أوضاع
مأساوية وتشرد جديد لعائلات اللاجئين الفلسطينيين القادمين من سوريا
غزة:
ديما عايدية
فروا
للحياة بعد أن رأوا الموت بأعينهم ومن موت بقنابل النار والقصف المستمر إلى موت
بطيء يخطفهم في ظل انعدام أبسط مقومات الحياة والكرامة الإنسانية.
جاءوا
عائلات بعد أن عانوا الويلات في طريق الوصول إلى وطنهم الذي لطالما اشتاقوا للعودة
إليه، فبعد أن هجر أجدادهم منه.. هاهم يعودون إليه تحت مسمى "اللاجئين
الفلسطينيين من سوريا"، فمن لجوء إلى لجوء تتخطفهم الظروف والمحن والمجتمع
الدولي لا يحرك ساكناً تجاههم.
أوضاع
مأساوية، ظروف معيشية صعبة، ومطالبهم "حياة كريمة"، قلوبهم تئن من
الأوجاع وما أن طلبنا منهم الحديث حتى فضفضوا عن همومهم وكشفوا الستار عن دموعهم،
"نساء من أجل فلسطين" التقت بعدد من العائلات الفلسطينية والسورية
القادمة من سوريا وأعدت التقرير التالي:
تشرد
أم
محمد القادمة من مخيم اليرموك منذ شهر مايو قالت بنبرة حزينة:" تركت منزلي
بعد أن قصف وهدم وسرق أيضاً وجئت إلى أرضي ووطني فلم أجد لي مكان ألجأ إليه، إنني
أطلب مسكن يحتويني ويسترني أنا وعائلتي أبسط الحقوق توفير مسكن لنا، نحن كالمشردين
نتنقل بين البيوت التي تستقبلنا فكل أسبوع نسكن عند عائلة متعاطفة معنا أو عائلة
أخرى تحن علينا وتمد يد المساعدة لنا فإلى متى نبقى على هذا الحال؟! فنحن عبئ على
العائلات ولا يوجد عائلة تتحمل أن تستقبل خمس أفراد إضافيين على عدد أفرادها! فنحن
عائلات كبيرة أقل عدد فينا خمس أفراد أين ننام؟ أين نسكن؟ ومن ماذا نأكل؟"
وعن
الاستقبال الذي وجدته عائلتها لحظة قدومها إلى غزة قالت:" نتأمل أن نرجع إلى
بيوتنا فالحال هنا عكس ما كنا نتوقع الوضع هنا متأزم الحكومة أصلاً محاصرة وتعيش
أوضاع صعبة، والوضع صعب علينا أن نستمر كالعالة على المجتمع في غزة، صرنا نأمل
بالعودة حتى لو كان بيتنا ركام!".
عالة
على المجتمع
أ.محمد
أبو حبل قدم إلى غزة قبل عشرة شهور من مخيم اليرموك قال بلهجة غاضبة:" نحن
نطلب طلبات الإنسان الذي يحق له أن يعيش بكرامة وعزة، حقوق الإنسان من مسكن ومن
حياة معيشية بكرامة ومعاش دائم، هذه هي مطالبنا لم يهتم بنا أحد، والذي توفر عبارة
عن إعانات وقتية وليست دائمة لا تكفينا لمواجهة المدة الزمنية التي نحن نعيشها،
نطالب بتوفير سكن دائم ومعاش دائم وتأمين في المستشفيات والخدمات الطبية، أن
يعاملونا معاملة الإنسان فنحن عدنا على وطنا وأهلنا وأقاربنا فأنا عدت إلى منزل
شقيقتي فأنا أشعر الآن أني عالة عليهم وعبئ وحمل زائد عليهم فأنا أشعر بضغط نفسي
بأني أشكل عالة عليهم".
وعن
نوع المساعدات التي قدمت له قال:" المساعدات كانت عبارة عن مساعدة لمرة واحدة
750 شيكل لا تكفي شيء لي وزوجتي، والأونورا قدمت 950 شيكل ولم نراهم بعد
ذلك". وأضاف "الإنسان له حقوق في المسكن والمأكل والملبس، وهذه هي
مطالبنا، فكونوا صادقين معنا وعاملونا معاملة كريمة".
الموت
البطيء
أم
خالد لاجئة فلسطينية من طبريا قدمت من مخيم اليرموك في سورية تقول:" الكثير
من العائلات حاولت أن تعود لوطنها ولكن بعد أن وجدت وعلمت من أقاربها أن الوضع
مأساوي هربت إلى البحر ليبتلعها وتغرق بالكامل بأطفالها ونسائها وشيوخها كما حدث
في غرقى سفينة ليبيا الذين دفنوا كالمشردين في إيطاليا، أليس من الظلم أن يشرد
اللاجئ مرتين ثم يكون مصيره الموت البطيء أو الغرق؟!" وتكمل:" في تاريخ
1/1 وصلت لغزة استقبلنا أهل زوجي خير استقبال ولكن أصبحنا كالعالة على أقاربنا
فأنا جئت مع أبنائي وأزواجهن وأحفادي وزوجي عمره 60 عاماً فماذا سيعمل بعد هذا
العمر حتى يعيل أسرته؟، لو كنت أعلم أن الحالة سيئة إلى هذه الدرجة لفضلت الموت في
مخيم اليرموك تحت القصف المستمر على أن أشرد أنا وعائلتي هذا التشرد والإهمال من
كل الأطراف المعنية".
لجوء
جديد
العائلة
السورية الفلسطينية الأصل عائلة عبد الله عليان، عائلة تعود أصولها لأراضي 48 من
الناصرة، تشردت في المرة الأولى إلى مخيم اليرموك وهاهي الآن تعيش النكبة مرة أخرى
واللجوء مرة أخرى ولكن هذه المرة في جزء من الوطن، حيث عادت الزوجة ولاء عبود
وطفلها وزوجها إلى غزة ولتسكن في الزهراء وتدفع أجار مسكنها بما يتوفر من مساعدات،
تقول:" الأونروا لم توفر شيء سوى فراش نوم بسيط وأنا عندي طفل عمره 9 شهور،
يحتاج إلى مصاريف كثيرة، من أين لي أن أوفرها في هذه الظروف؟!" وتكمل:"
نحن نطالب بأبسط شيء مسكن، حياة كريمة وعمل لزوجي حتى يستطيع أن يعيلنا ويصرف
علينا".
وعن
حالهم في طريقهم إلى غزة قالت:" مكثنا ثلاثة أيام في طريق السفر من حاجز إلى
حاجز، ومعي طفلي الرضيع وحقائبي، ونقاط تفتيش وصعوبات كثيرة واجهناها خلال طريق
العودة، وانقطعت الأخبار عن أهلي في سوريا وعلمت بعدها عن استشهاد خمسة من أفراد
العائلة، ومن حرب ودمار إلى لجوء و تشرد في غزة، لم ينظر إلينا أحد!، ولم يهتم بنا
أحد!، أطالب بأبسط حق لي ولعائلتي الحياة الكريمة".
حلول
ومسؤوليات
أ.اعتماد
الطرشاوي مدير عام التنسيق القطاعي بوزارة التخطيط:" هؤلاء 260 أسرة فلسطينية
الأصل وسورية الأصل، منهم من لهم تقريباً سنتين في غزة، وهم عبارة عن أسر منكوبة
مهاجرة إلى غزة، واحتياجاتهم قائمة على رأسها توفير السكن، توفير المأكل والمصاريف
الأخرى، ووكالة الغوث هي الجهة المسئولة عن اللاجئين الفلسطينيين وهي التي يجب أن
توفر لهم السكن، توفير سلة غذائية وأي استفادة من برامجها يجب أن يستفيدوا منها
وبالتالي وكالة الغوث لم توفر كل ذلك، وليس هناك حجة في تقاعسها!، فوكالة الغوث
تتلقى معونات بملايين الدولارات من الدول في الخارج وفي النهاية لا توفر للاجئين
أي شيء!" وأكملت:" الحكومة في غزة قدمت بعض الأشياء منها برنامج فرص
التوظيف المؤقت، برنامج الحماية الاجتماعية من قبل الشؤون الاجتماعية، التأمين
الصحي لبعض الأسر، بعض الكفالات والرسوم الجامعية للطلاب، ويبقى الحمل الأكبر
والحكومة هنا محاصرة لا تستطيع تغطية كل الاحتياجات في ظل الظروف والحصار فيقع على
كاهل وكالة الغوث توفير السكن والحياة الكريمة لهؤلاء".
وأكد
أن على وكالة الغوث أن تتجاوب لمطالبهم وقالت:" لابد أن تجبر وكالة الغوث أن
تقوم بدورها وإلا فلترحل، والحكومة عليها تخصيص أراضي لتوفير السكن لهؤلاء الناس
فهم مارسوا العودة إلى جزء من الوطن لابد أن نساعدهم على أن يبقوا فيه لا أن
يمارسوا اللجوء والهجرة والتشرد مرة أخرى نساعدهم حتى يثبتوا في وطنهم عندما
تتظافر الجهود لإعانتهم".
المصدر:
نساء من اجل فلسطين