الإثنين، 04
أيار، 2020
للعام السادس على التوالي يفتقد اللاجئ الفلسطيني
"محمد علي" تلك اللحظات الحميمية التي كانت تجمعه مع أسرته في رمضان.
وقبل 6 سنوات غادر "محمد" مصطحبا زوجته
وأبناءه مخيم حندرات في حلب، قبيل اقتحام قوات النظام المخيم، ليتوجه إلى مدينة سرمدا
في الشمال السوري.
في حين آثرت بقية العائلة الذهاب إلى حي حلب الجديدة
الخاضع للنظام، ومنذ ذلك الحين لم ير "محمد" والديه، ويسرد لـ"قدس برس"
ذكريات رمضان قبل الرحيل.
وقال: "كان اليوم الأول من الشهر الفضيل لاجتماع
العائلة في منزل أبي الكبير، حيث كان الإفطار في ساحة الدار، التي تتوسطها نافورة تضفي
على المكان جوا مريحا وممتعا للجميع، للأسف لقد حرمنا تلك الأجواء".
وتشارك "إسراء" زوجها مرارة البعد عن
الأهل، وتقول لـ"قدس برس": "في كل عام لنا غصة في شهر رمضان، لك أن
تتخيل مشاعري عندما يدعو أخي الأكبر والدي وأخواتي وأزواجهم وأولادهم إلى الإفطار،
أتذكر ضحكات أمي ومزاح إخوتي تمتزج مع قرقعة الملاعق والصحون، أتخيل أبي وهو يلاعب
أحفاده ويصعدون على ظهره، كلهم تجمعهم سفرة رمضان إلا أنا".
وتضيف: "في هذه اللحظات أشعر أننا أيتام محرومون
دفء عائلاتنا، أولادي لم يخوضوا تجربة العلاقة مع جدهم أو جدتهم أو أي من أخوالهم وأعمامهم،
بل لم يعرفوا تلك المشاعر!".
وتحاول "إسراء" الخروج من حزنها فتتحدث
عن ذكرياتها الجميلة: "كان زوجي يفاجئ أهلي في مدينة حماة، فنسافر إليهم ونصل
قبيل الإفطار، محملين بالمأكولات الجاهزة والحلويات، كانت تلك لحظات رائعة لا تنسى،
ولك أن تتخيل سعادة أبي وأمي وأخواتي حينها".
وفي حي دمر بريف دمشق، يستجمع "أبو علاء عبويني"
خلاصة لوعته واشتياقه لأبنائه.
ويقول "أبو علاء": خرجنا من مخيم اليرموك
قبل الحصار، وأقمنا في حي دمر، تاركين خلفنا محلنا، وفقدنا مصدر رزقنا، فاضطر أولادي
للسفر خارج البلاد، واستقر نجلي في السويد، في حين أقام أخوه في ألمانيا، أما ابنتنا
الوحيدة فقد تزوجت واستقرت في الأردن.
ويضيف: "أعيش اليوم أنا وأم علاء مع ابننا
الصغير وحدنا، وكل رمضان نتقدم في السن ويزداد شوقنا لأولادنا عاما بعد عام، ولا أعلم
إن كنت سألتقي بهم يوما أو لا".
وتابع: "في رمضان هذا العام فقدنا كل مظاهر
البهجة، حتى العزائم التي كنا نتبادلها مع الأقارب والأصدقاء توقفت هذا العام، بسبب
الظروف الاقتصادية الصعبة وجائحة كورونا".
وعن أكثر الأشياء التي تذكره بأبنائه، أجاب:
"لكل واحد منهم شيء خاص، فابنتنا نذكرها كلما طبخت أمها ملوخية، حيث كانت الأكلة
المفضلة لها، وكانت وهي صغيرة تأكلها بشراهة وبطريقة مضحكة".
وتجسد هذه العائلات وضعا اجتماعيا متناثرا للعائلات
الفلسطينية التي هُجّر أو هاجر أبناؤها إما إلى الشمال السوري أو إلى خارج البلاد،
بسبب الحرب التي تسببت بتفريق العائلات وتشتيتها، ناهيك عن الذين التهمتهم والمفقودين
والمعتقلين في السجون.
وبحسب مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا، فإن
أكثر من 4000 فلسطيني قتلوا منذ بداية الحرب في سوريا، في حين وصل عدد المعتقلين والمفقودين
إلى أكثر من 2100 فلسطيني، فضلا عن العائلات التي غادرت سوريا منذ عام 2011 التي يقدر
عددها بـ200 ألف.