«فلسطينيّو سورية» في
لبنان: دولار واحد يومياً لكل عائلة ... بدل طعام !
الدولة اللبنانية منعت دخولهم ...
و«الأونروا» قررت وقف مساعدتهم
الإثنين، 15 كانون الأول، 2014
مصادر فلسطينية تخوّفت من «مخطط
مشبوه» لتهجير النازحين الفلسطينيين من سورية واللاجئين في مخيّمات لبنان الى دول
غربية وأوروبيةتقلّب النازحة الفلسطينية ايمان ابو العلا كفّيها وهما خاويتان على
ما فيهام، اذ تقف عاجزة عن تأمين كلفة عملية جراحية لولدها الذي يعاني مشكلة في
القلب والذي يقيم في روضة «بدر» عند خط السكة في مخيم عين الحلوة (صيدا) مع 74
عائلة نزحت قسراً من سورية، وما زالت 14 عائلة منها تقطن في خيام وتتمايل مع رياح
الشتاء وتساقُط الأمطار.
ومعاناة النازحين من سورية التي بدأت
قبل اربعة أعوام مع الأحداث الأمنية الدامية تتواصل فصولاً وهي مفتوحة على مآس
انسانية لا تنتهي اذ لكل عائلة حكاية، فيما العبء يزداد على مدينة صيدا ومخيماتها
التي تحتضن نحو 6600 عائلة سورية بينها 2400 عائلة فلسطينية في مخيم عين الحلوة
وحده. علماً ان بلدية صيدا والمؤسسات الاهلية الاغاثية اللبنانية والفلسطينية
تتحمّل بمفردها مسؤولية اغاثة ومساعدة هؤلاء في ظل غياب الدعم الرسمي والدولي
والذي كان آخر تجلياته استثناء بلدية صيدا من المخصصات الدولية بقيمة عشرة ملايين
دولار كانت قد رصدت لبلديات المناطق التي تحتضن نازحين سوريين، بالاضافة الى شطب
الاونروا لنحو 1100 عائلة فلسطينية نازحة وحرمانها الخدمات التي كانت تقدمها ومن
بينهم 600 عائلة موجودة في عين الحلوة.
اليوم، تُطبّق قوانين الدولة
اللبنانية بمنع دخول النازحين الفلسطينيين الى لبنان والحدّ من تنقلاتهم بحرية.
وقرار وكالة «الاونروا» وقف تقديم المساعدات الاغاثية والعينية لعدد كبير منهم،
ضيّق الخناق عليهم، وباتوا مع طول أمد الأزمة السورية يواجهون ظروفاً معيشية صعبة
ولا سيما على ابواب فصل الشتاء القاسي، حيث تجد عائلات بأكملها وسائل قليلة للبقاء
على قيد الحياة أو قد لا تجدها على الإطلاق.
وتؤكد مصادر فلسطينية لـ «الراي» ان
«عدد النازحين الفلسطينيين تقلص الى نحو 45 الفاً بعدما بلغ سابقاً اي منذ الازمة
ما يزيد على 60 الفاً وهو عدد قد يبدو ضئيلاً مقارنة بعدد النازحين السوريين الى
لبنان الذي ناهز المليون ونصف المليون، الا ان معاناة هؤلاء اكثر مرارة من أشقائهم
السوريين بسبب غياب الاحتضان والرعاية لهم، فالدولة اللبنانية لا تقدم لهم اي
مساعدات، تاركةً الامر الى المؤسسات الدولية الانسانية التي بدورها اوكلته الى
وكالة«الاونروا»التي يرتبط حجم مساعداتها بالدول المانحة، وقد اتخذت أخيراً قراراً
بوقف المعونات المالية والعينية عن نحو 1100 عائلة، فيما الدولة اللبنانية قررت
منع دخولهم عبر حدودها الشرعية، الا استثنائياً لجهة لمّ الشمل والحالات المرضية
وسواها من الضروريات الانسانية التي تتطلب اجراءات ادارية عديدة».
وتشير المصادر الى ان السبب وراء
الاجراءات اللبنانية «في ظاهره تطبيق القوانين بعد توقيف عشرات الفلسطينيين حاولوا
عبر مرافئها البرية والبحرية دخول مصر وليبيا وتركيا وقبرص وسواهم بطريقة غير
شرعية، وقد اعيد اللاجئون الفلسطينيون من لبنان الى أماكنهم، فيما تم إخراج
النازحين الفلسطينيين من سورية عبر المصنع تزامناً مع اصدار وزير الداخلية
والبلديات نهاد المشنوق تعميماً منع بموجبه حركة تنقّل الفلسطينيين من سورية، فيما
بدا واضحاً ان في خلفيات القرار اللبناني اسباباً امنية مع تسليط الاضواء على
المخيمات ولا سيما عين الحلوة على اعتبارها تؤوي الكثير من المطلوبين قد يشكلون في
مرحلة ما خطراً امنياً داهماً».
والى جانب قرار المنع اللبناني،
تفاقمت مشكلة الموجودين في الداخل، اذ بدأت تتشكل كتلة «غير شرعية» نتيجة انتهاء
مدة تأشيرات الاقامة، فقد قضت التشريعات قبل مايو الماضي بمنح الفلسطينيين من
سورية القادمين الى لبنان تأشيرة ترانزيت لمدة اسبوع الى ان يتمكنوا من نيل اقامة
لمدة 3 اشهر تُجدد مجاناً لمدة سنة، ليرتفع بعدها الرسم الى 200 دولار. غير ان تردّي
اوضاعهم المالية وعدم قدرتهم على الدفع، ادى الى التلكؤ في دفع المتوجبات المالية
والاستنكاف عن «تشريع» اوضاعهم ما ادى الى قيام كتلة مجهولة العدد وبلا اوراق
رسمية، ولا سيما مع عدم تسجيل معاملاتهم المدنية كالزواج والوفيات والولادات التي
قدّرتها «الأونروا» بنحو 1200 طفل يبصرون النور سنوياً بين الفلسطينيين النازحين
من سورية.
واوضح رئيس اتحاد المؤسسات الاسلامية
في مخيمات صيدا ابو اسحق مقدح لـ «الراي» ان النازحين الفلسطينيين «يتقاضون مبالغ
ضئيلة كمساعدات اذ لا تتعدى مساعدة العائلة النازحة 100 دولار كبدل ايواء و30
دولاراً كبدل طعام شهري»، مشيرا الى ان «طول الازمة جعل بعض المؤسسات وبعض الناس
يحجمون عن التبرعات، فيما الأزمة ما زالت قائمة وبالعكس فهي تزداد يوماً بعد يوم،
اذ نتحدث عن 2400 عائلة مستأجرة وهؤلاء اذا لم نؤمن لهم مأوى فهم عرضة للتشرد وان
يكونوا عبئاً على مجتمعهم، وعن 10000 نازح موجودين ضمن مساحة كيلومتر مربع واحد هو
اساساً مهترئ اقتصادياً ومكتظ بأهله اي بالـ 100 الف نسمة الموجودة في عين الحلوة
ولا يوجد فيه اصلاً خدمات وهو عبء على عبء. وهذه الازمة يوماً بعد يوم تزداد
مشاكلها مع ما يترتب عليها من تداعيات اجتماعية على شكل تسرب مدرسي وتسوّل وغيرها
من المشاكل التي تزيد يوماً بعد يوم، في حين توجد قلة من المتبرعين وقلة مساعدات
للمجتمع المحلي اساسي كما لأهلنا النازحين، وهذا كله يكوّن اعباء على مؤسسات
المجتمع المحلي»، مؤكداً «ان هناك خطراً آتياً علينا اذا لم تتراجع الاونروا عن
قرارها بتقليص الخدمات، ونحن نعتبر ان الاونروا هي المسؤولة الاولى عن قضية النزوح
وعن قضية اهلنا ومساعدتهم».
هذه الظروف الانسانية الصعبة وطول
أمد الأزمة السورية حتى الآن دون ان تلوح في الافق اي حلول قريبة لها، دفعت القوى
الفلسطينية الى دق ناقوس الخطر حيال مخاوف حقيقية «من مخطط مشبوه لتهجير النازحين
الفلسطينيين من سورية واللاجئين في مخيمات لبنان الى دول غربية واوروبية تحت مبرر
البطالة والضائقة الاقتصادية والحرمان من الحقوق المدنية والاجتماعية»، كاشفة عن
«تفاصيل مخيفة حول وجود اماكن شبه رسمية لتسجيل الراغبين بالهجرة ومنها في مدينة
صيدا وبعض المخيمات الفلسطينية مع تداول معلومات عن وجود مندوبين يجولون في
المخيمات تحت ذرائع مختلفة بما يشبه (رابطة لتهجير الفلسطينيين) بشقيهم النازح
السوري واللاجئ في لبنان، وهي تطلب تدوين الاسماء وأرقام بطاقات الاعاشة من
الاونروا وارقام الهواتف او اي آلية للتواصل، على ان اللافت والخطير هو التنسيق مع
بعض السفارات الاجنبية تحت عنوان (اللجوء الانساني) وكأنهم هم الذين يبادرون الى
طلب الهجرة».
المصدر: الراي