السبت، 29 كانون الثاني، 2022
دفعت العمليات الحربية والاشتباكات المسلحة
في سوريا منذ العام 2011 آلاف اللاجئين الفلسطينيين إلى النزوح مرة أخرى، إلى دول أخرى
ومنها لبنان.
ويتوزع اللاجئون الفلسطينيون من سوريا إلى
لبنان داخل المخيمات والتجمعات الفلسطينية والمدن اللبنانية بنسبة 50.64 في المئة داخل
المخيمات و 49.36 في المئة خارج المخيمات.
وأعلنت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل
اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» في بيروت، عن انخفاض أعداد النازحين الفلسطينيين من
سوريا في لبنان خلال السنوات القليلة الماضية إلى نحو 27.706 لاجئ ما يعادل 8450 عائلة.
وأشارت الأمم المتحدة في تقرير لها إلى
أن 89 في المئة من اللاجئين الفلسطينيين من سوريا في لبنان يعانون من العوز (وهم لا
يستطيعون تلبية احتياجاتهم الغذائية وغير الغذائية المحددة بمبلغ 6.84 دولارا أمريكيا/
للفرد الواحد في اليوم الواحد).
واتخذت وكالة «الأونروا» خلال الأشهر الماضية
قرارات بتخفيض مساعداتها المالية وخدماتها الانسانية للاجئين الفلسطينيين من سوريا
إلى لبنان، بسبب الأزمة المالية التي تتعرض لها الوكالة والتي أدت إلى تخفيض واضح بميزانيتها
المالية.
وأعلنت وكالة «الأونروا» أنها تسعى للحصول
على 1.6 مليار دولار من المجتمع الدولي لتغطية نفقات برامجها لمساعدة اللاجئين في العام
2022.
وقالت الوكالة في بيان لها «هذا التمويل
سوف يمكن الوكالة من تقديم الملايين من الخدمات والبرامج الحيوية الأساسية للحياة للاجئين
الفلسطينيين، بما في ذلك التعليم والصحة والمساعدة الغذائية».
وذكرت أن هذه الموازنة المقترحة تتضمن تمويلا
طارئا إضافيا «للتعامل مع الأزمات الناجمة عن الأوضاع في غزة والضفة الغربية ،بما فيها
القدس الشرقية، وسوريا ولبنان».
وأوضحت الوكالة في بيانها أن «المجتمع الدولي
يعترف بالدور المنقذ للحياة الذي تقوم به الأونروا والذي لا غنى عنه للمساهمة في الاستقرار
في الشرق الأوسط».
ويأتي اقتراح ميزانية عام 2022 في الوقت
الذي تواجه «الأونروا» عجزا مزمنا في التمويل يقوض جهودها لتقديم الدعم الإنساني والتنمية
البشرية لبعض اللاجئين الأكثر ضعفا في العالم، والذين تتزايد احتياجاتهم باستمرار.
وتعاني الوكالة من نقص في التمويل بشكل
سنوي مع تراجع عدة دول عن تقديم الدعم الكافي لها.
وطالبت منظمات حقوقية فلسطينية بتظافر جهود
الدول المانحة، والمجتمع الدولي، والدول المضيفة للاجئين، وجامعة الدول العربية، ومنظمة
التعاون الاسلامي، من أجل توفير كافة المبالغ المطلوبة للاستمرار في تقديم خدماتها
الى حين عودة اللاجئين الى بلادهم وفقا للقرارات الدولية ذات الصلة.
وقد أدى قرار تخفيض المساعدات المالية والخدمات
الإنسانية للاجئين الفلسطينيين من سوريا في لبنان إلى تحركات شعبية واسعة احتجاجاً
على إلغاء الوكالة معونة بدل الإيواء، ومطالبتها بخطط إغاثيّة شاملة، ومطالبتها بتقديم
واجباتها الإغاثيّة، في ظل أوضاع معيشيّة واقتصادية منهارة في لبنان.
المسؤول الإعلامي لوكالة «الأونروا» في
لبنان، فادي الطيّار، أعلن عن نية الوكالة، تقديم دفعة إضافية قدرها 150 دولارا أمريكيا
مرتين في السنّة لكلّ عائلة من عائلات اللاجئين الفلسطينيين من سوريا.
وأضاف الطيّار، أنّ «تلك المساعدة نقدية،
ستكون إضافة لمساعدة بقيمة 75 دولارا للشخص الواحد، سيتمّ دفعها لمرّة واحدة في شهر
شباط/ فبراير، يتبعها دفعة أخرى بقيمة 75 دولارا سيتمّ الإعلان عن موعد دفعها لاحقًا».
وأوضح الطيّار، أنّ «الأونروا» أدخلت تغييرات
على المساعدات المقدمة للاجئين الفلسطينيين من سوريا إلى لبنان، بسبب الصعوبات الماليّة
التي تواجهها، حيث استبدلت الوكالة المساعدة النقدية الشهرية متعددة الأغراض البالغة
100 دولار أمريكي لكلّ عائلة بدفعة شهرية قدرها 25 دولارا أمريكيا للشخص.
ونظم اللاجئون الفلسطينيون من سوريا اعتصاما
دائما أمام مقر وكالة «الأونروا» الرئيسي مقابل المدينة الرياضية في بيروت، وعززوا
اعتصامهم بإقامة خيمة الاعتصام، التي أطلقوا عليها»الخيمة 194» تيمناً بالقرار الأممي
الذي ينص على عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم، وأقامت شادر إضافي، تحسّباً للأحوال
الجويّة والمنخفضات المقبلة، لاستمرار الإعتصام حتّى تحقيق المطالب، حسبما أفاد الناشط
على الاعتصام ابراهيم المدني .
وأشار المدني، إلى أنّ المعتصمين حاليّاً
يغلقون الباب الرئيسي لمقر الوكالة، فيما يعتزم الأهالي تصعيد اعتصامهم، لافتاً إلى
حملات دعم تأتي للمعتصمين من قبل اللاجئين الفلسطينيين في لبنان عبر زيارات قامت بها
عدّة روابط ولجان، أمّدت المعتصمين بالغذاء.
ولم تقتصر فعاليات الاعتصام، داخل الخيم
وعلى الجلوس أمام المقر وترديد الهتافات والشعارات، إنمّا بدأ النشطاء بالقيام بجلسات
توعية حول تقليصات وكالة «الأونروا» ومدى خطورتها، فيما تؤكّد المطالب على تنفيذ خطة
طوارئ صحية وإغاثية وتربوية عاجلة شاملة ومستدامة لجميع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان،
وفي مقدمتها بدل إيواء كامل وبدل غذاء كامل، وحماية كاملة للاجئين الفلسطينيين المهجرين
من سوريا، حسبما أضاف الناشط المدني.
وأعلن ناشطون مشاركون في خيم الاعتصام أمام
مقر «الأونروا» الرئيسي أن تحركاتهم الاحتجاجية الغاضبة في «الخيمة 194» التي نصبوها
أمام المقر سوف تستمر، رفضًا لقرار تقليص المساعدات المالية النقدية، التي خصصتها الوكالة
لهم كبدل إيواء ومعونة غذائية. ومن الاعتصام المفتوح المقام أمام مقرّ «أونروا» قال
اللاجئ الفلسطيني المهجر من سوريا، محمود الشهابي، إنّ «خيمة الاعتصام، قد شهدت انهيارًا
بسبب حالة الجو العاصف، فيما لم تتحرك الوكالة، للنظر إلى حال المعتصمين، أو تقديم
المساعدات لهم».
وحذّر الشهابي، أنّه «في حال عدم قيام المدير
العام للوكالة بلقاء المعتصمين وتنفيذ مطالبهم، فإنّ التصعيد قادم ومتصاعد».
أما اللاجئة الفلسطينية المهجرة من سوريا،
أم سعيد، والتي تقطن داخل خيمة في منطقة البقاع اللبناني، بإجار يبلغ 250 دولارا أمريكيًا،
اضطرت بسبب توقف «الأونروا» عن دفع مستحقات بدل الإيجار إلى ترك خيمتها والمبيت في
الشارع، وفقًا لقولها.
وتابعت أم سعيد «أمام هذه المعاناة، كان
من المفترض بالوكالة أن تقف جنبًا إلى جنب مع اللاجئ لمساعدته على تخطي الأزمة التي
تعصف بلبنان».
وأشارت أم سعيد، إلى أنّ الكثير من اللاجئين
الفلسطينيين، يعيشون ذات المأساة التي تمرّ بها هي وعائلتها، إذ إنّ عائلات فلسطينية
كثيرة، بات مصيرها الشارع، لعدم تمكنهم من دفع إيجارات منازلهم.
وأردفت أم سعيد، «لقد عشنا الذلّ والتعب
والمهان، ولا نريد لأطفالنا أن يعيشوا هذا الحال».
من جهتها اللاجئة الفلسطينية المهجرة من
سوريا، ماجدة جابر، فأشارت إلى حال المنازل الفلسطينية المتدني والمهترء داخل المخيمات.
ويوضح الناشط والإعلامي والشاعر إبراهيم
المدني، بأن «المسألة ليست فقط من أجل رفض اقتطاع المساعدات المالية النقدية كبدل إيواء،
نحن جئنا من أجل ملفات عدة بدأت الأونروا بتقليصها تدريجياً منذ زمن بعيد، بدءاً بمحاولة
إنهاء تاريخ وجغرافية فلسطين كمقدمة لإنهاء حق العودة، وصولاً إلى التقليص التدريجي
والممنهج للخدمات على كل الصعد، كالطبابة والاستشفاء والتعليم والتشغيل وغيرها».
ودعا المدني الوكالة الأممية إلى إعادة
تفعيل ملفات الإغاثة والتشغيل والتي أنشئت من أجلها، لافتا إلى أن «الشعب الفلسطيني
بتحركاته هذه يؤكد على أنه ما زال حياً ومتمسكاً بقضيته، ولن يتنازل عن حق العودة إلى
فلسطين».
وعبَّر النازح الفلسطيني فادي منصور والمقيم
في مخيم شاتيلا، عن رفضه لقرار الأونروا الظالم بإقتطاع جزء كبير من المساعدات النقدية،
والذي جاء كالصاعقة على مئات العائلات المهددة بالتشرد بسبب غلاء المعيشة وإرتفاع إيجارات
البيوت.
وأكد على أنه باقٍ ولن يغادر خيمة الاعتصام
ليس فقط حتى عدول «الأونروا» عن قرارها، بل أيضًا عليها إقامة مشاريع إنمائية وتربوية،
من أجل إيجاد فرص عمل لآلاف اللاجئين الفلسطينيين في المخيمات، الذين يعيشون أوضاعًا
صعبة للغاية. وتؤكد النازحة الفلسطينية في مخيم برج البراجنة والمشاركة في الخيمة»194»
هدية زهرة، بأن «الوضع مأساوي على كل اللاجئين الفلسطينيين، إن كان نازحاً أو مقيماً،
منذ سنة ونحن نطالب الأونروا بوضع خطة طوارئ لمواجهة كورونا ولم نسمع إجابة حتى الآن».
وتضيف: «نتعرض لمعاناة شديدة داخل المخيمات،
نصرخ من الألم ولا يسمع صراخنا أحد، وللأسف الأونروا لا تقدم لنا ما يكفي بل واتخذت
قرارات بتقلص خدماتها». يذكر أن وكالة «الأونروا» قامت مؤخرًا بتقليص مساعداتها المالية
النقدية وخدماتها الإنسانية المقدمة للنازحين الفلسطينيين من مخيمات سوريا في لبنان،
وذلك بتخفيض بدل إيواء من مئة دولار إلى خمسة وعشرين دولار شهريًا.