عائلات تنتظر
العودة إلى مخيم اليرموك... و214 قتيلاً تحت التعذيب
«الحياة»، أ ف
ب -
تجمع عشرات
الفلسطينيين بينهم نساء وأطفال الإثنين على مدخل مخيم اليرموك في جنوب دمشق، آملين
في العودة إلى منازلهم التي تركوها منذ أكثر من عام، إثر الإعلان عن التوصل إلى
اتفاق لخروج المسلحين.
وأفادت «الهيئة
الوطنية الفلسطينية» في مخيم اليرموك بأن السلطات السورية أفرجت عن تسعة شبان
وامرأة من اللاجئين الفلسطينيين من سكان المخيم، وأنهم توجهوا إلى كنيسة تحت سيطرة
القوات النظامية في دمشق. وقالت «مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية» إن 14
فلسطينياً قتلوا تحت التعذيب في معتقلات النظام في الشهر الجاري، ما رفع إجمالي
عدد ضحايا التعذيب إلى 214 ضحية منذ ثلاث سنوات.
كما توافدت
أعداد كبيرة من سكان المخيم إلى ساحة الريجة «أملاً في تطبيق بنود الاتفاق الذي
أبرم منذ يومين لفك الحصار عن مخيمهم وعودة الأهالي إليه، إلا أن شيئاً لم يطبق من
بنود المبادرة على أرض الواقع، في ظل تضارب الأنباء عن السبب الحقيقي الكامن وراء
عدم تنفيذ الاتفاق»، وفق «مجموعة العمل».
وأفادت شبكة
«سمارت» المعارضة ان قوات النظام و»القيادة العامة» وضعت شروطاً جديدة لتنفيذ
الاتفاقية وأنها «طلبت مناقشة وثيقة الاتفاقية مرة أخرى، بينما تحاول «القيادة
الفلسطينية» وضع عراقيل أمام تنفيذها، كما اختلف الطرفان على بندي تسوية أوضاع
المسلحين، والقوة المشتركة داخل المخيم».
وحمل نشطاء
فلسطينيون «جميع الأطراف الموقعة على الاتفاق بما فيها الدولة السورية المسؤولية
الكاملة عن تطبيق البنود كافة ومحاسبة الأطراف المعرقلة وفضحها على العلن».
وكان مسؤول
فلسطيني أفاد «فرانس برس» بتوقيع اتفاق بين مسؤولين فلسطينيين وسوريين وممثلين عن
الفصائل، يقضي بخروج المسلحين من المخيم وعودة السكان، إلا أن هذا الاتفاق لم يبدأ
تنفيذه بعد.
وتجمعت
العائلات في ساحة البطيخة، المدخل الشمالي للمخيم، حيث يقام حاجز للقوات النظامية
ويوجد مركز للشرطة. وجلس المنتظرون على العشب تحت أشعة شمس حارقة، فيما تفيأ بعض
الأطفال بظلال الأشجار.
وقالت سيدة في
الثلاثين من العمر ترتدي جلباباً أسود اللون وتحمل صحناً ممتلئاً بالبيض: «سمعت
بالاتفاقية وأتيت لأعود إلى المنزل بعدما اشتريت مؤونتي الغذائية، لكنهم (العناصر
على مدخل المخيم) لم يسمحوا لي بالدخول بعد» بسبب عدم خروج المسلحين.
وقالت أميرة
(44 عاماً) التي تعمل مصففة شعر: «خرجت من المخيم منذ سنتين وتبهدلنا كثيراً»،
مؤكدة الإصرار «على البقاء على أبواب المخيم حتى نجمع كل العالم ونقوم باعتصام ولن
نغادر حتى نعود إلى منازلنا».
وتحاصر القوات
النظامية مخيم اليرموك منذ حوالى سنة بعدما سيطر المقاتلون على غالبية أحيائه.
ويعاني المخيم من نقص فادح في المواد الغذائية والأدوية، تسبب بوفاة حوالى مئتي
شخص. وتراجع عدد سكانه من 150 ألفاً قبل اندلاع الاحتجاجات المناهضة لنظام الرئيس
بشار الأسد في منتصف آذار (مارس) 2011، إلى حوالى 18 ألفاً.
وتم السبت
توقيع اتفاق بين ممثلين عن النظام ومنظمة التحرير الفلسطينية و «وكالة غوث وتشغيل
اللاجئين الفلسطينيين» (أونروا) ) وفصائل من المعارضة المسلحة، قضى بخروج المسلحين
من المخيم «خلال ساعات».
وشمل الاتفاق
بنوداً عدة أبرزها انتشار المسلحين في محيط اليرموك وتسوية أوضاع من يرغب منهم،
ورفع الحواجز وإزالة الأنقاض ودخول ورش الصيانة تمهيداً لعودة السكان، وفق ما أفاد
مدير الدائرة السياسية في منظمة التحرير في سورية أنور عبدالهادي، فرانس برس
الأحد.
إلا أن جمعة
العبدالله، عضو اللجنة المركزية في «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة
العامة» بزعامة أحمد جبريل، وهي فصيل موالٍ للنظام السوري، قال: «كان من المفترض
أن يتم التنفيذ منذ يوم الأحد إلا أن بعض الفصائل الممثلة بأكناف بيت المقدس
(مقربة من حركة حماس) لم توقع هذه المبادرة، وهذا لا يدعونا إلى التفاؤل كثيراً
(...) بخاصة أننا عقدنا مبادرة (سابقة) معهم وجرى الانقلاب عليها».
ويشير
العبدالله بذلك إلى الاتفاق الهش الذي تم التوصل إليه في شباط (فبراير) الماضي ولم
يصمد سوى أسابيع، وقضى بانسحاب غالبية مسلحي المعارضة وبقاء المسلحين الفلسطينيين
في المخيم. وأتاح هذا الاتفاق إدخال مساعدات غذائية وإجلاء مدنيين بينهم محتاجون
لعلاج صحي.
إلا أن جزءاً
من المسلحين عاد بعد فترة، بسبب تذرع «جبهة النصرة» خصوصاً بعدم التزام قوات
النظام بتعهداتها فك الحصار في شكل كامل ودخول مساعدات كافية. وعادت الاشتباكات
بتقطع إلى المحاور. وقدر العبدالله عدد المسلحين الموجودين حالياً داخل المخيم
بالمئات.
وعلى رغم عدم
البدء بتنفيذ الاتفاق، يعرب أبو فادي عن تفاؤله نظراً «إلى حدوث مصالحات في الكثير
من المناطق»، في إشارة إلى اتفاقات بين النظام ومقاتلي المعارضة خلال الفترة
الماضية في مناطق قرب دمشق.
وتؤكد أم شادي
(40 عاماً) إصرارها على العودة إلى المخيم الذي أصابه دمار كبير. وتقول «أنتظر
أمام المخيم منذ يومين... وسأعاود المجيء كل يوم حتى أعود إلى منزلي».
المصدر: الحياة