القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الثلاثاء 21 كانون الثاني 2025

فلسطينيو سورية

مخيم الحسينية وعود متجددة تفتقر للتطبيق

مخيم الحسينية وعود متجددة تفتقر للتطبيق


السبت، 08 آب، 2015

في موقف جديد وبعد عشرات الوعود لأهالي مخيم الحسينية بقرب عودتهم إلى منازلهم ، ضرب علي حيدر وزير المصالحة الوطنية في الحكومة السورية موعداً جديداً لعودتهم مؤكدا أنهم سيعودون إلى منازلهم بداية الإسبوع القادم و بشكل منظم و يومي بعيداً عما أسماها التعقيدات الإدارية.

و جاء ذلك في معرض لقائه بمدير وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في سوريا مايكل كين نيلسي نينا، تناولا خلاله أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في سوريا عامة .

و يشار إلى أن سكان مخيم الحسينية غير المعترف فيه من قبل الأونروا يضم قرابة 55 ألف لاجئ فلسطيني بالإضافة لما يقرب من 30 ألف مواطن سوري بدؤوا تدريجياً بالنزوح عنه منذ بداية النصف الثاني من العام 2012 ، بعدما تمددت بإتجاهه المواجهات المندلعة بين جيش النظام و كتائب المعارضة المسلحة التي اتخذت من منطقة الذيابية المحاذية لمخيم الحسينية معقلا لها و منطلقا لعملياتها.

قام النظام السوري بأولى عمليات اقتحامه لمخيم الحسينية يوم 21تموز يوليو 2012 بعد اقتحامه منطقة الذيابية و تمشيطها ، ما سبب حالة من النزوح بسبب القصف العنيف و العشوائي والأعمال الحربية التي لم تسلم منها البنى التحتية وارواح السكان ، وشن النظام في الأثناء حملة دهم وتفتيش للمخيم اعتقل خلالها العشرات من أبنائه ولا يزال مصير بعضهم مجهولا إلى يومنا هذا ، بينما أعدم آخرين إعداما ميدانيا.

و بعد تراجع حدة الاعمال القتالية داخل المخيم عاد من نزح من الأهالي بدأت الحياة فيه تعود تدريجيا إلى طبيعتها مع بقاء التوتر في المناطق المحيطة والمفتوحة على المخيم كمنطقة الشيخ عمر والبويضة و بساتين بلدة حجيرة في شماله الغربي التي كانت تشهد مع منطقة الذيابية قصفا واشتباكات شبه يومية و كذلك بلدة البحدلية الواقعة في الشمال الشرقي للحسينية والملاصقة لمنطقة السيدة زينب معقل المليشيات الموالية للنظام السوري التي ما انفكت تقصف المخيم بين فينة و أخرى بقذائف الهاون بشكل عشوائي و تعتقل على الهوية بعض أبنائه المدنيين و تنكل بهم بسبب عنوان السكن فقط .

المواجهات شبه الدائمة في المناطق المحيطة بمخيم الحسينية كانت تؤدي لحالات نزوح متتابعة لسكان تلك المناطق إليه الذي بدوره فتح أبوابه للنازحين و نظم أهله غير مرة حملات إغاثة و إيواء لهم في مدارس الأونروا والمدارس الرسمية التابعة للدولة ، بينما فتح العديد من أهالي المخيم منازلهم أمام الضيوف النازحين من البلدات المجاورة حيث أشرف على أعمال الإغاثة هناك بعض وجهاء المخيم و أئمة المساجد و بعض الجهات الخيرية التابعة للفصائل الفلسطينية ، كهيئة فلسطين الخيرية.

لم يدم هذا الحال طويلاً حتى عادت وتيرة الاشتباكات إلى أطراف المخيم من جهة طريق السيدة زينب على الطرف الشرقي للمخيم و عاد النظام لاستهدافه بالقصف المدفعي بشكل يومي وبدأ بنصب الحواجز العسكرية ورفع السواتر الترابية من الجهة الجنوبية حيث مساكن نجها العسكرية ما بات يعرف بحاجز السكة والذي اشتهر لاحقاً بتجاوزاته و انتهاكاته بحق سكان المخيم ، ومن الجهة الجنوبية الشرقية الواقعة تحت سيطرة الجيش السوري النظامي من جهة طريق السويداء دمشق الذي ما لبث أن أغلقه الجيش السوري بوجه السيارات ثم بوجه المشاة بشكل نهائي وأطبق الحصار على المخيم وقطع التواصل نهائياً بإتجاه مناطق سيطرة النظام بينما بقي مفتوحا بإتجاه بلدات الجنوب الدمشقي الخارجة عن السيطرة و المحاصرة أيضا ما تسبب بخلو الأسواق من المواد الغذائية وغلاء الأسعار وتوقف الأفران وانقطاع كل أسباب الحياة عنه من ماء ومحروقات وكهرباء وما إلى ذلك.

في أواخر الشهر تشرين الأول أكتوبر 2012 قام النظام بحملة عسكرية شرسة استهدفت مخيم الحسينية والذيابية والبحدلية واستهدف المنطقة بالراجمات والمدفعية و غارات الطيران الحربي بشكل مكثف ما أدى لانسحاب قوات المعارضة منه والتي إتسم أداءها بالفوضى و التجاوزات و التفلت ، حيث انتهى الأمر باقتحام النظام للمنطقة مدعوماً بمليشيات السيدة زينب فارتكب مجزرة في منطقة الذيابية راح ضحيتها أكثر من 250 ضحية بعضهم من الفلسطينيين ، وشن حملة اعتقالات طالت العشرات من أبناء مخيم الحسينية فيما قام أيضاً بحرق بعض المنازل و المتاجر العائدة لسكان المخيم والاعتداء على الممتلكات الخاصة ، في غياب تام لدور الفصائل الفلسطينية و صمت منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي و الوحيد للشعب الفلسطيني .

انسحبت قوات النظام بعد إسبوع من العملية العسكرية التي خلفت دمارا كبيرا في الممتلكات وعشرات الضحايا بين شهيد وجريح ومفقود أو معتقل لتعود إليه فصائل المعارضة السورية المسلحة التي عرفت بتجاوزاتها أيضاً بحق المدنيين هناك وعدم انضباط عناصرها حيث تعرضت عشرات المنازل في مخيم الحسينية للسرقة بغياب سكانها من قبل بعض الفصائل ، و بقي مخيم الحسينية على هذه الحال حتى أواخر عام 2013 و تحديداً في 23تشرين الأول اكتوبر 2013 حيث شن النظام عملية عسكرية أخرى استهدفت مخيم الحسينية مدعوماً بمليشيات عراقية و عناصر فلسطينية من فتح الانتفاضة وجبهة النضال التابعة لخالد عبد المجيد و دار قتال شرس استمر حوالي الأسبوع سيطر بعدها النظام والفصائل الموالية له على مخيم الحسينية بشكل كامل ونزح السكان من جديد بإتجاه مخيم اليرموك و ببيلا و يلدا بينما أعتقل من تبقى من أهالي المخيم الذين قدروا بألف شخص وتم نقلهم إلى مدرسة في منطقة السيدة زينب حيث فصل الرجال عن الأطفال و النساء ، ونقل الرجال إلى مراكز للتحقيق ولم يخرج منهم حتى اللحظة إلا عدد قليل جداً بينما غيب المئات في غياهب المعتقلات .

منذ ذلك الوقت استبيح المخيم للقوات النظامية حيث جرت عمليات نقل لأثاث المنازل والمساجد وتم تفريغ المخيم من كل شيء تقريبا بينما سمح لعدد قليل من سكانه بعد الموافقة الأمنية أن يعودوا لإخراج أثاث منازلهم من المخيم ، و أغلق بعدها المخيم بشكل نهائي بوجه المدنيين الذين شكل بعضهم من خلال الفصائل الفلسطينية المقربة من النظام ومسؤول حزب البعث في المخيم وبعض المخاتير والوجهاء شكلوا وفداً بدأ يجول على القصر الجمهوري و مكاتب بعض أعضاء مجلس الشعب ومكتب وزير المصالحة الوطنية في دمشق علي حيدر وتلقوا خلالها عشرات الوعود والتعهدات بالعمل على عودتهم إلى منازلهم ، الأمر الذي لم يتم حتى يومنا هذا ، فهل يمتلك وزير المصالحة القدرة هذه المرة على الوفاء بوعده الجديد للأهالي المشردين في مخيمات جرمانا و دنون وبعض مراكز الإيواء في دمشق بما قاله لمسؤول الأونروا وتفتح أبواب مخيم الحسينية أمام من تبقى من أبنائه الذين إبتلع البحر بعضهم و غاب بعضهم الآخر بين مهاجر و معتقل ومفقود وشهيد ؟

المصدر: مجموعة العمل من اجل فلسطينيي سورية