القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
السبت 18 كانون الثاني 2025

فلسطينيو سورية

مخيم اليرموك مفتوح على مزيد من الصراعات

مخيم اليرموك مفتوح على مزيد من الصراعات


السبت، 04 نيسان، 2015

آخر ما كان ينقص مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في ريف دمشق أن يحتله تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام»-»داعش».

وكأن القدر قد كتب على ساكنيه تغريبة تلو الأخرى، من الجوع إلى القتل والتشرد والتهجير وقطع الرؤوس، فيما تحبس المناطق المجاورة أنفاسها، مترقبة مصيرها الذي بات في غاية الخطورة.

ويمكن القول إن المخيم وساكنيه قد التزموا النأي بالنفس نسبياً عن الأحداث في السنة الأولى من عمر الأزمة، غير أن تحييد المنطقة عن الصراع لم يدم طويلاً، فمع انطلاق «معركة دمشق» في تموز العام 2012 شكل جنوب العاصمة نقطة التحرك الأولى لمقاتلي «الجيش الحر» آنذاك، فتقدموا من التضامن والحجر الأسود وببيلا ويلدا وبيت سحم، ليتحول المخيم إلى نقطة استقطاب للنازحين بداية، قبل أن ينضم إلى ركب المواجهات سريعاً.

ومع استعادة الجيش السوري زمام السيطرة عاد الهدوء إلى المنطقة، قبل أن تتجدد الاشتباكات في كانون الأول من العام 2012، ما سبب أزمة نزوح كبيرة للمدنيين المقيمين فيه، ويطلق الجيش عملية عسكرية عمدت إلى تطويق جنوب العاصمة بالكامل وتشديد الحصار عليه لمدة سنتين، حيث انضمت كل من ببيلا ويلدا إلى اتفاقيات المصالحة.

وفي الوقت الذي نجح فيه الضغط الشعبي في إخراج «جبهة النصرة» من بيت سحم، فشلت جميع الاتفاقيات لتوقيع هدنة في مخيم اليرموك، والتي وفاق عددها 15 اتفاقاً، أبرزها ما تم توقيعه في شباط العام 2014، وسقط بعد يومين على خلفية إعادة تمركز «النصرة» في نقاط وسط المخيم، ومعها كل من «كتائب ابن تيمية» و «أكناف بيت المقدس». ومنذ ذلك الحين تبسط هذه الفصائل سيطرتها على جزء من المخيم يتصل بكل من الحجر الأسود وشارع من حي التضامن، فيما تسيطر «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة» على مدخله لجهة حي الزاهرة وشارع نسرين في التضامن.

كيف احكم المسلحون قبضتهم على المخيم؟

مع اشتعال المعارك جنوب دمشق قبل سنتين ونصف السنة لم تكن «جبهة النصرة» بالقوة التي هي عليها اليوم، واعتمدت في المقام الأول على استقطاب مقاتلي «الجيش الحر» المحليين وتقديم امتيازات اعلى من تلك التي كانوا يحصلون عليها، فتوسعت تدريجياً مقابل تراجع «الحر»، وبدء تمركز عناصر من «جيش الإسلام» و «أحرار الشام»، الذين لم يتمكنوا من صد تقدم القوات السورية في عدة محاور، مثل السبينة وحجيرة والذيابية والحسينية.

وبقيت أعين جميع الفصائل مشدودة نحو المخيم، الذي يعتبر الأقرب الى مدخل العاصمة من الجهة الجنوبية، ومن يسيطر عليه يستطيع أن يشن هجمات على احياء، مثل الزاهرة والميدان، وهو ما تحلم به «النصرة» التي مازالت تراهن عن معركة قرب دمشق، ما شجعها على إفشال جميع محاولات الهدن وتحييد المخيم عن الصراع.

لكن اهتمام «النصرة» بالمخيم كان اكثر من الجميع، وخاصة بعد أن اضطرت للانسحاب من باقي البلدات التي دخلت في خط المصالحات، فتعززت سطوتها تدريجياً، ما دفع بعض المجموعات الى الانشقاق ومغادرة المخيم، ولو إلى مناطق الجيش والدفاع الوطني.

ولعل نشأة «جبهة النصرة» و «الدولة الإسلامية» ساعدت على تصفية «أكناف بيت المقدس» الأقل تشدداً نسبياً، وأطبقا على كامل المنطقة، بعد التزام «أحرار الشام» النأي بالنفس عن قتال الطرفين، ومستفيدة من خشية أو رفض كافة مجموعات «الجيش الحر»، بمن فيها «جيش الإسلام»، إرسال مقاتلين لوقف القتال أو إخراج «داعش» من اليرموك. ويؤكد أكثر من مصدر ميداني معارض في الجنوب الدمشقي أن كافة المؤازرات التي تحدثت عنها «التنسيقيات» وصفحات المعارضة لم تكن أكثر من استعراض إعلامي لا أكثر.

هل تنهار المصالحات في جنوب دمشق؟

إذا كان «داعش» قد احكم قبضته نسبياً على مخيم اليرموك، فإن أبناء المناطق المجاورة سيحبسون أنفاسهم في الأيام القليلة المقبلة ترقباً لمصير ما سيجري.

ففي المحصلة، بات عناصر «الدولة الإسلامية» على مقربة من مناطقهم، سواء تلك التي هادنت، مثل ببيلا، أو التي بقيت تحت سيطرة المسلحين مثل القدم والعسالي. ولدى «النصرة» و «داعش» قائمة حسابات طويلة لتصفيتها مع كتائب هذه البلدات، بعد أن أصبحت اكبر القوى المسلحة في الجنوب الدمشقي بعد عملهما المشترك، وبالتالي فإن احتمال الانتقام من المجموعات التي عملت على طرد الجبهة من بيت سحم وإضعافها في باقي المناطق بات اكبر من أي وقت مضى، فيما ستقف «أحرار الشام» في الغالب موقف الحياد على غرار ما فعلت في شمال سوريا.

ويضاف إلى ذلك أن تحكم القوتين معاً سيعني تغييراً في المعادلات الميدانية، وخطراً واسعاً يستهدف دمشق، سيكون عنوانه «داعش» لا «النصرة»، التي تؤكد المعلومات الميدانية تسليمها مقراتها الأمنية إلى «الدولة الإسلامية». ولعل تغير الاعتبارات الميدانية سيكون احد الأسباب التي تجعل أي عملية عسكرية في المنطقة محتملة جداً في الأيام المقبلة.

المصدر: السفير