مواطنة الشرف الفلسطينية لطبيب نروجي
لدوره في تضميد جراح سكان غزة

منح رئيس دولة فلسطين محمود عباس،
امس، الطبيب النروحي مادس فريدرك غلبرت، مواطنة الشرف الفلسطينية، تقديرا لجهوده
الإنسانية تجاه الشعب الفلسطيني، وخاصة في قطاع غزة.
وقال الرئيس محمود عباس في رسالة
التكريم إلى الطبيب غلبرت، سلمه إياها هادي شبلي نائب سفيرة فلسطين لدى الاتحاد
الأوروبي: «يطيب لي أن أتقدم إليكم بالشكر باسم الشعب الفلسطيني وباسمي شخصيا، على
جهودكم الإنسانية وخدماتكم الطبية وتفانيكم في علاج المئات من أبناء شعبنا
الفلسطيني، بخاصة في قطاع غزة«.
وأضاف عباس: «سيظل شعبنا الفلسطيني
يذكر لكم مواقفكم وعملكم في مستشفيات قطاع غزة، وهي تتعرض للعدوان والقصف
والتدمير، لقد أظهرتم جلدا وصبرا ومهارة مهنية عالية، وكنتم قدوة للآخرين، وكسبتم
محبة أهلنا في غزة، بل والشعب الفلسطيني كله، وأنتم تستحقون أعلى تكريم منا، لذلك
قررنا منحكم مواطنة شرف فلسطينية تقديرا وتكريما لمواقفكم النبيلة«.
وأوضح أن «ما تقوم به إسرائيل من
عدوان على شعبنا لن يمر دون حساب، لكننا نعمل الآن على وقف إطلاق النار وإنهاء
الحصار على قطاع غزة، وتحقيق مطالب شعبنا، والإسراع بتقديم المساعدات الإنسانية،
وقد اتفقنا مع حكومة النرويج أن يتم عقد مؤتمر للمانحين لإعادة إعمار قطاع غزة في
مطلع شهر أيلول المقبل، فلقد كانت حكومات النرويج المتعاقبة وشعب النرويج نعم
الصديق لشعبنا في جميع مراحل نضاله«.
وأكد عباس «الاستمرار في العمل من
أجل انتزاع حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، وجلاء الاحتلال عن أرضنا وقيام دولتنا
الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية«.
وقال غلبرت في كلمة له في جمعية
الأطباء الفلسطينيين في أوروبا، «إن رسالتي التي أوجهها للعالم كطبيب أن ما يجري
في غزة من حرب شاملة وضد الشعب الفلسطيني متواصلة، وإن 25% من الشهداء والجرحى هم
من الأطفال«.
وعرض صورا للأطفال الفلسطينيين
المصابين جراء جرائم الاحتلال في قطاع غزة، وقال إنه «تم قصف المدنيين صباح هذا
اليوم (أمس)، في مدرسة بجباليا، في مأوى تابع للأمم المتحدة«.
وأكد أن «قتل الأطفال خرق للقانون
الدولي الإنساني، لأن هؤلاء الناس هم بلا مأوى وهم في مكان للأمم المتحدة وقصفوا
وقتلوا، وهذا بات مشهدا متكررا للهجمات الإسرائيلية ضد المدنيين. وتحدث عن معاناة
الكوادر الطبية المتواصلة في قطاع غزة، وعن نقص المستلزمات الطبية الأساسية«.
وقال «إن المسعفين والكوادر الطبية
يعملون رغم معاناتهم الشخصية ورغم قصف منازلهم وإصابة عائلاتهم، ولا يوجد في قطاع
غزة سوى عدد محدود من المستشفيات، وهي غير قادرة على استيعاب أعداد المصابين
المتواصل والكبير جدا مقارنة بقدرة هذه المستشفيات«.
وأضاف أن «90% من الذين يصلون إلى
المستشفيات هم من الرجال والأطفال والنساء ولم نشاهد كثيرا من المقاتلين، ورغم ذلك
تقصف المستشفيات، مثل: شهداء الأقصى ومحمد الدرة وغيرها التي استهدفها الاحتلال
الإسرائيلي«.
وأشار أن «20% من سعة المستشفيات في
غزة قد تضررت بالكامل بفعل القصف المتواصل على المستشفيات، مشيرا إلى الأعداد الكبيرة
من الشهداء والجرحى في غزة«.
وبين أن «السكان المدنيين العاديين
المرضى الذين لم يتضرروا من الحرب لم يجدوا مرفقا صحيا يذهبون إليه في الوقت
الحالي«.
وتساءل «ماذا كان سيقول العالم لو أن
المقاتلين الفلسطينيين قتلوا أكثر من 200 طفل إسرائيلي وجرحوا ألفا؟»، وقال:
«بالتأكيد تعرفون الجواب وهذا شكل واضح للتمييز العنصري«.
وأضاف أن «ما يجري في غزة يمكن أن
نتوقعه من «داعش« و«بوكو حرام« ولا يمكن أن نتوقعه من جيش يدّعي أنه من أكثر
الجيوش أخلاقية في العالم، فالمصابون الأطفال والنساء والشيوخ بالمئات«.
وخلال حفل التكريم قدّم سفير الجامعة
العربية الحبيب آدمي، هدية للطبيب النروجي، وهي عبارة عن مجسم للقدس.
والطبيب غلبرت هو واحد ممن يسارعون
الآن إلى إنقاذ ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة، ليس فلسطينيا ولا عربيا ولا
مسلما، فرغم أن غزة تكاد تُطبق على الغزيين فقد انتصر الطبيب والناشط النروجي على
هذا الحصار ودخل إلى غزة عبر معبر بيت حانون، بعد أن منعته السلطات المصرية من
الدخول عبر معبر رفح.
وغلبرت الذي ولد عام 1947 الآن لا
يُغادر أكبر مستشفيات غزة «الشفاء«، فحتى عندما يذهب بعض الأطباء الفلسطينيين لأخذ
قسط من الراحة يجد هو بعض الوقت ليسأل عن غزة وأهلها وأحوالها وأحوالهم. هذا ما
قاله عنه أصدقاؤه الأطباء الفلسطينيون.
ويعتبر غلبرت الذي يرأس قسم طب
الطوارئ في مستشفى جامعة شمال النروج، بمثابة كنز كبير للقطاع الصحي الفلسطيني
الذي يعاني الويلات بسبب الحصار، فخبراته الدولية الواسعة تساعده أن ينقذ العديد
من الجرحى الفلسطينيين، خاصة أنها ليست تجربته الأولى مع آلة الحرب الإسرائيلية
المحرمة دوليا، فقد وصل إلى غزة أول مرة لدعم الجهود الإنسانية في مستشفى الشفاء
خلال الحرب الإسرائيلية على القطاع 2008 ـ 2009. وقال غلبرت وهو يمارس عمله في
مستشفى الشفاء: «ما حصل كأني انتقلت من عالم له ألوان وناس يتمتعون بالحرية
والسلام، إلى عالم غزة حيث تنعدم الحياة والسلام والأمان«.
وأضاف: «زيارتي إلى غزة هذه المرة
مختلفة جدًا، فهي بكاملها هدف عسكري للطائرات الإسرائيلية ولا مكان آمن فيها، تسمع
غارات القصف في كل مكان، وترى الخوف والقلق على كل وجوه الناس والأطفال«.
بسبب هذا الموقف الإنساني، يتعرض
غلبرت لهجمة بين الفينة والأخرى من وسائل الإعلام الغربية الموالية للوبي الضغظ
الصهيوني، حيث تصفه بأنه يمارس نوعا من الدعاية الحزبية.
كما هاجم موقع شبكة «فوكس« للأخبار
في تقرير في 9 شباط 2009 غلبرت، وعرّفه التقرير بأنه طبيب نروجي شهير، وأنه الآن
يقوم بمعالجة المرضى في غزة، وهو متهم بممارسة دعاية قوية من خلال تصريحاته لوسائل
الإعلام التي تجري مقابلات معه حول الاحتلال.
وفا