مصادر عسكرية إسرائيلية
في تل أبيب: الجيش الإسرائيلي يستعد لتنفيذ عملية واسعة ضدّ قطاع غزة
الناصرة ـ زهير أندراوس: على الرغم من التوتر الحاصل
بين سورية وإسرائيل على الحدود الشمالية وتوجس إسرائيل من اندلاع حرب إقليمية في المنطقة
بسبب الهجوم الإسرائيلي على العاصمة السورية، دمشق، نقل موقع (WALLA)
عن مسؤولين عسكريين إسرائيليين، وصفهم بأهم
رفيعي المستوى قولهم إن جيش الاحتلال الإسرائيلي يستعد لتنفيذ عملية عسكرية قاسية جدًا
ضد قطاع غزة، تهدف لاجتثاث المنظمات الفلسطينية في غزة، وتحديدًا حركة المقاومة الإسلامية
(حماس) وقياداتها في القطاع، على حد تعبير المصادر.
وزاد الموقع الإسرائيلي قائلاً في تقرير له اعتمادا
على محافل عسكرية مختلفة، أن قيادة جيش الاحتلال تعلم أن التهدئة في المناطق الجنوبية
هشة، ولهذا بدأت بالتحضير لسيناريو عملية أخرى في غزة على غرار عملية (السور الواقي)
في الضفة الغربية عام 2002 للقضاء على ما أسماه الموقع الإرهاب من جذوره، مشددًا على
أن السيناريو الذي تم إعداده لن يعتمد فقط على سيناريو عملية (عامود السحاب) الأخيرة،
حسب قوله.
وساق مُعد التقرير، الصحافي أمير بوحبوط، المختص بالشؤون
العسكرية قائلاً في تقريره نقلا عن ضباط عسكريين إسرائيليين قولهم إن الجيش يريد تنفيذ
عملية هي الأولى من نوعها ونقل رسالة واضحة لمرة واحدة وللأبد، بأن الدولة العبرية
لن تقبل باستمرار إطلاق الصواريخ عليها، ونشاطها العسكري القادم هو بالدخول لأراضي
قطاع غزة وجعل قادة حماس يدفعون ثمنا باهظا والقضاء عليهم، على حد قوله. وزاد قائلاً
إن دولة الاحتلال مصممة على الدخول في عملية جراحية ـ عسكرية داخل الأرض للقضاء على
حماس وتعطيل القدرات الإستراتيجية والتكتيكية لها مع مرور الوقت على العملية، والجيش
الإسرائيلي سيلجأ لاستخدام قوة نارية أكبر من تلك التي استخدمها في عملية عامود السحاب
لعدم تمكين الجانب الآخر من معرفة تحركات الجيش الإسرائيلي، على حد تعبيره.
وأشار الموقع في سياق تقريره إلى أن العملية العسكرية
ستكون الأكثر قوة وشدة من سابقاتها لتحقيق قوة الردع الطويل وإعادة الهدوء لسكان جنوب
إسرائيل وللأبد، حيث ستكون هزة قوية لحماس، موضحا ان القيادة العسكرية في جيش الاحتلال
ناقشت أيضًا الانجازات الضرورية التي ممكن أن توقف أي عملية من هذا القبيل، لكن جميع
الأحداث التي سبقت عملية عامود السحاب أكدت أن حماس على الرغم من محاولاتها لضبط الأوضاع
وإعادة الهدوء كانت تشارك في العمليات العسكرية، وبعد 24 ساعة من الهجوم طلبت حماس
وقف إطلاق النار.
وقد عادت حماس الآن للمحافظة على الهدوء والبقاء على
الحياد ولكن بمجرد تفجر الأوضاع ستعود الأمور إلى ما بقت عليه. علاوة على ذلك، أشار
الصحافي بوحبوط إلى الجهود المصرية في منع تهريب الأسلحة من ليبيا إلى سيناء ومنها
إلى غزة والنفوذ القطري والتركي في المنطقة، والضغط على إسرائيل وحماس، لافتاً إلى
أن كل ذلك لا يمكنه وقف عملية عسكرية إن لزم الأمر، على حد قوله.
كما جاء في التقرير الإسرائيلي أن حماس لم تقُم بتغيير
نظرتها للمقاومة ضد الدولة العبرية، لكنها ببساطة تعيش حالة معقدة جدًا، فهي بحاجة
لتوطيد حكمها بغزة والسيطرة على منظمة التحرير الفلسطينية والضفة الغربية كأهداف إستراتيجية
لها، رغم تذمر سكان غزة من الحالة الاقتصادية إلا أن حماس نجحت بضبط الشوارع من الجرائم
وبدأت المحاكم تأخذ مكانها أكثر من أي وقت مضى.
وخلص الصحافي الإسرائيلي في ختام تقريره إلى القول
إن حركة الجهاد الإسلامي ما زالت تحاول فرض وجودها على حماس وتصبح قوة تهدد إسرائيل،
بالإضافة للمجموعات التي تتبع للجهاد العالمي القابعين في جنوب قطاع غزة ويشكلون خلايا
نائمة فيها وفي سيناء، على حد قول المصادر العسكرية الإسرائيلية التي تحدثت للموقع.
في السياق ذاته، أكد الخبير العسكري الإسرائيلي بوحبوط،
أن الجيش الإسرائيلي ليس راغباً برؤية تقرير (غولدستون2)، لهذا شرع مؤخراً بالتدريب
على تنفيذ عملية (عامود السحاب2)، معتبراً أنها ستكون عملية جراحية دقيقة تتضمن مناورة
برية هامة ذات مغزى، تهدف لفصل حماس وبقية المنظمات عن قدراتها الإستراتيجية، وتشويش
القدرات التكتيكية للحركة لفترة طويلة.
وأشار إلى أن إطلاق النار في هذه العملية سيختلف عما
جرى في الحرب السابقة، وستعتمد على نظرية ‘الحرب المستقبلية’، بما يتيح للطرف الآخر
فهم ودراسة الخطوات التي سينفذها الجيش الإسرائيلي، بالإضافة إلى دراسة الأهداف الواجب
تحقيقها، وتؤدي لوقف إطلاق الصواريخ، لافتاً إلى أن الحرب الأخيرة أمكن وقفها في مرحلة
سبقت بكثير تاريخ انتهائها، حين طلبت حماس وقفها بعد 24 ساعة من بدايتها.
في السياق ذاته، نشر موقع الجيش الإسرائيلي على الإنترنت
أن أوساطًا عسكرية إسرائيلية أكدت أن قادة جيش الاحتلال يدركون مدى هشاشة الوضع القائم
على حدود قطاع غزة، لذلك شرعوا بالتدريبات المتعلقة بسيناريو عملية جديدة تستهدف القطاع،
وتنقل للفلسطينيين رسالة واضحة جداً، مرة وإلى الأبد على غرار عملية (السور الواقي)
في الضفة الغربية، متسائلةً هل تتحول قطرات الصواريخ المنطلقة من غزة إلى سيل جارف
ينتهي بعملية عسكرية واسعة السور الواقي 2؟.
من جانبها، زعمت محافل أمنية استخبارية بتل أبيب، أن
حماس حالياً تبذل جهوداً، وتحاول وقف إطلاق الصواريخ، بل وقف التظاهرات قرب الجدار
الأمني المحيط بالقطاع، معتبرةً أنه إذا عاد الوضع الأمني لما كان عليه قبل الحرب،
فسينفذ الجيش الإسرائيلي عملية تؤدي لتحريك حماس والمنظمات الأخرى، وتخلق واقعاً جديداً
ومختلفا بشكل تام وقاطع، لافتةً إلى أن عملية الاغتيال الأخيرة التي نفذتها إشارة على
استعداد إسرائيل وجاهزيتها لتتعامل مع كل التطورات، رغم تركيزها على ما يجري في سورية
وحزب الله.
من ناحيته، اعتبر ضابط كبير في قيادة المنطقة الجنوبية،
أن المدلولات السياسية للحرب القادمة على غزة، تتعلق برغبة الرئيس المصري محمد مرسي
إظهار قدرات قيادته في إدارة الحوار الدائر بين إسرائيل وحماس، وإلا فهو يعلم أن قوى
إقليمية أخرى سيسرها تعبئة الفراغ مثل تركيا وقطر، الساعيتين دوماً والسعيدتين بفرصة
توسيع دائرة تأثيرهم الإقليمي، زاعماً أن الأمن المصري نجح بوقف وإغلاق مسار تهريب
الأسلحة الليبية إلى غزة عبر صحراء سيناء، ويوجد حالة واقعية من تجفيف مصادر الأسلحة
وتهريبها لغزة، لكن لا يمكن توقع استمرار هذا الوضع لفترة طويلة.
القدس العربي، لندن، 13/5/2013