والدة أصغر أسير فلسطيني... ذكريات الولادة خلف القضبان
غزة-المركز الفلسطيني للإعلام
اختارت اسمه على اسم نبي الله السجين يوسف الصديق، قبل 6 سنوات كاملات وضعت مولدها وهي مكبلة بأغلال القيد وأغلال الحقد الصهيوني، ليُسطر اسمه في سجلات التاريخ كأصغر سجين تضمه قضبان الأسر في سجون الاحتلال.
قبل ستة أعوام في سجن "هشارون" أبصر الأسير يوسف الزّق نور الحياة وظلمات القهر وصلف السجان، وهو ابن الأسيرة المحررة فاطمة الزق.
أمضى وهو الطفل الرضيع عامًا وتسعة أشهر برفقة والدته داخل السجن الذي ولد فيه عام 2008، اعتقدت والدته أنّه سيرافقها كامل رحلة القيد التي حكمت بها وهي 12 عاما، غير أن كتائب القسام كان لها قول آخر، فأنهت معاناتها وطفلها في الجزء الأول من صفقة "وفاء الأحرار" حين أجبر المحتل على إطلاق سراح الأسيرات مقابل شريط فيديو يظهر فيه الجندي جلعاد شاليط على قيد الحياة.
تسرد فاطمة معاناتها فترة ولادة يوسف فتقول "كانت ولادة صعبة، تلتف من حولي السجانات إلى جانب من تسمي نفسها طبيبة، وهي ضابطة مخابرات لا يفرقها عن الطبيبة سوى الرداء الأبيض".
وتتابع في حديثها لـ"المركز الفلسطيني للإعلام": "كانت الطبيبة تتلفظ بألفاظ نابية لي وتصرخ بوجهي وتقول بأنني إرهابية وسألد إرهابيا، تركتني ساعات طويلة تُقارب 4 ساعات، أعاني الألم والمخاض وكنت أنزف وبحاجة لمساعدة طبيبة".
وتجاوزت تلك الطبيبة الصهيونية كل الحدود حين تعدّت على الذات الإلهية بعد أن سمعت الأسيرة الزق تذكر الله وهي في عملية الولادة،"وقمت بالدعاء عليها رغم أنني بحاجة لمساعدتها، لكنني لم أنس الله فهو كان مؤنسي، ومن يرعاني في سجني وغربتي".
تتابع: "خرجت الطبيبة مسرعة إلى باب الغرفة وكأن الانتقام الإلهي قد أصابها فعمى الله عيونها وقلبها، ودخلت بالحائط بدلاً من أن تخرج من باب الغرفة، وارتدّت إلى سريري وهي تصرخ من قوة الضربة، وأخذت أكبّر وأقول لها هذا جزاؤك من الله".
وتوضح أنّه "بعد تلك الحادثة، أحضرت الطبيبة إبرة التخدير ومحلول الجلوكوز وساعدتني وتمت عملية الولادة بحمد الله، وبعد أن رأيت طفلي يوسف، أنار نور مكان الظلم الذي يُحيط بالسجن".
ولم تتوقف المعاناة هنا، حيث أصرت إدارة مصلحة السجون على تكبيلها بالقيود عقب الولادة مباشرة لمدة 3 أيام، مضيفةً: "كنت على سرير مستشفي مائير وقتها وجرحت قدماي من أثر القيود ونزفت دمائي منها، ولم يوافقوا على فك القيود إلى جانب أنها كانت مربوطة بالسرير،(..) كنت أستشعر أنني في ساحة حرب وليس بمشفى".
ولفتت إلى أنّ السجانات فتحن المكيف البارد في غرفة المشفى في ذلك الوقت، ومنعن عنها الغطاء الدافئ والملابس الثقيلة، وقالت إنها كانت تخشى على حياة طفلها من تلك الزنازين التي تملؤها الرطوبة والعفن والحرمان من أبسط الحقوق كباقي أطفال العالم.
وكانت الأسيرة الزق قد اعتقلت عام 2007 عندما كانت في طريقها للخروج من قطاع غزة إلى الضفة الغربية بتقرير طبي مزور، كي تحاول بعدها تنفيذ عملية فدائية داخل المناطق المحتلة عام 1948.