـع الزمـن» لوقـف العـدوان خـلال 24 سـاعـة


السبت، 17 تشرين الثاني، 2012

"اسرائيل" ومصر مرة أخرى في مفترق طرق مهم. مصر للمرة الأولى في تاريخها تلعب من ناحية دور الداعم السياسي والإنساني للفلسطينيين في غزة، ومن ناحية أخرى تلعب دور الوساطة الأمنية من أجل تحقيق التهدئة. ويبدو أن إسرائيل في مأزق من نوع جديد: تريد وساطة مصر وتتخوف من وقوفها إلى جانب الفلسطينيين عموماً وحكومة حماس خصوصاً. وهي لا تستطيع أن ترفض الثانية علناً وتطلب الأولى سراً.

وبالرغم من أن العلاقات الإسرائيلية المصرية لها أوجه مختلفة استراتيجية واقتصادية وسياسية، فإن البعد الفلسطيني كان على الدوام مركزياً. وقد بدأت العلاقة الرسمية المصرية الإسرائيلية بتراجع مصر عن دورها الملتزم بالقضية الفلسطينية وبلغت في نهايتها دور التحالف ضد حكومة حماس. وبسقوط نظام الرئيس السابق حسني مبارك انتهى التحالف وبدأت رحلة العودة للالتزام بالقضية الفلسطينية. وإسرائيل لا تريد حث هذه العودة وتسريعها وتستغل في هذا السياق الاتفاقيات المبرمة من جهة والعلاقات المصرية الأميركية من جهة ثانية.

وتقريباً فإن بين الأمور القليلة التي بقيت من المرحلة السابقة في العلاقات دور الوساطة مع فصائل المقاومة في قطاع غزة. ومرارا كانت الفصائل تشعر أنها مضطرة للتعامل مع المطالب المصرية للتهدئة بنوع من عدم الرضى. وقد تغير ذلك عندما سقط نظام مبارك، وأصبحت العلاقة حتى مع المخابرات المصرية التي تدير ملف الوساطة أكثر راحة. وربما أن هذا ما يزيد الصورة تعقيداً في كل ما يحدث بشأن الوساطة.

ومن الواضح أن إسرائيل حاولت أن ترتب مع مصر تهدئة قبل أن تبدأ فجأة حربها على غزة باغتيال الشهيد الجعبري. ومع ذلك ولاعتبارات دولية وإقليمية عادت مصر لتناقش التهدئة، خصوصاً مع حركة حماس ثم مع حركة الجهاد الإسلامي. ومن الجائز أن الوسطاء لم يرتاحوا لأداء حركة حماس، خصوصاً أن العلاقات المصرية الإسرائيلية باتت تقف على مفترق خطير بسبب الوضع في القطاع. قدم الوسطاء المصريون عروضا للتهدئة.

كان الرد الأولي هو أنه لا يمكن القبول بالتهدئة والدم لم يجف بعد. وباختصار فإن حماس أرادت هامشا معينا للتنفيس عن غضبها، خصوصاً أن اغتيال الجعبري وشن الحرب كان يهدف رسمياً إلى «ترميم قدرة الردع». وبالتالي عدم الرد المناسب من جانب حماس والمقاومة يعني نجاح الاحتلال وتكريسه قواعد لعب جديدة. ولكن بعد إطلاق الصواريخ على تل أبيب والقدس صار بالوسع اعتبار أنه مثلما تجاوزت إسرائيل خطوطاً حمراء تخطت المقاومة خطوطاً أشد احمرارا. فقصف تل أبيب والقدس ليس بالأمر الذي كان يمكن تقبله إسرائيلياً. ومجرد حدوثه مرة من دون أن يدفع الفلسطينيون ثمناً باهظاً يعني أنه بالوسع فعلها أكثر في المرات المقبلة.

وبرغم ذلك طرح الوسطاء أفكاراً من قبيل الابتعاد عن ضرب تل أبيب مقابل ابتعاد إسرائيل عن مهاجمة غزة براً. ولم يكن هذا مقبولا قبل أن تضرب تل أبيب. ولكن الحال بعد تل أبيب مختلف. وقد علمت «السفير» أنه إضافة لوفد أمني مصري وصل القطاع بصحبة الوفد الوزاري، دعت المخابرات المصرية قيادات فلسطينية لزيارة القاهرة على عجل لترتيب هدنة جديدة.

وعلمت «السفير» أيضاً أن هناك مساعي حثيثة من جانب القيادة المصرية لوقف إطلاق نار خلال الساعات الأربع والعشرين المقبلة. وجاء في الرسالة المصرية إلى فصائل المقاومة الفلسطينية أن الرئيس محمد مرسي يبذل الجهد الأقصى ويسابق الزمان لوقف العدوان. وهو يتصل بجميع الجهات للتوصل إلى وقف لإطلاق النار.

صحيح أن الفصائل الفلسطينية صارت تشترط نقاطا محددة وملزمة في اتفاق وقف النار ولا تريد الاكتفاء بالتفاهمات الشفوية. ولكن الصحيح أيضا أن هذه الفصائل تعرف أن موازين القوى ليست تماماً في مصلحتها، ولذلك فإنها تناور من أجل تحسين شروط وقف النار. وهذا أيضاً ما سعت إسرائيل لتحقيقه من الحرب: تحسين قدرات إسرائيل الردعية.

عموماً يدور الآن بين القاهرة وتل أبيب سباق بين نجاح الوساطة المصرية في منع التصعيد وترتيب وقف النار، وبين حشد القوات الإسرائيلية والاضطرار لتوسيع الحرب ونقلها من مستوى جوي وبحري إلى هجوم بري. وواضح أن مصر الرسمية الجديدة ليست في حالة اضطرار لدخول معركة في غير أوانها، ولذلك فإنها معنية بوقف النار. كما أن حماس تدرك أنها لا تستطيع خوض معركة مفتوحة وتريد وقفا مشرفا للنار. والتي أخطأت في الحسابات ليست في وارد الاندفاع بطريقة «الكفر عناد» نحو الإصرار على الحرب في ظل واقع غامض.

المصدر: السفير